المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الوجه الأسود للأنفاق !! الجزء الثاني : بعد الإنقلاب كتب ابراهيم خرّوب

في عام ٢٠٠٧ م ، و بعد أن شعرت حركة حماس بأنها تمكّنت ، و شعرت بقوتها على الأرض في قطاع غزة ، و رغم أن لها السيطرة على الحكومة الفلسطينية و تشكيلها لها باستحقاق فوزها في الانتخابات التشريعية عام ٢٠٠٦ م ، و رغم أنه تم تسليمها من قِبَلِ حركة فتح مقاليد السلطة إيماناً من فتح بالديمقراطية و تداول السلطة ، إلا أن حركة حماس ضاقت ذرعاً بوجود الرئاسة الفلسطينية و سلطاتها الممنوحة لها حسب النظام الأساسي للسلطة الفلسطينية ، و ضاقت بارتباط هذه السلطة عضوياً بمنظمة التحرير الفلسطينية التي لا تعترف بها حركة حماس ، و بذلك اتضح للشعب الفلسطيني أن حماس تأخذ من اللعبة الديمقراطية ما يتلاءم مع مصالحها فقط ، و صارت تطرح بشكلٍ علني و لا قانوني معارضتها لدور مؤسسة الرئاسة ، و شعرت ان هذه المؤسسة هي حجر عثرة في طريق حكمها الشامل و المُتَفرِد فكان لا بُدّ من الاستفراد ، و كان الانقلاب .

هذا الانقلاب الذي تم بأيدي حماس و بمباركة صامتة من (اسرائيل) التي رأت فيه نزعاً و منازعة للشرعية الفلسطينية لتتخذه ذريعةً للتهرب من التزاماتها و كان أول الغيث ضرب الحصار على قطاع غزة .

لقد أعطى هذا الانقلاب المشؤوم الذي انتهى بهزيمة القوات الشرعية الفلسطينية الذريعة للعدو و للشقيقة مصر العربية لإغلاق معبر رفح كون الطرف الفلسطيني الشرعي الموقع على اتفاقية المعابر عام ٢٠٠٥م و المتمثل بالرئاسة الفلسطينية و حرسها لم يعد يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح .

إذن لنُدرِك و نتحلى بالشجاعة و لنعترف بأن بداية اغلاق المعبر و بدء الحصار كانت بسبب انقلاب حماس ، و ليكن ذلك واضحاً لشعبنا عامةً ، و لأهل قطاعنا بشكلٍ خاص .

و رغم ان عشرات الاطراف العربية و الدولية قد حاولت الوساطة للمصالحة بين حركتي فتح و حماس إلا أنه و للأمانة و الحقيقة و التاريخ يجب الإعتراف بأن حركة حماس كانت دائماً تريد المصالحة شريطة ألا تتخلى عن أيٍ من مكتسبات انقلابها المشؤوم و كأنه صار حقا لها ، و هو حقيقةً ما تؤمن به فيما يُسمَى بالتمكين .

لم تكترث حماس لمعاناة أهل القطاع و الظروف القاسية التي صاروا يعيشون فيها بسبب ذلك الحصار ، بل الأنكى أنها صارت تستغل معاناة أهلنا في القطاع لاتهام مصر و الرئاسة الفلسطينية بأنها وراء ذلك الحصار و وراء تلك المعاناة ، و أخذت تشن حرباً اعلامية عن طريق قناة الجزيرة و قنوات الاخوان المسلمين و المنابر التي يسيطر عليها شيوخ الاخوان ، و هي بذلك تقلب الحقيقة في أن حركة حماس هي المتسببة بذلك الحصار الظالم .

هنا لجأت حماس الى حفر الانفاق بالالاف لتجعل هذه الانفاق منطقة الحدود بين مصر و قطاع غزة أشبه بقالب الجبنة السويسرية المليئة بالثقوب .
و وجدت حماس في هذه الانفاق عدة مكاسب جعلتها تتمسك بها ، و تنشىء لها هيئة لإدارتها بمرتبة وزارة :

– اهم هذه المكاسب و هو نفسي و يتمثل في ” خلق ” مظلومية اخوانية يتوحد حولها الاخوان المسلمون الذين يعشقون اللطم و المظلوميات استثارةً للعواطف ، و كسباً للأنصار .

– صارت هذه الانفاق مورداً للجمارك و الضرائب التي تجبيها حركة حماس دون وجه حق و خارج إطار القانون من أهل غزة المكتوين بنار حكم الأمر الواقع مما وفّر لها مصدراً للاموال للإنفاق على عناصرها و قياداتها ، و لم تُنفق مليماً واحداً من تلك العوائد في خدمة أهل القطاع ، إذْ بقيت قيادة السلطة في رام الله تنفق أكثر من نصف ميزانيتها على قطاع غزة رغم وقوعه تحت سلطة الانقلاب .

-و أما النقطة الأهم في نظر حماس لتلك الانفاق في أنها صارت تستخدمها كطرق ذات مسربين متعاكسين ، أي بمعنى أن تدفق البضائع و الاشخاص و السلاح و الاموال صار يذهب من غزة الى سيناء !!.
كيف كان ذلك ؟!
بعد بدء الثورة المصرية ضد نظام الرئيس حسني مبارك ، و ركوب حركة الاخوان المسلمين في مصر لها صار دعم ما يصل اليهم من غزة ، و نتذكر هنا قصة اقتحام السجون المصرية و اطلاق سراح من فيها من عناصر الاخوان المسلمين ، و ما قيل و ثبت عن تورّط عناصر من حركة حماس فيها .

و تولى الإخوان المسلمون في مصر الحكم و ذلك شأن مصري ، و تولى الرئيس محمد مرسي مقاليد الحٍكم في مصر و ذلك أيضاً شأن مصري ، و جرت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي ، و هذا أيضاً شأنٌ مصري بإمتياز ..

و لكن كان لحماس رأي آخر ..

إن حركة الاخوان المسلمين في مصر و بعد إسقاط محمد مرسي بدأت حرباً ارهابية مباشرة أو بالوكالة ضد الدولة و الجيش المصريين مما اضطر القضاء المصري لإععتبار حركة الاخوان المسلمين في مصر حركة ارهابية .

كان على حركة حماس التقاط الصورة كاملةً و استيعاب الموقف و التصرف بمسؤولية و النأي بالنفس عن التدخل في الشأن المصري ، و لكن الأصل غلب حيث تصرفت حماس بصفتها حركة اخوانية لا حركة وطنية فلسطينية ، و جرى رصد مساعدات و تدخلات حمساوية تضر بالامن الوطني المصري .

هنا قررت مصر اعلان الحرب على الارهاب بعد تصاعد الخسائر في صفوف القوات المسلحة المصرية و قوات الشرطة ، و أعلنت ضمن خطتها الحرب على الانفاق بلا هواده كونها أحد الشرايين التي تُغذًّي الارهاب في مصر مع فشل حركة حماس في تطمين الجانب المصري بحيادها فيما يجري بمصر ، و حيادها في الحرب المصرية على الارهاب او بالإقرار باتفاقيات المصالحة و تسليم المعابر لحرس الرئاسة الفلسطينية تمهيداً لإعادة تشغيلها .

كانت الخطة المصرية ذات عدة وسائل :
– خلق منطقة عازلة على الجانب المصري من الحدود و ذلك بقصد اخلائها من المنازل التي قد ( تختبىء!) بها الاطراف الاخرى للأنفاق .

– هدم الانفاق الظاهرة .

– إغراق منطقة الشريط الحدودي المصري الملاصق لقطاع غزة بالمياه و ذلك للعمل على تفكيك التربة للعمل على انهيار الانفاق بغض النظر عن معرفة موقع تلك الانفاق .

ان على حركة حماس ان تعي بأن شعبنا يستحق حياة كريمة لا حياة الفئران و الارانب ، و عليها ان تعي ان ذلك يكون بالالتزام باتفاقات المصالحة و تسليم المعابر .

Exit mobile version