المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

عهد.. النبي صالح كتب موفق مطر

يذرف الانسان دموعه من ألم جسدي او نفسي لا يحتمل, او منفعلا بمشهد ظلم او مأساة, وفي الثالثة فرحا لفيض عواطف انسانية نبيلة ممن احبهم واحبوه, أما الرابعة والأخيرة حسب علمي فهي لحظة تجسد الأمل وهذا ما حدث لي وانا استمع واشاهد لقاء فضائية الحدث مع الطفلة الفلسطينية عهد التميمي من قرية النبي صالح شمال غرب مدينة رام الله, وبامكاني تسمية دموعي بالنقاط الفارقة بين الصدق والاخلاص المفعمين بلغة الوجدان التلقائية العفوية, وبين الكذب والدجل والتمظهر, اي باختصار شديد الخط الفاصل بين فلسطيني وطني ببراءة, وبين آخر (عونطجي) قليل أدب يلوي عنق الكلام ببراعة!.

كلما أجابت على سؤال كان مذيع النشرة يقدم سؤاله التالي بعبارة: “ما شاء الله عليك كلامك اكبر من عمرك” وفعلا كانت (عهد) مثل ربيع فلسطين, جمال طبيعي بلا هندسة, وتعبير رسول وانما بلا معجزة الوحي, وفكرة كمثل حواء وآدم طبيعية بلا تكلف او تزويق, ولا حتى ثياب مزركشة بصعب الكلام المسروق من الكتب!.

ابكتني عهد التي لا يزيد عمرها عن عمر البدر ولكن كل يوم بسنة, ليس لأنها حكت قصة اخيها محمد 11 سنة, مكسور اليد الذي انقض عليه جندي من جيش دولة الاحتلال, كانقضاض وحش مفترس على هدهد وديع, وليس من صور الماجدات الفلسطينيات اللواتي كشفن وجه الجندي المملوء حقدا وعنصرية, وازلن قناع الحقوق والحرية والديمقراطية عن وجه دولة الاحتلال, وحررن بعد معركة كان سلاحها (قبضات الأمهات) و(عضات الأخوات) في ظل علم فلسطيني يرفرف يظلل صخور وارض النبي صالح, ليس هذا ما اثار عاطفتي حتى سالت دموعي, وانما طهارة ونقاء عظيم كلام الفلسطينية الطفلة عهد, وانا اجري مقارنة مع كلام قذر, فاحت رائحته في يوم الحادثة, وانتشرت على مدى مساحة زمنية لبرنامج (بلا قيود) عبر هواء فضائية (بي بي سي) العربية, حيث برزت (أنا دحلانية) مريضة متضخمة, مخادعة, كاذبة, واظهرت قدرة غير طبيعية على عض وعي الفلسطينيين, وضربهم بقبضات اسرائيلية, حتى لو بدا القفاز فلسطينيا!.

عهد التميمي (الصغيرة) بعثت في أفق الأمل الذي نتطلع اليه في يقظتنا وحتى في احلامنا صورة نكران الذات في شخصية المناضل, فقد اجابت على سؤال خصها بالبطولة في مشهد تحرير اخيها محمد من (الآدمي الاحتلالي المقنَّع المسلح) فقالت: لست وحدي, وانما اللي كانوا معي واللي شفتوهم, كلنا اتغلبنا على الجندي, وخلصنا اخوي محمد “يا لروعتك يا عهد, فليس ابلغ عن روح العمل الجماعي الوطني مما قلتيه, حتى أن كثيرا من المرضى بداء الأنا وتحديدا في مثل هذه المناسبات, وغيرها في سياق العمل الوطني, صار لزاماً عليهم طمر وجوههم في التراب خجلا منك, وما على الراغبين (بسندويشة حقائق) عالماشي الا مراجعة لقاءات المخادعين, ليحصلوا على ارقام قياسية في ترديد الـ (أنا) التي ما كانوا ليقولوها الا بعد دفع مئات الشباب ممن تولوا امورهم كضحايا الى المقابر!! فبين انا هؤلاء ونحن عهد مسافة كبيرة كالفارق بين الحق والباطل, والصدق والكذب, والوفاء, والنكران.

ابكتني عهد عندما قالت: “اعتقد انو كتير من اطفال فلسطين بيعملوا اللي انا عملتو واكتر, بس سوء حظهم انو ما كانت في كاميرات بتصورهم, متل ما صدف وانو الصحافة موجودة دائما ببلدنا وقت المظاهرات”.

ابكتني عهد التميمي ابنة الـ14 ربيعا, لرؤيتي فيها جيل دولة فلسطين المستقلة القادم, ولأنها تحرر كل من يسمعها من حبال المخادعين الوهمية التي يلفونها اعناق البسطاء من هذا الشعب العظيم.

انتصار هذا الشعب حتمي ما دام عهدنا بأجياله كعهد النبي الصالح. التي قالت: “نحنا مش ارهابيين.. احنا بنحب السلام والحرية على ارضنا”.. فهنيئا لك يا ابو مازن بجيل كعهد، يفخر بانتمائه لفلسطين الحرية والسلام, فبمثل هذا الجيل نرفع رؤوسنا, لتعوضنا انتكاسات المرضى بداء الأنا.

Exit mobile version