المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

هل تعود الرعاية السعودية لـ”حماس”؟ كتب سركيس نعوم

أثارت زيارة خالد مشعل أخيراً، زعيم “حركة حماس” الفلسطينية، للمملكة العربية السعودية بعد سنوات قطيعة، واستقبال العاهل السعودي له، تساؤلات عدة أبرزها ثلاثة. الأول: هل تشكّل الزيارة بداية عودة العلاقة الجيدة بين المملكة و”حماس”؟ والثاني: هل يمكن اعتبار الزيارة بداية لإزالة الخلافات بين “جماعة الأخوان المسلمين” التي تنتمي إليها “حماس” والمملكة؟ أما الثالث فهو: هل للتطورات الدولية – الإقليمية، وفي مقدمها “الاتفاق النووي” مع إيران، دور في دفع السعودية إلى التحرك لاستعادة أوراق كانت في يدها ولتجميع قوى مشابهة لها في القومية أو الدين أو المذهب، بغية مواجهة مفاجآت وتفاعلات الاتفاق المذكور أعلاه؟

هل من أجوبة عن التساؤلات الثلاثة المذكورة؟

يحاول عاملون جدّيون في مركز أبحاث أميركي واسع الاطلاع تقديم جواب عنها كلها فيشيرون إلى أن المملكة لم ترتح إلى “الاتفاق النووي”، ولم تجد أن مصلحتها تكمن في مجرد الانتظار لرؤية تشكُّل التطورات الإقليمية التي ستنتج منه. علماً انها كانت بدأت قبل ذلك تصبح أكثر نشاطاً وخصوصاً بعدما صنّفت نفسها زعيم التحالف العربي السنّي الذي أخذ على عاتقه، أو سيأخذ، مهمة مواجهة طهران التي قد يعيد اليها الاتفاق “شباباً” كان بدأ يشيخ، وذلك من خلال التصدّي لوكلائها الذين تحارب بواسطتهم في المنطقة.

وأول مَثَل على هذه الاستراتيجيا الجديدة، إذا جازت تسميتها كذلك، كان بداية عودة العلاقة بين السعودية و”حماس”. وقد عملت الأولى بجدّ في الأشهر القليلة الماضية على تنقيتها من الشوائب التي جمّدتها أو عطّلتها. وأرادت من ذلك اعادة إدخال نفسها في السياسات الفلسطينية، ومدّ نفوذها وقوتها خارج حدود الخليج التي هي جزء منه إلى المشرق (Levant). ومن شأن ذلك إغراء مصر واسرائيل بتشارك معها يساعد الدول الثلاث على معالجة ما تشعر به من قلق وأخطار، سواء من إيران أو من “داعش”. إلا أن على السعودية أن تنتبه، وهي تتابع جهودها لجعل العلاقة مع “حماس” أكثر قوة وتماسكاً، كي لا تستفز حلفاءها أو على الأقل “تنقّزهم”، وكي لا تدفع مجموعات أخرى فلسطينية أو عربية إلى الوقوع في فلك النفوذ الايراني.

ما هي العلاقة الفعلية بين السعودية و”حماس”؟

يمتلك الفريقان تاريخاً طويلاً من التعامل والتفاعل، يجيب العاملون الجدّيون أنفسهم في مركز الأبحاث الأميركي الواسع الاطلاع. فـ”حماس” هي أبعد ما يكون عن الاستقلال مالياً. واعتمدت دائماً على مصادر عدة وفّرت لها دعماً خارجياً. في مطلع الألفية الثالثة كانت السعودية الراعي لـ”حماس” بكل ما لهذه الكلمة من معنى. وقد أشارت تقارير جدّية عدة أنها كانت تقدم لها 50 في المئة من موازنتها “العملانية”. لكن ابتداء من 2004 بدأت الرياض تقلّص التمويل المذكور، اولاً لأن الغرب كان بدأ يدقّق في التمويل السعودي للمنظمات الإرهابية بعد 11 ايلول 2001. وثانياً، لأن “حماس” أعلنت مسؤوليتها عن عمليات انتحارية داخل إسرائيل في أثناء الانتفاضة الثانية. وهي “إرهابية”. لكن عندما فازت “حماس” في الانتخابات التشريعية عام 2005، تحدَّت السعودية أميركا بتجاهل طلبها قطع المساعدات لـ”حماس”. وفي شباط 2007، ساهمت الرياض في عملية التفاوض التي كانت جارية على أرضها بين “حماس” و”فتح”، والتي أثمرت اتفاق تشارُك سلطة في حكومة وحدة وطنية، إلا أنه كان قصير العمر. ورغم ذلك استمرت المملكة في دعم “حماس” مالياً وفي التأكيد معها على أهمية التعاون بينها وبين منافستها “فتح”.

أين كانت إيران و”حماس” في ذلك الوقت؟

يجيب العاملون أنفسهم في مركز الأبحاث الواسع الاطلاع نفسه أن علاقة ما كانت قائمة بينهما. لكنها لم تكن بأهمية علاقة “حماس” مع السعودية وبمردودها. رغم أن إيران زادت في تلك الفترة دعمها لـ”حماس”. وكانت هذه العلاقة في حينه غريبة، إذ قامت أو تعمقت بعد إقدام فريق سنّي عربي مقاتل ومناضل منبثق من “جماعة الأخوان المسلمين” على الاصطفاف (Aligning) مع الجمهورية الإسلامية الشيعية الفارسية. وكانت يومها إيران توّاقة إلى أبعد الحدود لحيازة أي نفوذ في فلسطين، وكانت تعمل لإقامة هلال من “أجرام” عربية تدور في فلكها من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط.

كيف تطوَّرت علاقة إيران – “حماس” بعد ذلك؟

عن “النهار” اللبنانية

Exit mobile version