المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

خبير قانوني: اغلاق شركة جوال يحمل أبعاد أخرى

مراقبون: تفاقم الإشكالية سيعصف بكافة القطاعات الفلسطينية وسيكرس الانقسام

أصدر النائب العام في قطاع غزة قرارا الخميس الماضي بإغلاق معرض شركة جوال بشارع الجلاء في قطاع غزة بدواعي التهرب من الضرائب وعدم دفعها ,وقامت الشرطة بغزة بتنفيذ القرار وإغلاق المعرض صباح اليوم الثلاثاء ,واحتجاجا على القرار أغلقت شركة جوال وشركة الاتصالات كافة معارضهما في قطاع غزة.
فيما أكد المدير التنفيذي للشركة عمار العكر أن مجموعة الاتصالات الفلسطينية ملتزمة بالقوانين والإجراءات الرسمية التي أقرتها السلطة الفلسطينية وما يصدر عنها من قرارات وتشريعات بما يشمل التزامها بسداد الالتزامات الضريبية لحكومة الوفاق الوطني.

المجموعة بين فكي الأسد
عانت شركة مجموعة الاتصالات الفلسطينية من ويلات الحصار على غزة وأثار الحروب والعدوان الإسرائيلي المتكرر خلال الأعوام الماضية على غزة مثلها مثل أي مؤسسة فلسطينية قدمت الشهداء والخسائر المادية وتأثرت بالحصار ,وفي فترة حكومة حماس في غزة كانت الشركة تقوم بعدة مشاريع بدلا من دفع الضرائب أبرزها مشروع تطوير شارع البحر “الكورنيش” ,إضافة إلى جانب العديد من المشاريع الاجتماعية والإنسانية في مساعدة الفقراء والمحتاجين واصدار المنح الدراسية الطلابية وغيرها من الخدمات الإنسانية.

الموقف القانوني
وبالإشارة إلى الموقف القانوني لما قام به النائب العام في قطاع غزة ضد شركة جوال أكد الخبير في القانون الدولي المستشار القانوني د عبدالكريم شبير على أن إغلاق شركة جوال بالإجراءات التي تمت لا يجوز , مشيرا الى أن الأصل أن يأتي للنائب العام قرارا اداريا من وزير المالية ,لافتا إلى أن وزير المالية في حكومة الوفاق الوطني هو صاحب الصلاحية إذا كانت التهمة الموجه للشركة “التهرب الضريبي” كما يدعي النائب العام في غزة.
وأوضح شبير الآلية المتبعة في هذا الإجراء قائلا: ” وزير المالية في حكومة الوفاق الوطني يقدم شكوى للنائب العام ويقوم على أثرها النائب العام بفتح تحقيق في الشكوى المقدمة ,ومن ثم يتخذ المقتضى القانوني بحقهم” ,لافتا إلى أن قرار الإغلاق يعتبر اداري ولا بد أن تبلغ به شركة جوال ,وهذا لم يحصل بحسب افادة الشركة وأنها لم تبلغ بأي قرار على الإطلاق حتى يتم منحها فرصة الاعتراض على هذا القرار أمام القضاء ومحكمة العدل العليا.
وحذر د شبير من تبعيات وآثار القرار والأضرار التي من الممكن أن تلحق بالشركة ,مشيرا إلى أن القرار مجحف بحق جوال وسيلحق بها ضررا كبيرا ,خصوصا وأنه يتعلق بالشق الخدماتي .
وأشار شبير إلى أن هذا القرار سيؤثر بشكل مباشر على سير حكومة الوفاق الوطني وسيشكل عائق من ضمن المعيقات لتعميق الانقسام الفلسطيني.

الأبعاد الحقيقية للقرار
وكشف الخبير في القانون الدولي عن الأبعاد الحقيقية للقرار الذي اتخذه النائب العام في قطاع غزة بإغلاق معرض شركة جوال في شارع الجلاء بانه ليست قرار تهرب ضريبي بقدر ما هو زعم الجهات الأمنية المختصة في قطاع غزة بأن شركة جوال لم تتعاون معهم في المسائل الفنية بتقديم تسجيلات لبعض المكالمات ,الأمر الذي ترفضه الشركة حفاظا على سرية مشتركيها.
وأشار المستشار القانوني “شبير” إلى أن إثارة القضية والادعاء بأن جوال تتهرب من الضريبة أمر غير صحيح ,منوها إلى أن الشركة قدمت كل ما يثبت أنها تقوم بدفع الضرائب للحكومة الشرعية “حكومة الوفاق الوطني” وأن ادعاء الأجهزة الأمنية والنيابة العامة في قطاع غزة بعدم تعاون شركة جوال معهم هو السبب الحقيقي وراء إغلاق أحد فروع الشركة كوسيلة ضغط.
ووصف القرار بأن به نوع من التعسف والإجحاف من إلحاق الضرر بحق مؤسسة جوال الوطنية والشركة الوحيدة العاملة في مجال الإتصالات الخلوية ,مشيرا إلى ان من حق شركة جوال التوجه إلى محكمة العدل العليا والطعن في القرار التي صدر بحقها خلال مدة زمنية 60 يوما وأن تطلب من النائب العام عبر المحكمة بتكليفه ببيان الأسباب القانونية المانعة من إلغاء هذا القرار.
وأضاف: “اذا لم تتقدم شركة جوال خلال المدة القانونية الـ 60 يوم القرار يصبح نافذ بحق شركة جوال”.

من يتحمل المسؤولية
وعن الأضرار التي نتجت عن الإغلاق أكدت المستشار القانوني د عبدالكريم شبير على أن الجهة المتسببة في الضرر هي من تتحمل المسؤولية الكاملة لكافة الأضرار التي تلحق بالشركة.
وأضاف: “من أصدر القرار دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق شركة جوال هو الذي يتحمل النتيجة لكل الأضرار التي تلحق بالمواطنين والموظفين والشركة والمؤسسات والعاملين سواءا كانوا داخل أراضي السلطة الفلسطينية أو خارجها.

الآثار الاقتصادية
وبالإشارة الى الآثار والتبعيات الاقتصادية الناتجة عن إغلاق شركة جوال أكد أستاذ الإقتصاد بجامعة النجاح الوطنية د نائل موسى أن إغلاق الشركة في قطاع غزة سيؤثر بشكل واضح على الإقتصاد بغزة ,لافتا إلى أن شركة الإتصالات والخدمات التي تقدمها “خدمات حيوية” ومهمة جدا في العالم خصوصا في الوقت الحالي.
وأشار إلى أن معظم التجارة والصناعة حتى الزراعة تعتمد بشكل كثير على خدمة الإتصالات كخدمة مساندة لعملية الإنتاج والتي أصبحت كأنها عنصر إنتاجي مهم جدا من عناصر الإنتاجية ليس فقط في الإقتصاد الفلسطيني بل في الإقتصاد العالمي.
وعن قرار النائب العام في غزة بإغلاق فرع مقر شركة جوال بشارع الجلاء في غزة أكد الخبير الإقتصادي د نائل موسى على أن القرار سيكون له تأثيراته القوية على الإقتصاد في قطاع غزة وخاصة في ظل ظروف الحصار المشدد على القطاع منذ أكثر من ثماني أعوام ,داعيا لأن تكون كافة القرارات بحق الشركات التي تقدم الخدمات بعيدا عن الإغلاق ,محذرا من مخاطره الشديدة وخصوصا على صعيد المجتمع الفلسطيني.
وردا على قرار إغلاق الشركة بعد الإدعاء بتهرب شركة جوال من دفع الضرائب ,أوضح أستاذ الإقتصاد بجامعة النجاح الوطنية د نائل موسى ,أن مسألة التهرب الضريبي لها عقوباتها الخاصة بعيدا عن الإغلاق ,محذرا من أن الإغلاق يؤدي إلى تضرر الشركة ,والمستفيدين من الشركة بشكل أكبر.
ودعا د موسى كافة الجهات المسؤولة عند توقيع العقوبة الأخذ بعين الاعتبار “المتضررين” من المصلحة العامة ,خصوصا أن هذا القرار يمس فئات كبيرة وكثيرة في المجتمع الفلسطيني ,مؤكدا على أن الضرورة تقتضي بالحفاظ على أصحاب العلاقة مع الشركة.

الآثار السياسية
ومن جهته أوضح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن القرار لو كانت له أبعاد سياسية فإنه يؤكد على أن “حكومة الظل” في غزة تعمل بقوة وبشكل مستمر ومستقل عن حكومة الوفاق الوطني ,مشيرا إلى أن ذلك يؤثر على المصالحة الفلسطينية الداخلية ,ويعكس موقف من المصالحة في ظل أنها معطلة.
ونوه الى أن البنوك والشركات لا يمكن أن تدفع الضرائب مرتين ,فهي تدفع للجهة المخولة والرسمية كحكومة الوفاق الوطني.
ولفت إلى ان المناخ السياسي العام والتغيير الحكومي القادم وتعنت حركة حماس وفرضها شروط واملاءات بعد الإنفراجة التي تمتعت بها في العلاقة مع مصر والمناخ السياسي السيء حول غزة و “المفكفك” كل ذلك سيقود الى شكل من اشكال التصلب تجاه العلاقات الفلسطينية الداخلية فيما يتعلق بالمصالحة وغيرها من القضايا ذات العلاقة.

أثر الإغلاق على القطاع الخاص
وحول تأثر القطاع الخاص من القرار القاضي بإغلاق مقر شركة جوال أكد رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين المهندس نبيل أبو معيلق على أن الإتصالات من الخدمات الحياتية المهمة للمواطنين ورجال الأعمال والمقاولين وأصحاب الشركات والتجار والصناعيين والمواطنين وكافة فئات وشرائح المجتمع ,كونها تساهم في شبكة تواصل بين كافة أركان القطاع الخاص فيما بينها ومع شرائح المجتمع الأخرى.
وحذر من أن تصاعد الأمور بين الشركة والنيابة سيلقي بظلاله على القطاع الخاص الذي لازال يعاني من الحصار المفروض على قطاع غزة منذ العام 2006 والتضييق والخناق الذي يعاني منه.
ونوه إلى أن تفاقم الإشكالية خطير جدا ,آملا ان يتم حل المشكلة في أسرع وقت ,مشيرا إلى أن الإتصالات مسألة حساسة وضرورية ومهمة جدا.
يشار إلى أن شركة مجموعة الإتصالات الفلسطينية قامت بتنفيذ عدة مشاريع خيرية ومساعدات لأسر فقيرة وتقديم العديد من المنح الدراسية الطلابية ورفد كافة القطاعات الفلسطينية بالمساعدات ,إضافة إلى قيامها مؤخرا بتنفيذ مشروع شارع البحر “الكورنيش”.

Exit mobile version