المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

المصارحة الواجبة حول معبر رفح كتب عدلي صادق

كلما ارتفع صوت حمساوي, معلقاً على محنة إغلاق معبر رفح، يكون التركيز على الموقف المصري، مع تجاهل للمتطلبات والشروط الموضوعية، التي من شأنها إنهاء معاناة الناس في قطاع غزة. وكتب د. غازي حمد كلاماً ناقصاً ينم عن مثل هذا التجاهل، واصفاً سطوره بالتميز في المصارحة والإعراب عن المسكوت عنه، بما يلامس القول إن ثمة موقفاً مصرياً سلبياً، هو أصل المشكلة وفرعها. وكان الأجدر بهذه الصراحة، أن تحيط بكل جوانب الموضوع، لأن مصر لا ترغب ولا هي صاحبة مصلحة في التضييق على الشعب الفلسطيني في القطاع. وهناك شواهد كثيرة، تدل على العكس، وعلى أن الإغلاق يتعلق حصراً بطبيعة الهيمنة الحمساوية على القطاع، وأثرها على أمن مصر في سيناء. ومعلوم أن الدولة المصرية، وفي ظل ما يجري على أرضها من عمليات إرهاب، قد حسمت أمرها بإحالة أمر حماس، الى مربع “الإخوان” الذين يخوضون ضدها حرباً مفتوحة، بمساعدة قوى إقليمية واستخبارية، تسعى لتطويع مصر الكبيرة، لإرادتها، على النحو الذي لا يجيزه لها ثقل مصر الإقليمي وحجمها ودورها في التاريخ. فالموقف المصري حيال حماس، لم يأت من فراغ، لأن البراهين على منطقية الإحالة، وإن تكتم الحمساويون على أسرارها، تدل عليها اللوحات الإعلانية السياسية، في وسط مدينة غزة، مثلما دلت عليها لغة الإعلام الحمساوي.
منذ البداية، كتبنا نقول وننصح قائلين لحماس، إن أبسط ما يُفترض أن تعرفه وتلتزم به؛ هو ضرورة تحاشي الخصومة مع مصر، لأسباب يتعلق أولها بمصالح الناس التي يتوجب على من يحكمونهم أن يراعوها، وأن أي موقف من الجوار العربي، يُحسب بميزان سياسي واستراتيجي دقيق، ولا يُحسب بميزان حزب أو جماعة أو مشروع فئوي. وكانت حماس مضطرة الى ذلك لكنها تجاهلته، علماً أنها، ومعها جماعة “الإخوان” لم تكن مضطرة عندما أنشأت علاقة مع النظام السوري سمحت باستضافة المستوى السياسي وإتاحة الفرصة له لكي يعمل تنظيمياً في سوريا، وكان تنظيم الإخوان العام، في الإقليم، يتفهم أسباب ودادها مع نظام يطارد الحلقة الإخوانية السورية، الشقيقة للحلقة الفلسطينية، ولا يعترض عليه.
كتبنا مبكراً، إن واجب حماس الوطني، كان ولا يزال، هو أن تتحاشى الانحياز لطرف في النزاع في مصر بعد إطاحة حكم الجماعة، وأن تحافظ على علاقتها مع الدولة، على الأقل في سعيها الى المصالحة الفلسطينية. وعندما تفاقمت الأوضاع الأمنية في سيناء، وبات معلوماً أن الطرف الذي يحارب الدولة، هو نفسه الطرف الذي يخوّن “الإخوان” ويسترشد بفكر الظواهري الذي أصدر كتاباً لتكفير هذه الجماعة؛ كتبنا ننصح حماس بإظهار الاستعداد لمعاونة الأشقاء المصريين بدل الصمت المريب على العمليات الإجرامية التي تنفذها مجموعات السلفية الجهادية. وسمعنا مؤخراً، أن هناك محاولة متأخرة لاعتماد هذا الموقف، جاءت بعد أن أشتد ساعد السلفيين الجهاديين في قطاع غزة نفسه.
عندما يصارح الحمساوي الناس، بخصوص معبر رفح؛ يتوجب عليه أولاً أن يصارح جماعته، وأن يكون واقعياً، وأن يدفع باتجاه تطبيع العلاقة الحمساوية مع السلطة، على النحو الذي يسمح بتشغيل معبر رفح بعد إخلائه من عناصر الجماعة، وستكون هذه خطوة في اتجاه إعادة قطاع غزة الى حياته الطبيعية على كل صعيد. فالمصريون حسموا أمرهم، على أساس أن عودة منفذ رفح الى وضعه الطبيعي، لن تكون بوجود حماس على الجانب الفلسطيني من المعبر. هم يرون ان هذا الشرط ضرورة أمنية واستراتيجية بالنسبة لهم، فضلاً عن كونه خطوة أولى مهمة، في اتجاه وحدة الكيان الفلسطيني. إن هذا هو مربط الفرس، ولن تجدي محاولة حماس تحميل المسؤولية لمصر أو للسلطة الوطنية، لأن الشعب في غزة نفسها، لن تقنعه مثل هذه التعليلات.

Exit mobile version