المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

معظم الاسرائيليين لا يقبلون حتى المقارنة بين مقتل الفلسطيني ومقتل اليهودي وهذا يغضبهم وكأن الجريمة وسفك الدماء يقتصران على الاسرائيليين فقط

بقلم: جدعون ليفي،عن هآرتس

لقد كان ابنهم واخوهم وأحبوه كثيرا. كان لا حول له ولا قوة. ولد مع متلازمة داون. اطلق عليه الجندي في بطنه من مسافة قصيرة. بعد ذلك غادر الجندي وباقي القوة المكان. تركوه ينزف على الارض الصخرية. بعد ذلك بعدة أسابيع توفي إثر اصابته. عارف جرادات ابن قرية سعير كان عمره 23 عام عند موته.
ادعى المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بان “لاحظت القوات فلسطيني اراد القاء زجاجة حارقة” وان الجنود اطلقوا النار “من اجل ازالة الخطر”. هذا البيان خاطىء لدرجة الاحراج. بالاضافة الى شهود العيان الذين قالوا ان عارف صرخ فقط باتجاه الجنود مثلما يصرخ دائما من شدة الخوف حين يشاهد الجيش، وكان واضحا ان الشاب يعاني من متلازمة داون ولو كان الحديث عن زجاجة حارقة لتم اعتقال عارف من قبل الجنود بعد ان اصابوه. لكنهم اطلقوا النار عليه وغادروا.
على بعد عدة كيلومترات من سعير في كريات اربع تمت في نهاية الاسبوع عملية القتل المزعومة لهيلل يافا أرئيل وهي نائمة. هي ايضا لا حول لها ولا قوة، هي ايضا كانت شابة وبريئة. “كيف يمكن نعي طفلة عمرها 13″ صرحت امها، وكيف يمكن نعي شاب مع متلازمة داون؟ اهتزت القلوب وذرفت الدموع وجفت الحلوق في كريات اربع مثل سعير.
رفعت بدران شاب عمره 15 كان في طريقه الى البيت قبل عدة أيام مع اصدقائه. لقد عادوا في الليل من بركة السباحة. اطلق الجنود 15 رصاصة على سيارتهم بعد ان اشتبهوا بانهم ألقوا الحجارة على شارع 443. رفعت قتل واصيب اصدقاءه الاربعة اصابات بالغة من اطلاق النار على سيارتهم. وادعى الجيش الاسرائيلي بان النار قد اطلقت “بالخطأ”.
أبناء عائلة مارك كانوا يسيرون اول أمس في جنوب جبل الخليل. اطلق فلسطينيون النار على سيارتهم، اطلقوا 19 رصاصة فقتلوا الاب ميخائيل واصابوا زوجته اصابة بليغة واثنان من اولاده. اول من قدم لهم المساعدة كان المارة الفلسطينيين ومن بينهم طبيبة قامت بتقديم الاسعاف للام وكذلك سيارة اسعاف للهلال الاحمر. مرة اخرى قتل اشخاص ومرة اخرى صرخ الجموع وذرفت الدموع.
بين كل اعمال القتل هذه توجد فروقات ويوجد تشابه. لا يمكن التغاضي عن ذلك. بنظر معظم الاسرائيليين ان الفرق شاسع، وبان هذه الاحداث غير قابلة للمقارنة. وبمجرد ذكر التشابه بينها يغضبون. لكن الحقيقة هي أن قليل الحيلة هو قليل الحيلة سواء كان الحديث عن طفلة نائمة او شاب يعاني من متلازمة داون وقتلهما هو أمر بشع.
أيضا اطلاق النار على سيارة مدنية هو عمل بشع. صحيح ان الفلسطينيين الذين اطلقوا النار على السيارة في عتنئيل كانوا يقصدون القتل، أما الجنود الذين اطلقوا النار في بيت عور التحتا ادعوا انهم قتلوا بالخطأ، لكن خطأهم غير مقبول. 15 رصاصة بالخطأ؟ اطلاق النار على سيارة بدون تمييز بدون نية قتل من فيها؟ الفلسطينيين يطلقوا النار كجزء من مقاومتهم للاحتلال والاسرائيليين يطلقوا النار كجزء من مقاومتهم للمقاومة. الدوافع مختلفة والنتائج متشابهة وصعبة، حتى وان قتل عدد اكبر من الفلسطينيين.
معظم الاسرائيليين يعيشون حالة من الانكار، وهذه نتيجة لغسل الدماغ. يوجد فقط ارهاب فلسطيني، ووحشية ولا انسانية لديهم فقط. الواقع الموازي بعيدا عن العين – من سمع عن القتل في سعير – والامر الخطير جدا انه لا يوجد استعداد للنظر الى الحادث من زاوية نظر الفلسطينيين.
وراء كل هذا تختفي الفرضية الاكثر تجذرا في اسرائيل: الفلسطينيون ليسوا بشر مثلنا. دمهم ليس دمنا، سفك دمائهم ليس خطيرا مثل سفك دمنا. في اليوم الذي يستعد فيه الاسرائيليون للمقارنة بين قتل عارف جرادات وبين قتل هيلل ياف ارئيل، في اليوم الذي يعترف فيه المزيد من الاسرائيليين بالاجحاف والجرائم التي تسببها دولتهم، تتم الخطوة الاولى في طريق تقليص سفك الدماء المتبادل. حتى ذلك الحين سوف يستمر ولا احد يستطيع وقفه.

Exit mobile version