المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الفقر والبطالة يقتلان أهالي غزة

زكريا المدهون

ليلة أمس، أقدم شاب في الثلاثينيات من عمره على حرق منزله شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، هربا من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها.

قبله بساعات حاول سائق تاكسي قتل نفسه حرقا بسبب مخالفة مرورية، وفي نفس التوقيت أحرق عاطل عن العمل معدات عمله وسط مدينة غزة.

وفي شمال قطاع غزة عرض ربّ أسرة بيع جزء من أعضائه، بعد أن أصبح غير قادر على إطعام أطفاله، كما يقول.

عديد القصص المأساوية أصبح ينام ويستيقظ عليها سكان قطاع غزة (1.9 مليون نسمة) ناتجة عن الشعور باليأس والاحباط لما آلت اليه أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية المستمرة منذ عشر سنوات جرّاء الحصار الإسرائيلي.

قبل أيام فجع سكان قطاع غزة بحادثة وفاة ثلاثة أطفال أشقاء احتراقا في مخيم الشاطئ للاجئين غرب غزة، بسبب شمعة في ظل الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي.

تقع هذه المآسي في قطاع غزة على وقع الفقر والبطالة اللذين ينهشان أجساد الفقراء والعاطلين عن العمل، الذين يقدر عددهم بأكثر من 200 ألف شخص.

القرار الإسرائيلي المتواصل منذ أشهر بمنع إدخال مواد البناء فاقم من معاناة العمال والمقاولين وأدى إلى توقف المشاريع العمرانية والإنشائية.

ولا تزال نسبة البطالة أكثر من 40%، فيما تبلغ نسبة الفقر المدقع حوالي 60% في ظل تحذيرات محلية ودولية من تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في الشريط الساحلي، إذا ما استمر الحصار وتعثرت عملية إعادة الإعمار.

في هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي ماهر الطباع: “إن من أهم أسباب الأزمات في قطاع غزة هو الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ عشرة أعوام، إضافة الى تعرض القطاع لثلاثة حروب أدت إلى تدمير البنية الاقتصادية والاجتماعية”.

وأضاف لـ”وفا”، أن الحصار هو السبب الرئيس في ارتفاع معدلات البطالة والفقر والفقر المدقع، وبالتالي ازدياد جيش العاطلين عن العمل.

وتفرض سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 2006 حصارا ساهم في تدهور جميع مناحي الحياة في قطاع غزة. وما فاقم من تدهور الأوضاع الاقتصادية والحياتية والإنسانية تعرض القطاع لثلاثة حروب في أعوام 2008 و2012 و2016، أدت إلى إلحاق خسائر بشرية ومادية فادحة.

وبحسب الطباع، وصلت نسبة البطالة في الربع الأول من العام الجاري وفقا للجهاز المركزي للإحصاء، إلى 41.5%، في حين بلغت هذه النسبة بين الشبان 51%، وعدد العاطلين عن العمل أكثر من 200 ألف فرد. وقال: ينضم سنويا الى جيش البطالة 20 ألف خريج.

وفي ساحة الجندي المجهول بغزة، يواصل ثلاثة خريجين إضرابهم المفتوح الطعام للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم.

ويقدر عدد الخريجين العاطلين عن العمل في قطاع غزة بحوالي 100 ألف.

وشدد الطباع على تعثر عملية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال الحرب الأخيرة، ومنع إدخال مواد البناء ساهم أيضا في تأزم الأوضاع في قطاع غزة.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن القرار الإسرائيلي بمنع إدخال الإسمنت، ساهم بارتفاع معدلات البطالة وتدهور الأوضاع في غزة، حيث توقفت العديد من المشاريع الخاصة بالمواطنين، وكذلك مشاريع الاستثمار الإسكانية، علاوة على توقف قطاع الإنشاءات والقطاعات المساندة له.

ولفت الطباع إلى أن نسبة الفقر والفقر المدقع 65%، مشيرا الى أن مليون شخص في القطاع يتلقون مساعدات إغاثية من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وجهات محلية وعربية ودولية.

وعن الحلول المقترحة للتخفيف من تدهور الأوضاع في غزة، كرر الطباع دعوته إلى إنهاء الحصار الإسرائيلي، وفتح جميع المعابر وإدخال جميع ما يحتاجه القطاع والبدء بإعادة إعمار حقيقية من أجل عودة العملية الاقتصادية إلى الدوران من جديد.

وبالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها سكان قطاع غزة، فإن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المستمرة من عمر الحصار تسبب “كابوسا” لهم.

من جهته، حذر مدير شبكة المنظمات الاهلية أمجد الشوا، “من أن قطاع غزة وصل إلى أوضاع إنسانية خطيرة وغير مسبوقة ولها تأثيرات على الواقع الصحي والنفسي والاجتماعي للسكان”.

وأشار إلى نسب البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي، والتي تتزايد كل يوم الى أن وصلت إلى الأعلى في العالم، ما بات يؤثر بشكل خطير على جميع أفراد المجتمع وكل مناحي الحياة.أعلى في العالم، ما بات يؤثر بشكل خطير على جميع أفراد المجتمع وكل مناحي الحياة.

وبالنسبة للخريجين، قال الشوا لـ”وفا”، 20 ألفا يتخرجون سنويا بدون أي فرص عمل، وهذا يدفعهم إلى واقع نفسي واجتماعي صعب جدا، لافتا الى أن الحصار الاسرائيلي بات يؤثر على عصب الحياة.

وللخروج من الأزمات التي يعانيها قطاع غزة، اقترح الشوا وضع رؤية وطنية متكاملة يشارك فيها الكل الفلسطيني لإنقاذ الوضع الراهن، مشيرا الى تدهور الأوضاع في ظل تحذيرات الأمم المتحدة من أن الحياة في غزة ستصبح غير ملائمة للعيش في العام 2020.

ودعا الى إنهاء الحصار والانقسام والشروع بإعادة إعمار حقيقية، وتوفير مشاريع لإنعاش الأوضاع.

وكان تقرير صدر مؤخرا عن “الأونروا” قدّر عدد الذين ما زالوا نازحين جراء الحرب الإسرائيلية في صيف 2014 على قطاع غزة، بحوالي 75 ألف شخص.

بدوره، حمل نقيب المقاولين في قطاع غزة أسامة كحيل، الجانب الإسرائيلي المسؤولية المباشرة عما آلت اليه أوضاع قطاع غزة بسبب حصارها المستمر منذ عشرة أعوام.

وأكد كحيل أن القرار الإسرائيلي بمنع إدخال الإسمنت إلى القطاع فاقم من تدهور الأوضاع الاقتصادية، خاصة في صفوف المقاولين والعمال وأصحاب القطاعات المساندة، مشيرا الى أن قطاع الإنشاءات يعد العصب الحيوي للاقتصاد الغزي، لا سيما أن قدرته التشغيلية كانت 22% من نسبة العمال.

وقال لـ”وفا” إن 87% من المنح الدولية تمر من خلال قطاع الإنشاءات، وإنه منذ بدء سريان القرار الإسرائيلي بمنع دخول الإسمنت في الثالث من الشهر الماضي، انضم 40 ألف عامل الى سوق البطالة، حيث لا يوجد مخزون استراتيجي من الإسمنت.

وأضاف: بعد شهر من القرار انضم لاحقا الى سوق البطالة 30 ألف عامل بعد توقف القطاعات المساندة، مشرا الى أنه قبل الحصار الإسرائيلي كان يعمل في قطاع الإنشاءات 120 ألفا.

وأوضح كحيل أن قطاع غزة يحتاج يوميا إلى 6000 طن إسمنت، مشيرا الى أن اسرائيل تواصل منع إدخال الخشب اللازم لأعمال البناء.

وطالب نقيب المقاولين بفك الحصار بشكل كلي، وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال قبل وصول الأمور الى منزلق خطير.

Exit mobile version