المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

#غضبة_القدس…معركة الأكف المفتوحة (1-4) كما يكتب المفكر والكاتب بكر أبوبكر

تشتعل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بمجموعة من النقاشات حول اسم أو مضمون أو وسائل العمل بانتفاضة أو هبة أو صرخة أو (غضبة القدس) الحالية، غضبة أبناء فلسطين الشباب، وفي ذات الوقت حار الاسرائيليون بفهم هذا الحراك الفلسطيني الثوري، ويحتار البعض في بداية انطلاقتها ولا يدركون جيدا أن صانع الحدث من حيث المصطلح والمضامين هم شبيبة الميدان وقياداته الجديدة ليس منذ الأمس مطلقا، وإنما في حدها الأدنى منذ عام تقريبا أي بدءا من العام 2014.

من المقاومة الشعبية الى غضبة القدس

من المفيد أن نقول: إن مسار العمل المقاوم الشعبي الجماهيري بأكف مفتوحة وبالفعل السلمي لم يتوقف في فلسطين منذ العام 2005 أي بعد تجربة الانتفاضة الاخيرة (2000-2004) التي خالط نهاياتها تجارب سلبية، لم يتوقف ولنا في نماذج المخيمات أو القرى التي قاومت الاحتلال مثالا مهما حيث ولدت فكرة “باب الشمس” –وما تلاها- في اللجان الوطنية للمقاومة الشعبية، في حركة فتح وخاصة بقيادة عضو مركزية حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح القائد الميداني محمود العالول، وكافة الفصائل والمؤسسات الوطنية في القرى التي استمرت تنظّم مسيرات شعبية أسبوعية منذ عدة أعوام مثل بلعين ونعلين والنبي صالح والمعصرة وكفر قدّوم وغيرها، أو خارجها. إضافة للأنشطة الشعبية الأخرى في مختلف المناطق.

إن تركنا المسار السياسي الفاعل والمؤثر في هذه الغضبة في قراءتنا هذه مؤقتا لنركز على الوضع الميداني يمكننا القول اليوم بارتياح أن غضبة القدس الحالية لم تولد فجأة قط، وإنما تراكمت بحيث بدأت شرارتها الكبرى في العام 2014 في مدينة القدس أساسا، وفي حراك مدن وقرى الضفة الأخرى معا وسويا، ولا تركنوا لمن يفترض أنها بالقدس فقط، بالبُعد التقزيمي للنضال، فهذا تكذبه الأحداث وإن اشتدت المواجهات نعم في القدس آخر عدة شهور، لأن القدس بأقصاها الجريح لا تقبل التقسيم له مطلقا ولا تقبل الروايات التوراتية التاريخية المكذوبة، فهذا الصرح لنا وما كان للعام 1929 في هبة البراق إلا أن أثبتت أن حائط البراق ذاته وهو جزء من السور الغربي للأقصى (يسمونه زورا حائط المبكى) هو جزء من الصرح الاسلامي، كما أن القدس درة فلسطين وهي التي يحميها الفلسطينيون بأقصاها ومساجدها وكنائسها وأسوارها وبيوتها وحواريها لأنها رمز الألم والأمل، وبوابة الحرب والسلام معا، ورمز اليأس من العدو والأمل بالله سبحانه وتعالى، والصامدين المرابطين فيها، ولأنها حتما ستكون عاصمة فلسطين الأبدية.

من قصرة الى سوسيا الى القدس

في الوقت الذي استمر فيه جنوب الضفة خاصة في الخليل وبيت لحم ويطا يقاوم سرقة الأرض وتدمير بيوتنا ويقاوم البؤر الاستيطانية المنتشرة كالسرطان في كل مكان في قرى ومناطق المعصرة وجورة الشمعة وسوسيا وترمسعيّا وبلعين… الخ. كان أبطال جنين ونابلس والشمال عامة ينقضون ضد المستوطنين دفاعا عن فلسطين وأراضينا وكان نجم هذه الغضبة اللامع في حقيقة الأمر في الشمال الفلسطيني هم مناضلو قرى نابلس الصناديد، ولنضعكم في نموذج قرية قصرة الرائع التي تصدت ببسالة عز نظيرها للمستوطنين فأشعلت شمعة منيرة في درب (غضبة القدس) منذ تواصل تصديها لعصابات المستوطنين.

كانت بلدة قصرة في محافظة نابلس نموذج المقاومة الباسلة أو الغضبة بأكف مفتوحة منذ رفضها بوضوح إرهاب المستوطنين في فلسطين وخاصة شمال الضفة، وتصديهم لهم الى الدرجة التي قاموا بها في شهر يناير عام 2014 بأسر 17 ارهابيا مستوطنا وتعاملوا معهم بأخلاق الفرسان فلم يمسوهم بل وأطلقوهم وقال إمام مسجد قصرة حينها الشيخ زياد عودة: (هدفنا ليس قتلهم وإنما ايصال رسالة لهم ولعموم المستوطنين ولدولة “اسرائيل” بأن عليهم أن يوقفوا اعتداءاتهم علينا، وإلا فإن عليهم تحمل عواقب ذلك في المستقبل).

وحصلت اشتباكات متجددة بعد ذلك من القرية والقرى الأخرى مع المستوطنين كان من ضمنها معركة قصرة في 31/7/2015 حيث تصدت الحجارة مقابل رصاصات المستوطنين وجنود الاحتلال الذين كانوا يراقبون ويحمون المستوطنين.

انعطافة المتطرفين الإرهابيين عام 2014

وأيضا في العام 2014 ذاته انتقل المتطرفون اليهود من المقيمين على أرضنا قسرا في المستوطنات من أسلوب عمليات حرق الاشجار والبيوت وحرق المساجد التي بدأوها منذ العام 2009 الى عمليات المواجهة المباشرة مع المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض، فمارسوا إرهاب الحاخام (اسحاق شابيرا) الأسود الذي أباح دم الأطفال الفلسطينيين وحرقهم بفتوى فقهية لم يكن من حاخامات المستوطنات إلا أن امتدحوها خاصة حاخام (بيت إيل) القريبة من منزلي في رام الله الذي اعتبرها بفخر حينها (ابداعا فقهيا واكاديميا)! ومن هنا تصاعدت الاعتداءات على الناس حتى لقيت جذوتها في جريمة احراق عائلة الدوابشة في قرية دوما نابلس (28/8/2015). (أنظر نماذج مسلسل القتل والحرق المتواصل لاحقا: في قتل الطالبة هديل الهشلمون بدم بارد بالخليل 22/9/2015، وبإطلاق النار على شروق صلاح دويّات من مستوطن إرهابي حاول نزع حجابها فلما قاومته جثم عليها وقتلها بالقدس 7/10/2015، وفي قتل الطفل عبدالرحمن عبيد الله 5/10/2015…الخ)

المفارقة هنا أن نشأة هذه العصابات الاستيطانية الإرهابية بدعم الثلاثي حكومة نتنياهو وكبار المستوطنين والجيش الاسرائيلي- الجيش أحيانا يتفرج وأحيانا يرعى ويدعم مباشرة وأحيانا يتبادل الأدوار مع العصابات- قد ترافقت مع ذات العام الذي قررت فيه حركة فتح بالمؤتمر السادس عام 2009 أن تعتمد الحرب الشعبية أو المقاومة الشعبية الجماهيرية السلمية استراتيجية لها، وهذا ربما نطرقه في بحث آخر.

في العام 2014 كانت أيضا النقطة المفصلية في مسار المتطرفين في القدس الذين انتشروا أواخر حكومة “نتنياهو” العنصرية المتطرفة (قبل الانتخابات الاسرائيلية 2015) وبدعم واضح من حكومته لفرض نجاحه –وهو ما حصل– وكان ذلك متعانقا مع الاعتداءات المتواصلة للارهابيين المستوطنين في وسط الخليل وفي الحرم الابراهيمي الشريف، وقامت هذه العصابات بالاعتداء على الممتلكات وعلى المواطنين في سياسة مستمرة كان أبرزها جريمة احراق الفتى محمد أبو خضير بالقدس وهو متوجه لصلاة الفجر من قبل 3 إرهابيين صهاينة في 2/7/2015، وتواصلت الجرائم في كل مكان وكانت قمتها بقتل الوزير القائد المناضل من حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح زميلنا الاخ زياد أبوعين في 10 ديسمبر 2014؛ إثر قمع القوات الإسرائيلية لفعالية زرع لشجر الزيتون بقرية ترمسعيا برام الله، ولا نريد أن نعدد عشرات بل مئات جرائم الاحتلال في القدس والضفة وقطاع غزة، ولكم في التقارير الموثقة امكانية الاطلاع على آلاف الاعتداءات على بيوت وأراضي وأرواح المقدسيين كنموذج حي ثم الاعتداء على مقدسات المسلمين والمسيحيين (حرق كنيسة الطابغة في اراضي فلسطين عام 1948 كانت نموذجا صارخا أيضا) وصمود المرابطين الاسطوري في الاقصى المبارك.

Exit mobile version