المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

تحسين الاقتصاد بشروط ومواصفات اسرائيلية كتب عزت ضراغمة

بعد تسعة اشهر من تقديم سفير الاتحاد الاوروبي في تل ابيب فابورغ اندرسون طلبا الى حكومة نتنياهو للشروع ببحث قضايا ومواضيع سياسية تحول من الاطاحة بـ ” حل الدولتين ” الى ما لا رجعة، وفي المقدمة من هذه القضايا التوسع الاستيطاني المستشري بالضفة، ردت اسرائيل على الطلب الاوروبي هذا بطريقتها المعهودة باستخفاف وقلة احترام وبشكل عنجهي متماد، وبواسطة رئيس دائرة أوروبا في وزارة الخارجية الإسرائيلية أفيف شير أون، وبدلا من المقترح السياسي الاوروبي اقترح اون البحث في خطة لتحسين الوضع الاقتصادي في الضفة وقطاع غزة بشروط ومواصفات وآليات اسرائيلية، لا بل ذهب الى ما هو ابعد من ذلك بشكل استفزازي ومقزز عندما اشار الى اهمية البحث في ما سماه ” الفساد في السلطة الفلسطينية والتحريض ضد إسرائيل”، زيادة على ان يبدأ الحوار والبحث بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي بمستوى تقني متدن في شهر ايلول المقبل لوضع جدول للحوار.

عندما تقدم الاتحاد الاوروبي بهذا الطلب اوضح ان الهدف هو الحرص على ابقاء حل الدولتين ممكنا بشرط ان يتم تجميد ووقف الاستيطان من قبل اسرائيل، وهذا الامر رفضته دولة الاحتلال ولا تزال. وقالت اسرائيل ان عدم ردها على الطلب الاوروبي انما كان بسبب انشغالها بالانتخابات البرلمانية، وحسب الصحف العبرية الصادرة مطلع هذا الاسبوع، فان اسرائيل عادت واكدت رفضها بحث اي مقترحات تتضمن البناء والتوسع الاستيطاني، ما يعني انها ترفض اي مبادرات سياسية جادة لاحياء العملية السياسية مجددا ما دام الامر يشمل الاستيطان، وهو بند وموضوع رئيس ليس فقط بالنسبة للجانب الفلسطيني وحسب بل وايضا للاتحاد الاوروبي المقتنع بالطرح الفلسطيني، الذي يؤكد ان استمرار الاستيطان يقضي على اي حل لاقامة دولة فلسطينية متواصلة ومترابطة جغرافيا وديموغرافيا، ولأن الاستيطان يلتهم اكبر مساحة من اراضي الضفة ويعزل المدن والبلدات والقرى والمخيمات ويحولها الى مجرد كنتونات، او في احسن الاحوال تجمعات سكانية ليس لها سوى ما تعيش عليه من ممتلكاتها وبمعنى آخر مجردة من اي اراض.

لقد ذهبت اسرائيل الى بحث مقترحات مماثلة وسابقة لتحسين الوضع والظروف الاقتصادية في الاراضي الفلسطينية في سنوات سابقة، كما تم التوصل والتوقيع على اتفاقيات اقتصادية متنوعة، وهنا يبرز اكثر من سؤال مهم: لماذا لم تلتزم اسرائيل بهذه الاتفاقيات، بل لمَ تنصلت منها وخرقتها كما فعلت باتفاقيات سياسية مماثلة؟ ولماذا راحت الآلة العسكرية الاسرائيلية تدمر اي تطور وتقدم اقتصادي وبنيوي يطرأ في الاراضي الفلسطينية اذا كانت حريصة على تحسين الوضع الاقتصادي؟ ولِمَ تضع المعيقات والعراقيل امام اي نهوض اقتصادي فلسطيني سواء ما هو متعلق بالمناحي الزراعية او الصناعية او السياحية وحتى استيراد وتصدير السلع والمنتجات ؟… الخ.

والغريب ضمن ما اقترحه المسؤول في وزارة الخارجية الاسرائيلية هو حرصه على تنمية المنطقة المصنفة ” ج “، اي المنطقة الواقعة تحت السيطرة الاسرائيلية والتي تمت مصادرة معظم اراضي المواطنين فيها لصالح التوسع الاستيطاني الذي يتغلغل في احشائها وقلبها، فما الهدف من ذلك ان صدق هذا المسؤول ؟

وحتى في موضوع البحث الرئيس الذي حددت اسرائيل شخوصه الاعتباريين، بمعنى ان اسرائيل والاتحاد الاوروبي هما طرفا المعادلة، وان الفلسطينيين المعنيين بالامر واصحاب القضية ليسوا طرفا في البحث او النقاش، دلالة على مدى الاستخفاف الاسرائيلي بالاتحاد الاوروبي وسفيره في تل ابيب، الذي لم يرد حتى الآن ولم يطالب بايضاحات ولا اعتذار لا بشكل رسمي ودبلوماسي ولا من خلال زعمائه وقادته.

Exit mobile version