المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

أهالي أسرى غزة.. فرحة منقوصة في رمضان

في الوقت الذي يستقبل فيه المسلمون في شتى بقاع الأرض شهر رمضان المبارك بفرح وسرور وتلتقي العائلات على مائدة واحدة مزينة بما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات .. تظل فرحة قدوم الشهر الفضيل منقوصة لدى أهالي أسرى غزة الذين يعيشون آلام الفراق ومحرومون من رؤية أبنائهم القابعين منذ سنوات طويلة في غياهب الزنازين الإسرائيلية.

ويستذكر أهالي الأسرى أبنائهم الأبطال على موائد الإفطار، حيث يخيم الحزن والألم وحرقة الفراق على آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم لفقدانهم أحد أركان الأسرة في شهر رمضان الكريم ولفترات قد تمتد لأكثر من 20 عاما.

“ملامح وجه ابني ما بعرفها” بهذه الكلمات العفوية، يعبر المواطن عماد عريف والد الأسير باسل عريف من سكان مدينة غزة والمحكوم مؤبدين و25 عاما ويقبع في سجن نفحة الصحراوي عن ألمه وحزنه لغياب ابنه لأكثر من 16 عاما في سجون الاحتلال.

يقول عريف البالغ من العمر 55 عاما لمراسل “معا” :” آخر رمضان عشته مع ابني باسل كان عمره 18 عاما واليوم عمره 34 عاما، كيف سيكون شعوري .. حزن وألم .. على فراق ابني المعتقل بتهمه مقاومة الاحتلال”.

وتابع الرجل الخمسيني الممنوع من الزيارة:” ابني محكوم مؤبدين و25 عاما بتهمة مقاومة الاحتلال .. حاضر معنا على مائدة الإفطار والسحور في هذا الشهر الكريم ونسال الله أن يكون الفرج قريبا له ولجميع الأسرى في السجون “.

ويقوم عدد محدود من أهالي أسرى غزة بزيارة ذويهم في السجون الإسرائيلية يوم الاثنين من كل أسبوع بتنسيق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وأوضح عريف أنه يطمئن على نجله من خلال الأسرى الذين يفرج عنهم، داعيا الرئيس محمود عباس والمقاومة الفلسطينية إلى أن يضعوا قضية الأسرى على سلم أولوياتهم،كما ناشد المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية بضرورة التدخل للإفراج عن الأسرى الذين يعانون ظروفا إنسانية صعبة.

ويقبع في سجون الاحتلال الاسرائيلي ما يقرب من 7 آلاف معتقل فلسطيني موزعين على 22 سجنا ومركز توقيف، بينهم حوالي 400 من قطاع غزة، جلهم من القدامى وأصحاب الأحكام العالية.

وقال عبد الناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين :”إن دولة الاحتلال وللأسف كعادتها لا تراعي خصوصية شهر رمضان ولا توفر احتياجات الأسرى بل تتعمد التضييق عليهم وتصعد من اعتداءاتها عليهم وإجراءاتها القمعية بحقهم مما يفاقم من معاناتهم وذويهم خلال هذا الشهر الفضيل”.

وأضاف في حديث لمراسل “معا”:” المعاناة مزدوجة فكم من أم غص حلقها باللقمة لحظة الإفطار لتذكرها ابنها الذي يقبع هناك وراء القضبان، وكم من أب انهمرت الدموع من عينيه في أيام رمضان وهو يتصور ابنه مقيد اليدين في سجون الاحتلال”.

وتابع :”يحدث شيء شبيه بهذا داخل السجن كذلك حيث يتذكر الأسير المناسبة في الخارج ويتصور ما يحدث لأهله في هذه اللحظة دون حضوره فيزداد شعوره بالحرمان خاصة إن كان من القدامى أو ممن فقدوا أحد الوالدين خلال سني الاعتقال”.

وأردف فروانة وهو أسير سابق لأكثر من مرة وخبير مختص بشؤون الأسرى قائلا:”إن لشهر رمضان مذاقا آخر في السجون فبالرغم من مرارة الحياة وقسوة الأحداث والإجراءات الإسرائيلية في رمضان إلا أن الأسرى يدركون جيدا أن الحياة يجب أن تستمر لذا تراهم يحاولون تناسي ما بهم من هموم ويتعالون على آلامهم”.

واستطرد :” الأسرى يستقبلون هذا الشهر بما يليق به ويتبادلون التهاني والتبريكات فيما بينهم ويقضون أيامه ولياليه بالتهجد وتلاوة القرآن والدعاء بأن يفرج الله كربهم وأن يفك قيدهم حتى إن بعض الأسرى يتمون حفظ القرآن في هذا الشهر، كما ينظم الأسرى الدورات في تعليم التلاوة والتفسير كل ذلك إلى جانب العديد من البرامج الترفيهية والمسابقات الوطنية والدينية والرياضية.

وأضاف :” الأسرى يتفننون أيضا في صنع الأطعمة والحلويات الخاصة بطرقهم الخاصة ووفقا للإمكانيات المتوفرة بما يتناسب وشعائر هذا الشهر العظيم”.

من جانبه ، يؤكد “مركز أسرى فلسطين للدراسات” أن إدارة سجون الاحتلال تتعمد التنغيص والتنكيد على الأسرى في شهر رمضان المبارك وكسر فرحتهم باستقبال الشهر الفضيل بعدة إجراءات وممارسات قمعية تزيد من أوضاعهم صعوبة وقساوة.

وقال الناطق الإعلامي للمركز الباحث رياض الأشقر إن الأسرى كل عام يأملون مع قدوم شهر رمضان بان تكون الأوضاع أفضل من ذي قبل وأن ينعموا بأجواء إيمانيه خاصة يتفرغوا فيها إلى العبادة وقراءة القران وحفظه والصلاة الجماعية والابتهال إلى الله بالدعاء ولكن الاحتلال يبدد آمالهم في كل مرة بمزيد من الممارسات القمعية والتعسفية.

وأشار الأشقر إلى أن إدارة السجون تتعمد إرباك الوضع الاعتقالي بشكل مستمر حتى لا يشعر الأسرى بخصوصية شهر رمضان وذلك عبر عمليات الاقتحام والتفتيش والاستنفار الدائمة تحت حجج وذرائع واهية والتي تستمر أحيانا منذ الصباح وحتى موعد الإفطار أو تبدأ بعد الإفطار وتنتهي بعد أذان الفجر بعدة ساعات، والتي كان آخرها قبل أيام اقتحام قسم 12 في سجن نفحه تزامنا مع أداء الأسرى لصلاة التراويح بحجة التفتيش حيث رفض الأسرى هذا الإجراء التعسفي المتعمد في مثل هذا الوقت.

وذكر أن الاحتلال يتعمد في رمضان تقديم طعام سيئ للأسرى كما ونوعا ويرفع الأسعار في “كانتين” السجن بشكل مبالغ فيه عن الأيام الأخرى في غير رمضان وذلك لإرهاق الأسرى ماليا واستنفاد مخصصاتهم المالية التي تصل إليهم من ذويهم ، ويفرض عليهم كذلك شراء أصناف محددة قد لا يرغب بها الأسرى إضافة إلى رفض إدخال مبلغ “كانتين” إضافي للأسرى في شهر رمضان من أجل تمكينهم من شراء احتياجاتهم الأساسية وذلك إمعانا في التضييق عليهم.

وأوضح الأشقر بان من أساليب التنكيد الأخرى على الأسرى خلال رمضان هي قيام الإدارة بمصادرة المراوح من الغرف أو منعهم من شراء مراوح إضافية خاصة في السجون التي تقع في الأجواء الصحراوية حيث الحرارة والرطوبة مرتفعة وتزداد صعوبة مع الصوم مما يحول الغرف إلى أفران حارة وكذلك تنفيذ تنقلات بين الأقسام والسجون لعدد من الأسرى وهذا يخلق حالة من الإرباك والتوتر لدى الأسير الذي يحتاج لعدة أسابيع حتى يتكيف مع الوضع الجديد، إضافة إلى مضاعفة عمليات عرض الأسري على المحاكم في رمضان لما فيها من معاناة وتعب وسفر عبر “البوسطة” لساعات طويلة وقد يرافقها اعتداء على الأسرى.

كما تعطل إدارة مصلحة السجون إدخال الأغراض الخاصة بشهر رمضان كالتمور وزيت الزيتون والحاجيات التي يستخدمها الأسرى لصناعة الحلويات والتي تحضرها المؤسسات المختصة أو الأهل خلال الزيارة.

معا – أيمن أبو شنب

Exit mobile version