المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الآخر العربي .. ما يقدمه بينيت يشير دائما إلى ما هو غير مستعد لتقديمه

المضمون:( يتحدث الكاتب عن حلم بينيت السياسي حول الدولة القومية اليهودية التي تمتد فوق «ارض إسرائيل الكاملة»، ويهنأ ملايين الفلسطينيين فيها من الحقوق الاقتصادية والثقافية، لكنهم لن يكونوا أبدا مواطنيها. بالنسبة لبينيت فان ما يقدمه يشير دائما إلى ما هو غير مستعد لتقديمه.)

نفتالي بينيت غير مقتنع أن «الآخر هو أنا». ففي جلسة لجنة التعليم في هذا الاسبوع قال: «الآخر ليس أنا، كل واحد مختلف». كخريج لجهاز التعليم الإسرائيلي، لم يستطع بينيت التعريف بشكل افضل ضرورة الخطة التي كانت لدى سلفه في الوظيفة، شاي بيرو، التي أعلن عن الغائها هذا الاسبوع. يبدو أن بينيت لا يستطيع التفكير في «أنا» آخر باستثنائه.
«أنا لا اؤمن بتشويش الهويات، أنا اؤمن بتعظيم الهويات… كل ولد في الدولة يجب أن يعرف الارث الذي جاء منه… هكذا فقط عندما تكون لديك هوية قوية تكون جاهزا لتقبل الآخر»، توسع بينيت. كلما تعمقنا في كلامه فنحن نقتنع أنه ليس هناك تناقض بين ما يقول وبين التفكير الذي يوجد وراء «الآخر هو أنا». عمليا، اقتراح تعظيم الهويات وتمكين كل ولد من تعلم الارث المختلف كان طريقة جيدة لاستيعاب أن الآخر هو أنا: لا توجد افضلية لارث على الآخر، والدليل ـ لا يُفرض على الاولاد تعلم ميراث واحد فقط. «إسرائيل هي فسيفساء، وهنا تكمن قوتها»، قال بينيت. ونحن مجبرون على أن نوافقه في رأيه.
يبدو أن وزير التعليم قد تشرب المواقف التي تعتمد فرن الصهر كنمط، وبدلا من صهر الهويات لتصبح هوية موحدة ـ هوية إسرائيلية ـ فانه فرض على كل الإسرائيليين هوية تشبه اليهود القادمين من اوروبا «وكأنهم أقاموا هذه الدولة من قارة واحدة».
اذا كان الامر كذلك، فلماذا يشدد على احاطة اقواله بغطاء نقدي لفكرة «الآخر هو أنا»؟. لأنه مثلما أن «أنا» الوحيد الذي يستطيع بينيت تصوره على نفسه هو اليهودي، هكذا ايضا «الآخر» يكون دائما عربيا. بينيت يريد تعظيم الهويات، لكن بدون الاخلال ببنية القوى بين الأنا اليهودي والآخر العربي.

طالما أن الامر يتعلق بالتعليم فيبدو أن بينيت لديه حلم «الولايات المتحدة الإسرائيلية». المشكلة الوحيدة هي أن دولة إسرائيل ليست دولة كل مواطنيها، بل دولة قومية عرقية حيث توجد فيها هوية واحدة. وليس صدفة دولة قومية، بل مثل تلك التي شروط الانتماء اليها ليست مدنية وانما ترتبط بالدم اليهودي.

الدولة القومية ليست مجرد مجموعة من «الآخرين»، بل بمعنى معين هي «الأنا»، لذلك عندما يعظم بينيت هويات مختلفة في اطار سياسي له هوية واحدة ومحددة جدا، فان تعظيم الهويات الذي أعلن عنه ـ يتحول في نهاية المطاف إلى عمل اقصائي.
لولا وجود العرب في إسرائيل لكان بينيت وزير تعليم ممتاز، بالضبط مثلما أنه لولا ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت السيطرة، لكان يمكن أن يكون رئيس حكومة ناجح. لو كان في إسرائيل أبناء قومية واحدة، فان تشجيع تعظيم الهويات الثانوية كان سيكون خطة ممتازة وليس جهازا يهدف إلى منع الشعور بالانتماء الحقيقي. عمليا، إذا كانت مشكلات دولة إسرائيل ليست صعبة، لكان في استطاعة بينيت أن يحلها ايضا.

بالطبع لا يمكن فصل اشياء كثيرة عن حلم بينيت السياسي حول الدولة القومية اليهودية التي تمتد فوق «ارض إسرائيل الكاملة»، ويهنأ ملايين الفلسطينيين فيها من الحقوق الاقتصادية والثقافية، لكنهم لن يكونوا أبدا مواطنيها. بالنسبة لبينيت فان ما يقدمه يشير دائما إلى ما هو غير مستعد لتقديمه.

بقلم: كارولينا لنتسمان،عن هآرتس

Exit mobile version