المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الخنازير البرية تشقي “أم ناصر”

معن الريماوي

تكد الحاجة لطيفة عبد الله كرعوش “أم ناصر”، ذات الستين عاما، من قرية دير بلوط غرب سلفيت، في فلاحة أرضها طول العام، وفي هذه الأيام يزداد شقاؤها وتتعاظم مصيبتها، وهي تنظف أرضها من مزروعات اتلفتها خنازير برية. تحني هامتها، تنتقي الخضروات التالفة (في مساحة تقدر بدونمين زرع فيها الفقوس والكوسا والخيار والبامية)، وتشهد ملامح وجهها التعبة على ما تتكبده من معاناة كانت في غنى عنها لو ما داست الخنازير أرضها. “كلما قمت بتعزيل الأرض وبتنظيفها، جاءت الخنازير بالليل وخربت، ما خلت الا شي بسيط بالكاد يكفينا لسد قوتنا، وصرنا نشمئز من انتاج المحصول، هذه الخنازير تجعل الزرع في حالة يرثى لها”، قالت “ام ناصر”. بغضب واضح تتحدث الحاجة لطيفة عن الخنازير التي تتلف أكثر من نصف محصولها. “كأنه اجتياح، خربت أكثر من نصف المحصول، وما استفدنا من تسويق الخضار، وتضايقنا ماليا، كنا نبيع في اليوم حوالي 450 شيقلا، أما مع تخريب الخنازير نبيع فقد بـ 100 شيقل”. ولجأت “أم ناصر” إلى طرق شتى لردع الخنازير عن دخول أرضها، فوضعت السموم في الحقل علها تقضي على الحيوان الدخيل، ولكن فشلت الخطة “ولم تقو السموم على قتل قطة”. وطلبت من بعض شباب القرية مساعدتها في حراسة أراضها لمنع دخول الخنازير، فلبوا نداءها وأخذوا يتناوبون فيما بينهم، “الحمدلله شباب القرية ما قصروا، المفروض كل يوم نحمي تعبنا، هذا تعب سنين في العمل”. عدا ذلك، وضعت عائلة “ام ناصر” سياجا حول الأرض، ومع ذلك تمكنت الخنازير من اقتحامها. تعشق الحاجة لطيفة أرضها، فمنذ نعومة أظفارها وهي تعمل في الأرض، حين كانت تصطحبها والدتها إلى الأرض في صغرها، ومع الوقت أصبحت وزوجها وعائلتهما المكونة من أربعة ابناء، منهم إثنان متزوجان ويعملان في غير الزراعة، تعتمد بشكل أساسي على ما تجنيه الأرض من محصول لبيعه والاسراف على البيت، فالزوج يعمل بشكل متقطع في القرية، وتعمل وحدها في فلاحة الأرض. يلح عليها أبناؤها لترك الأرض لشخص آخر “يتضمنها” ويعتني بها ويتقاسم رزقها مع العائلة؛ بسبب تعبها وما تعانيه من الخنازير، لكنها تصر “لا يمكنني التخلي عنها، لو خيروني بين مال الدنيا وهذا السهل (الارض)، بختار السهل، بشوف حياتي فيه، ورغم وجع رجليَّ من التعب ما بفارقه”. “أم ناصر” واحدة من عشرات المزارعين في قرية دير بلوط الذين يعانون من اتلاف الخنازير لمحاصيلهم الزراعية. قال رئيس بلدية دير بلوط كمال موسى، إن البلدية وضعت سياجا حول السهل لمنع دخول الخنازير البرية الآتية من الجهة الغربية للقرية، والقادمة من مستوطنة “ليشم” و”علي زهاف” الاستيطانية. ومع ذلك تدخل الخنازير. ولفت موسى النظر إلى أن قيمة الخسائر لدى المواطنين وصلت لآلاف الشواقل، ولا تقدر البلدية على تعويض المزارعين المتضررين، وقال إن “السلطات الإسرائيلية لا تعمل على منع الخنازير من الدخول إلى أراضي المواطنين، وتهدف من ذلك تخريب المحاصيل الزراعية وبالتالي عزوف المزارعين عن فلاحة أرضهم”.

Exit mobile version