المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

مفارقة الغفران في الاقصى كتب عمر حلمي الغول

الاقتحامات الاسرائيلية المتواصلة بقيادة وزراء اليمين المتطرف، وآخرها أريئيل وزير الزراعة امس الاول الاثنين، للمسجد الاقصى تحت حراب جيش وشرطة حكومة نتنياهو، وبغطاء قوانين الكنيست العنصرية، المشرعة للتقسيم الزماني والمكاني لاولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، واحد اقدس الاماكن الاسلامية في الكون، يؤشر للمنحى الخطير، الذي تتجه اليه الاوضاع في اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة. الاجتياحات المتصاعدة من قبل وزراء نتنياهو، تأتي هذه الايام متزامنة مع يوم “الكيبور” او “الكيبوريم” او عيد الغفران اليهودي، وهو اليوم المتمم لايام التوبة العشرة، التي تبدأ بيومي رأس السنة اليهودية.

وحسب التراث اليهودي، هذا اليوم، هو “الفرصة الاخيرة لتغيير المصير الشخصي او مصير العالم في السنة الآتية”. ومع ان النص الديني واضح، بدعوة اليهود للتكفير عن خطاياهم، غير ان القيادة الاسرائيلية، تعمل بالاتجاه المعاكس، فأخذت الجزء المتوافق مع خيارها الاستعماري، فاعتمدت الفقرة القائلة: “هو الفرصة الاخيرة لتغيير المصير …” ، وتجاهلت كليا الفقرة الاولى من النص التوراتي. كما انها تغاضت وتعامت عن ان يوم “الكيبور”، انما هو، حسب التراث الحاخامي، “اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء للمرة الثانية، ومعه لوحا الشريعة، حيث اعلن، ان الرب غفر لهم خطيئتهم في عبادة العجل الذهبي”. اضف الى ان، عيد الغفران، هو العيد، الذي يطلب فيه الشعب ككل الغفران من الاله.

كما ان عيد الغفران، هو بمثابة الاحتفاء بميلاد آدم عليه السلام، ويوما للتسامح والتوبة عن اية موبقات إرتكبها اتباع الديانة اليهودية في عام خلا. لكن المتابع لجرائم قادة دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، وقطعان مستعمريها، يلحظ انهم يأخذون من التوراة ما يتناسب مع مخططهم الاستعماري، القائم على ذبح وحرق وقتل واستباحة الاغيار الفلسطينيين العرب، بغض النظر عن تابعيتهم الدينية، حتى لو كانوا من اليهود السمرة او من جماعة ناطوري كارتا.

ولا صلة لجرائمهم بعيد التوبة والغفران، لانهم يحولون ايام العيد، اياما للانقضاض على مصالح وحقوق وحريات واماكن عبادة المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين. وما يجري في المسجد الاقصى من اقتحامات متواصلة من قبل قطعان المستعمرين، وحرمان ومنع المسلمين اصحاب الارض والحق والمسجد من الدخول اليه، وإقامة شعائرهم ومتابعة دروسهم الدينية، علما ان الاقصى لايخص الفلسطينيين وحدهم وانما يخص كل المسلمين في العالم .

ويميط اللثام عما تخطط له دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية، التي تعمل ليل نهار عبر كل ادواتها من جيش وشرطة واجهزة امنية ومستوطنين وحاخامات ووزارات ومؤسسات وقوى واحزاب سياسية على فرض خيار التطهير العرقي، وتعميق التعاليم والممارسات العنصرية المتلازمة مع عمليات القتل والذبح والحرق للفلسطينيين بهدف تصفية خيار السلام والتعايش. لذا على العالم الحر التصدي للجرائم الوحشية الاسرائيلية.

وإلزام إسرائيل بخيار السلام. وعلى حاخامات اليهودية المؤمنين بخيار السلام، التصدي لاستباحة التوراة قبل استباحة الدم الفلسطيني، والضغط على قادة الدولة الاسرائيلية من اليمين المتطرف الصهاينة ومن يتساوق معهم، الذين يدعون “انهم المدافعون” عن اليهودية، الكف عن العبث بالعهد القديم “التوراة”، والالتزام بالتسامح والتعايش، والعمل على التكفير عن جرائمهم عبر الاندفاع الى خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. والقبول بقرارات الشرعية الدولية.

في عيد الغفران والتوبة، لا يملك المرء إلا ان يتمنى لليهود من كل شعوب الارض وبغض النظر عن قومياتهم بعام جديد عنوانه التوبة والمغفرة والعودة لجادة السلام وبناء ركائز التعايش بين شعوب الارض عموما وخاصة على ارض فلسطين التاريخية.

 

Exit mobile version