المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

المنشقون عن “داعش” يكشفون عن خيبة أملهم كتب كيميكو دي فريتاس تامورا

يجازف عدد قليل، ولكنه متنامٍ، من المنشقين عن مجموعة الدولة الإسلامية “داعش” بمواجهة خطر التعرض لانتقام المجموعة أو السجن، لدى التحدث علناً عن خيبة أملهم من المجموعة المتطرفة، وفقاً لما ذكرته منظمة أبحاث تتعقب المتشددين السابقين والحاليين على حد سواء.

وينظر تنظيم “داعش” إلى المنشقين على أنهم مرتدون، ويُعتقد أن معظم المئات من المقاتلين الذين غادروا المجموعة قد تواروا عن الأنظار.
واستناداً إلى تقرير أعده المركز الدولي لدراسة التطرف في كينغز كولج في لندن، فإن 58 من المنشقين، تسعة منهم من أوروبا الغربية وأستراليا، كانوا قد أدلوا بشهاداتهم علناً منذ العام الماضي.

وفق التقرير المذكور، قال بعض المنشقين إنهم لم يكونوا يوافقون على عدوانية مجموعة “الدولة الإسلامية” تجاه المجموعات الثورية السنية الأخرى المعارضة للرئيس بشار الأسد في سورية، وقتلها العشوائي للمدنيين والرهائن. كما أن آخرين رُوعوا مما رأوه على أنه محسوبية وسوء معاملة من جانب بعض القادة، أو أنهم أصيبوا بخيبة أمل من حقيقة أن حياة المتشدد في المجموعة كانت أقل إثارة بكثير، أو إغواء، مما كانوا قد تخيلوا. وكان اثنان من المنشقين الذين أدلوا بشهادتهم قد تركوا التنظيم بعد أن تبين لهما أنه تم اختيارهما ليكونا من بين المفجرين الانتحاريين.

وفي الأثناء، حث الباحثون الحكومات على منح المنشقين عن المجموعة الإرهابية المزيد من المحفزات للتحدث بصراحة، بحيث يمكن أن تستخدم رواياتهم لثني مجندين آخرين محتملين عن الانضمام إلى صفوف “داعش”. وكان المنشقون الثمانية والخمسون، سبعة منهم نساء، قد تحدثوا في مناسبات عدة لمنظمات أخبار مختلفة، بما فيها صحيفة “نيويورك تايمز” حيث يجمع التقرير شهادتهم بينما يوفر سياقاً وتحليلاً لهذه الشهادات.

يقول التقرير: “يقدم المنشقون نظرة فريدة من نوعها إلى داخل الحياة في الدولة الإسلامية”. ويضيف: “لكن قصصهم يمكن أن تستخدم أيضاً كأداة قوية محتملة في القتال ضدها، حيث ينقض الوجود الفعلي للمنشقين صورة الوحدة والتصميم التي يسعى تنظيم ’داعش‘ إلى إيصالها عن نفسه”.

إن بعض “وهج الدولة الإسلامية قد شرع في التضاؤل وشرعت في الظهور أقل تأثيراً”، كما قال بيتر نيومان، مدير المركز الذي أصدر التقرير وأستاذ الدراسات الأمنية في كينغز كوليج. وأضاف: “ولذلك يصبح الكثير من الناس أكثر ثقة في الخروج من المجموعة”.

وأضاف الدكتور نيومان أن الكثيرين أصبحوا يتحدثون علناً عن تجربتهم أملاً في الحصول على معاملة تفضيلية من جانب المدعين العامين والقضاة”. لكنك “إذا كنت حكومة، فإنك ستريد انشقاق المزيد” من أجل خلق المزيد من الزخم والحافز للآخرين لفعل الشيء نفسه. وقال إن من الممكن استخدام شهادات المنشقين لمجابهة طرق الدولة الإسلامية الملتوية في التجنيد، كما حث الحكومات على “إزالة المحبطات القانونية” التي تردع المنشقين عن الخروج والتحدث علناً، ومحاولة إعادة تأهيلهم بدلاً من سجنهم.

في العامين الأخيرين، هناك ما يقدر بنحو 20.000 مقاتل أجنبي، ربعهم تقريباً من الأوروبيين، والذين انضموا إلى صفوف المجموعات الجهادية في الشرق الأوسط، ومعظمهم انخرط في صفوف مجموعة “الدولة الإسلامية”، كما قال الدكتور نيومان. وأضاف أن ما بين 25 بالمائة و40 بالمائة منهم قد عادوا أصلاً إلى أوروبا. ويقدر مسؤولون أوروبيون أن أكثر من 300 شخص قد عادوا إلى بلدانهم.

قال المنشقون إن الحياة في ظل الدولة الإسلامية، التي تعرف أيضاً بالدولة الإسلامية في العراق وسورية، والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، هي أبعد ما تكون عن دولة المدينة الفاضلة التي كانوا قد وعدوا بها.

وقال مقاتل سوري يبلغ من العمر 26 عاماً لراديو “أن. بي. آر” في العام الماضي: “إن الدولة الإسلامية تريد أن تقتل كل من يقول لا، ويجب على الجميع أن يكونوا معهم”. وقال المنشق إنه كان قد دفع مالاً لمهرب حتى يأخذه إلى تركيا، حيث ترتب عليه الاختفاء عن أعين مخبري الدولة الإسلامية الذين كانوا يجوبون الحدود. وأضاف: “كنت أفكر طوال الوقت: إذا اعتقلوني، إذا أوقفوني فإنهم سوف يقطعون رأسي”.

في حالة أخرى، قال مقاتل غربي يدعى إبراهيم، إنه انضم إلى المجموعة أول الأمر لأنه أراد تقديم مساعدة إنسانية للسوريين، وحتى تتسنى له فرصة العيش في ظل الخلافة الإسلامية وفق قانون الشريعة الإسلامية الصارمة. وقال لشبكة “سي بي أس” التلفزيونية الأميركية إنه غادر المجموعة في نهاية المطاف.

وأشار إلى أن “العديد من الناس عندما يأتون، يكونون متوافرين على الكثير من الحماس بسبب ما شاهدوه على المواقع الإلكترونية أو ما شاهدوه على يوتيوب”. وأضاف: “ليست الأمور كلها مسيرات عسكرية، أو أنها ليست كلها انتصارات”.

وقال المقاتل إنه شاهد رجلاً وامرأة وهما يرجمان بالحجارة حتى الموت بعد إدانتهما بارتكاب الزنى، وقد اعتبر ذلك عادلاً، لكنه لم يوافق على قطع رؤوس عمال الإغاثة والصحفيين وغيرهم من غير المقاتلين.

وأضاف: “كان سببي الرئيسي للمغادرة هو شعوري بأنني لم أكن أفعل الشيء الذي كنت قد جئت من أجله، وهو تقديم المساعدة بالمعنى الإنساني لشعب سورية. لقد أصبح الأمر شيئاً آخر -ولذلك، لم يعد هناك ما يبرر بقائي بعيداً عن عائلتي”.

وقال الدكتور نيومان إنه مهما كان قدر خيبة الأمل التي تصيب المجند، فإن عليه/ أو عليها قطع أشواط بعيدة ليتمكن من مغادرة الدولة الإسلامية. وفي إحدى الحالات، انشق أحد المقاتلين بعد أن تمكن من استغفال المتشددين، عبر جعلهم يعتقدون بأنه كان يغري شقيقته بالقدوم من ألمانيا، حتى أنه قام باختلاق محادثات على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” لإظهار أن جهوده كانت تحقق النجاح.

وبعد ذلك تمكن من الهروب إلى تركيا بعد قوله للمتشددين إنه ذاهب لكي يصطحبها من الحدود. وقال الدكتور نيومان: “حتى تتمكن من التخلص من الدولة الإسلامية والتمكن من الخروج، عليك أن تكون ذكياً جداً”.

وأشار الدكتور نيومان إلى أن مركز الاتصالات الاستراتيجية لمجابهة الإرهاب في الولايات المتحدة كان من أوائل الجهات التي أدركت قيمة هذه الروايات التي يحكيها المتشددون المنشقون.

وشملت نجاحاته شريط “يوتيوب” كان قد نشر في العام الماضي، والذي “رحب” بالمجندين في صفوف الدولة الإسلامية من خلال عرض صور للأعمال الفظيعة التي ترتكبها المجموعة. وقد شوهد الشريط نحو 865.000 مرة.
كما تدير الوحدة أيضاً حملة مشابهة على “تويتر” تحت اسم .@ThinkAgainـDOS

(نيويورك تايمز)

Exit mobile version