المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

تهديد وجودي… حرب على ثلاث جبهات

المضمون:(يقول الكاتب ان الصدمة العميقة جراء اعمال القتل في القدس وفي دوما ليس فيها ما يكفي لمنع تكرار مثل هذه الاحداث ـ وبالتالي يجب القيام بعمل ما. خلافا للانظمة الاخرى، التي تفقد صوابها امام التهديدات، على دولة اسرائيل الديمقراطية ان تتخذ خطوات تحميها وتقضي على الساعين إلى ضرها..)

خط دموي مباشر ربط بين دموع الحزن التي ذرفناها قبل نحو اسبوعين على شيرا بانكي وبين الصدمة من الجريمة النكراء لقتل الرضيع علي دوابشه وأبيه في دوما. الإرهاب من الداخل، الكراهية للغير، العنصرية والتحريض، تقوض وجودنا كدولة ديمقراطية. من اجل هزيمة المتطرفين وظاهرة العنف في نظامنا ينبغي أن نفتح ضدهم جبهة ثلاثة الرؤوس.
اولا، يجب تعزيز الادوات القانونية التي تستهدف التصدي لجرائم الكراهية والتحريض، والاعتراف بان الديمقراطية التي تعمل على حرية التعبير لا يمكنها أن تقبل حرية التحريض. ولهذا فيجب تنفيذ تغييرات تشريعية تخلق ادوات التصدي للعنصرية والتحريض في الشبكات الاجتماعية ايضا، وبالتوازي فحص امكانية سياسة التقديم إلى المحاكمة في جنايات من هذا النوع وعدم السماح بالتجاهل أو التسامح. فالامتناع عن محاسبة العنصريين والمحرضين، مثل الحاخامين الذين بادروا إلى الرسالة التي تمنع تأجير المنازل للعرب، مهد السبيل لاباحة دم اعضاء الطائفة الفخورة ايضا. فالكراهية للاخر لا تميز بين «الآخرين» من انواع مختلفة، وهي تدق سكينا في كل من هو مختلف، وفي نهاية المطاف، فينا جميعا.
ثانيا، يجب منح الاسناد لقوات الامن، للمستشار القانوني، للنيابة العامة ولجهاز القضاء عند تطبيق سياسة انفاذ متشددة (ولكن ليست تعسفية). على وزير الامن الداخلي، وزير الدفاع ووزيرة العدل ان يتعاونوا من اجل تنسيق العمل الذي لا هوادة فيه والامر بتفضيل وتوجيه المقدرات نحو الكفاح ضد الإرهاب اليهودي ايضا.
هكذا فقط ستعمل عموم المستويات انطلاقا من الفهم بان هذا تهديد وجودي حقيقي وليس ظاهرة هامشية حتى لا تذكر في احصاءات احداث الإرهاب في موقع المخابرات على الانترنت.
ينبغي ابداء صفر تسامح ايضا تجاه منتخبي الجمهور الذين يعطون منصة للتصريحات المتطرفة ويجرون الجمهور بأسره نحو الحماسة الجماعية. فتصريحات مثل تصريح النائب موطي يوغاف مثلا، الذي دعا فيه إلى الصعود بالجرافات على المحكمة العليا، تقوض اساسات سلطة القانون ومن شأنها ان تشكل الهاما للمتطرفين الذين يبحثون عن هدف الهجوم التالي.
وأخيرا، علينا ان نعالج الجذور التي تنبت منها كراهية الاخر. على وزير التعليم، وجهاز التعليم بأسره، أن يغرس في اطار المنهج التعليمي مزايا وقيم تتعلق باحترام الاخر وحقوقه. وعدم الاكتفاء بالهذر بل تطبيق نشاطات عميقة تؤثر على تفكير التلاميذ، مع التشديد على جهاز التعليم الديني.
ان استطلاعات جدول الديمقراطية السنوية للمعهد الاسرائيلي للديمقراطية تدل المرة تلو الاخرى على انه توجد في المجتمع الاسرائيلي علاقة معاكسة بين مدى الدينية ومدى التسامح: كلما كان المرء متدينا اكثر فانه يبدي تسامحا اقل تجاه الاخر. وعليه، فيجب بناء دروس ونشاطات تتناول الواقع وتتلائم مع التيارات المختلفة في جهاز التعليم.
ان الصدمة العميقة جراء اعمال القتل في القدس وفي دوما ليس فيها ما يكفي لمنع تكرار مثل هذه الاحداث ـ وبالتالي يجب القيام بعمل ما. خلافا للانظمة الاخرى، التي تفقد صوابها امام التهديدات، على دولة اسرائيل الديمقراطية ان تتخذ خطوات تحميها وتقضي على الساعين إلى ضرها. وكل شيء بالطبع، بشكل متوازن.
فلا معنى لاطلاق النار في كل صوب، بل النظر بعناية في كيفية استخدام الادوات التي توجد تحت تصرف الديمقراطية. وحده جهد مستمر ومنهاجي في كل الجبهات سينمي ويعزز الديمقراطية الاسرائيلية حتى في ظل الالم.

بقلم: يوحنان بلاسنر نائب سابق رئيس المعهد الاسرائيلي للديمقراطية ،عن يديعوت

Exit mobile version