المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

إخوان في طور الدعشنة كتب جهاد الرنتيسي

انكماش الصورة النمطية لتعايش “الإسلام السياسي” و”السلفية الجهادية” حقيقة واقعة وملموسة يمكن التقاطها بسهولة في تباينات واستقطابات الخطاب السياسي والفكري المتداول ولم يعد اجتهاد باحث يتناول العلاقة بين الظاهرتين.

تهديدات “فجر ليبيا” و”المجلس الأعلى لثوار ليبيا” بمواجهات مفتوحة مع تونس، وضعت حداً لمحاولات رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي تسويقهما لدى الطبقة السياسية التونسية باعتبارهما طرفاً يمكن الاعتماد عليه في أية ترتيبات أمنية مقبلة.

قبل ذلك بأيام تلقت “حماس” تهديدات واضحة ومباشرة من “داعش” بإسقاط الحكم في قطاع غزة وترافقت هذه التهديدات مع اتهامات بغياب الجدية في تطبيق الشريعة الإسلامية وجهها التنظيم للحركة.

في مصر لم يمنع ميل الإخوان المسلمين لمواقف أكثر تشدداً الإبقاء على مسافة مع التنظيمات التي هاجمت المواقع العسكرية في سيناء على أمل الاستفادة من مخرجات الصراع بين الجيش والإرهابيين وتجنب ابتلاع الفعل الداعشي مرتكزات خطاب الجماعة.

البعد المذهبي والطائفي للصراع الداخلي العراقي لعب دوراً في تعويم التباينات وتغليب المصالح بين داعش والإخوان المسلمين، ففي مواجهة السياسات الطائفية التي تتبعها الحكومة وغياب التمثيل السياسي الحقيقي للطائفة السنية تحتاج الجماعة لقوة داعش العسكرية وتساهم في توفير مبررات للخطاب السياسي الذي يستخدمه التنظيم، مما يعني تقديم تنازلات خجولة من خطابها السياسي ورؤيتها المعلنة.

لا تبتعد الحالة السورية كثيراً حين يتعلق الأمر بنقاط اللقاء والاختلاف بين الإخوان المسلمين وجبهة النصرة، حيث تحرص الجماعة على توفير الغطاء السياسي للتنظيم الخارج من رحم القاعدة والاستفادة من قدراته على مواجهة قوات النظام دون أية اعتبارات للمستفيد الأكبر من المتغيرات التي تحدثها هذه الشراكة على المدى المتوسط.

ولم تحل المسافة الفاصلة بين إخوان الأردن وتيار السلفية الجهادية المنقسم بين “داعش” و”النصرة” دون استخدام حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يعد الواجهة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الخطاب السياسي الذي يستخدمه التيار في مهاجمة مهرجان جرش.

نزعة إقصاء “الإسلام السياسي” التي تظهرها تنظيمات “السلفية الجهادية” في المناطق الأكثر رخاوة مثل ليبيا وغزة تعزز فرضية استعداد داعش ومرادفاته للانقلاب على الاخوان المسلمين حين تقتضي الضرورة لا سيما وأن سقف تطرف التنظيم يتجاوز أسقف الجماعة التي اعتادت الحذر في ممارستها للعنف.

ومن ناحيتها تبدي جماعة الإخوان المسلمين في المناطق الأكثر استقراراً وهدوءاً تأثراً واضحاً بخطاب وممارسة تنظيمات السلفية الجهادية، مما يعني قابليتها للتطرف ومغادرة مربع الدعوة والإصلاح في مراحل لاحقة.

ولا يخرج زواج المصلحة بين الطرفين في سوريا والعراق عن هذا السياق، حيث تمهد العلاقة غير المتكافئة بتوسيع هوامش السلفية الجهادية على حساب الاسلام السياسي.

تفضي مظاهر دعشنة الإخوان المسلمين الآخذة في الاتساع إلى مقاربات جديدة وتصورات أكثر وضوحاً للعلاقة التي حرص “الإسلام السياسي” و”السلفية الجهادية” على إبقائها في دائرة المبهم خلال العقود الثلاثة الماضية، ففي التطورات المتلاحقة تقليص للفواصل بين تفكير وتدبير الطرفين، تكريس لاحتمالات الالتقاء عند تكفير المجتمعات، وإبقاء لفرضية الصراع على مساحات النفوذ.

Exit mobile version