المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

يوم إنتحـــار غزة !!

بقلم : محمد يوسف الوحيــدي

تصريحات نارية ، و إتهامات متبادلة ، بالفشل ، و المسئولية عن الإنقسام و رفض التصالح … جعلتني أصاب بحالة إنعدام إتزان أو إنعدام وزن ، حتى أني كلمت نفسي في محاولة مني للرد ، و الدفاع عن هويتي و شعبي و حياتي و مستقبل أبنائي ، قلت لنفسي و أنا أحاورني بقوة وعصبية ممزوجة بملامح الهارب من الحقيقة الباحث عن سبب و تبرير : العرب هم من أوصلنا إلى هذه الحالة من الإرتباك و الإنقسام … بتدخلهم و إغرائهم لبعضنا ، و لعبهم ببعضنا ضد بعضنا لتنفيذ أجنداتهم .. وقبل أن أكمل كلامي ، وجدتني أضحك من سذاجة التبرير و أصفق بسخرية ، و كأني كنت أقوم بدور ماسخ قديم ، على خشبة مسرح رخيص .. وقلتُ لنفسي : زهقنا و قرفنا العالم بهذا الموال ، ولو طنت مكان الآخرين لقلت لنا إستحوا على دمكم ، أنتم في دفاعكم عن أنفسكم أصبحتم كمجرم يطالب المجتمع بالنظر إلى دوافع قيامه بالجريمة و لا يحاكمة على ما فعل و يفعل .. فهمنا أنكم تعرضتم للقهر ، و البيع و الشراء ، فهمنا أن العرب لم يقفوا معكم كما يجب ، فهمنا أن العالم يحكم بمجموعة من أثرياء اليهود ، ثم ماذا ؟ ماذا تريدون ؟
وهنا أطرقت ، و بدأ الدم يغلي في راسي ، و لكن و بدون إنتظار ردة فعلي و جدتني أواصل قائلاً :
” من الواضح اننا وصلنا لقناعة بأحد أمرين :
الأول – أننا يأسنا من أي حل ، و تأكدنا مقاومين و سياسيين أن إسرائيل لن تعطينا شيئاً ، فقررنا أن نبيع فلسطين بالمفرق ، و يقوم كل طرف بالسيطرة بقوة الغلبة ووضع اليد على قطعة، يستثمرها بالشكل الذي يدخل عليه مرابح أكثر .. و بعناوين مرة دينية و مرة وطنية و مرة حمراء و مرة زرقاء ..
الثاني – أننا شعب أضعف من أن يجبر قياداته على تمثيله ، و لا يستطيع أن يتكلم ، و يخاف وكل ما قاله محمود درويش و غسان كنفاني ، و نزار قباني ، و غيرهم ما هو إلا خيالات شعراء و أدب ممزوج بالفنتازيا و الأحلام غير الواقعية .. لذلك نسقط كل اثامنا و خطايانا على شعوب العرب حولنا ، نلوموهم على ترفهم و بترولهم و مشاريعهم ..
هل لاحظنا أننا ما زلنا نجتر صور ياسر عرفات ، و أبو جهاد و أبو إياد ؟؟ دون أن نضيف صورة جديدة أو مثل جديد ؟؟
هل لاحظنا أننا حتى الآن ننتظر المهدي المنتظر ، الفلسطيني المنتظر ؟؟
هل لاحظنا أننا لا نتحدث عن القدس بقدرما نتحدث عن المعبر ؟ و السولار و كوبونات وكالة الغوث ، و سعر الدولار ؟؟ هل لاحظنا أن مؤسساتنا الأهلية ، المحلية و المستوردة أصبحت من أكثر المؤسسات خبرة في مهنة التسول و بيع صور العذاب باليورو ؟
كيف يمكن أن تتصالح فتح و حماس ، على ” إدارة ” و أصل الشئ مختلف ، البرنامج مختلف ، المنطق مختلف ، القلب مختلف ؟؟
كيف يمكن لدولة فلسطين أن تحكم ، وأموال و تمويل و مشاريع و أقتصد كاكل أصبح بيد تنظيم واحد ، كيف يمكن و قوات حماس المسلحة أقوى من قوات الأمن الوطني عدة و عتاداً؟ كيف يمكن أن تحفظ دولة فلسطين أمن غزة و إستخبارات و أجهزة أمن حماس منتشرة في كل شارع و زقاق و على الأسطح و تحت جلد الناس ؟
كيف يمكن لدولة فلسطين أن تحكم وحماس لا تعترف بها ؟ و لا بمنظمة التحرير الفلسطينية ، كيف يمكن لأحد أبناء حماس أن يطيع أمر قائد أو وزير في عقيدته هو فاسد ،علماني أو مرتد ، أو خائن ، أو عميل ؟؟
إن ما حدث في غزة لم يكن إنقلاباً ، و لا هو حسم، بل هوقصم ، وتدمير ، ما حدث في غزة ببساطة هو إنتحار .
عندما صوت الفلسطينيون ، كانو ينتحرون ، كانو ينتقمون من فساد و قهر و سرقة ، بأسلوب العاجز ، اسميناه حينها تصويتاً إنتقامياً ، و لكن آن الأوان ، أن نسميه بإسمه الصحيح ، لقد كان تصويتاً إنتحارياً .. غزة لم تسقط يوم الإنقلاب أو الحسم ، غزة سقطت يوم الإنتخابات .. هذا اليوم كان يوم إنتهاء المشروع الوطني الفلسطيني ، هذا اليوم كان يوم إنتحار غزة .

Exit mobile version