المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

سقطت مرمرة … وانتصرت حنين

بقلم: غادة عايش خضر

في الزمن القديم قال ارسطو ان كل القصص لها بدايات ووسط ونهايات، أما قصة اليوم لها بدايات ونهايات فقط ، احداث القصة بدأت في عرض البحر و انتهت في روما ، بداية توجه اسطول الحرية التركي نحو غزة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها منذ 3 سنوات أنداك ، وكانت مرمرة احدى سفن الاسطول الستة المتوجهة نحو غزة ، ويوجد على متنها المئات من الناشطين السياسيين والحقوقيين والصحفيين من مختلف الجنسيات العربية والغربية ،بالإضافة الى المناضلة من اجل الحرية الفلسطينية حنين زعبي، وهى من عايشت الجريمة وراتها بأم عينها ، وما ان اقترب الاسطول من القطاع حيث هاجمت قوات تابعة للبحرية الاسرائيلية في فجر يوم 31/ مايو /2010 كبرى سفن الاسطول الا وهى سفينة مرمرة ،كما اُستخِدم في الهجوم الرصاص الحي والغاز، مما ادى الى مقتل 10 اتراك وعشرات الاصابات ، في حين اطلق الجيش الاسرائيلي آنذاك على العملية اسم عملية نسيم البحر واسم اخر عملية رياح السماء ، استشهد من استشهد واصيب من اصيب و رُحِل من رُحِل وبقيت حنين زعبي تتحدى وتتصدى للكيان داخل الكنسيت وخارجه طوال الست سنوات الماضية ،وفى 29/6/2016 وصفت الزعبى القوات الاسرائيلية المهاجمة بالقتلة مطالبة اياهم بتقديم الاعتذار لجميع المتضامنين المشاركين في اسطول الحرية مما ادى الى مطالبة نتنياهو بإقصاء زعبي من عضوية الكنيست ، ومنذ مشاركة حنين في اسطول الحرية وهى تتعرض لحملات شرسة من التحريض والتهديد، ناهيك عن الاعتداءات المتكررة داخل وخارج الكنيست ،خاصة الاعتداء من قبل حيليك بار وميكي ليفي وارون حزان وذلك اثناء خطابها الاخير في الكنيست ،هي حنين من زلزلت بكلماتها اليسار الاسرائيلي قبل اليمين والمعارضة قبل الائتلاف، واصفين اياها بالمرأة الاخطر على اسرائيل ، حنين التي لم تدخل الكنيست الا لتمثيل مشروع وطني يحمل هم المواطن الفلسطيني داخل الخط الاخضر وخارجه ، فهي التي لم تهزها قرارات الكنيست في عام 2011 القاضية بإبعادها عن جلساته على اثر مشاركتها في اسطول الحرية ، اضافة لذلك الغاء الامتيازات التي كانت تتمتع بها مثال ذلك سحب جواز سفرها الديبلوماسي لضمان منع مشاركتها في نشاطات مماثلة مستقبلية ، ورغم كل ذلك بقيت حنين ملتزمة بمواقفها الثابتة اتجاه القضية الفلسطينية، ففي عام 2014 منعت حنين من المشاركة في جلسات الكنيست لمدة ست شهور بعد أن شبهت جنود الاحتلال بالدواعش ، وذلك بعد الحرب الاخيرة على غزة ، كما طالب اليمين واليسار بشطب اسمها في انتخابات 2015 بحجة تجاوزها كافة الخطوط الحمراء ،حنين من كانت ولازالت تنادى بالوحدة ، واصبح حلمها حقيقة حين توحدت الاحزاب العربية في اسرائيل في قائمة واحدة، وهكذا بالوحدة انتصرت حنين على كل المحرضين عليها من اعضاء الكنيست وغيرهم ، ليت قادتنا بغزة تتوحد وتقتدي من انجازات غيرها وتقلدها، تلك هي قصة حنين ومرمرة وغزة ،وبعد مرور ست اعوام على الجريمة قامت تركيا واسرائيل بالتوقيع على اتفاقية المصالحة بينهما في روما ، يبدو لي ان نهاية كل المتخاصمين في العالم هى المصالحة الا المتخاصمون الفلسطينيون .

اهم بنود اتفاق المصالحة التركية الإسرائيلية:

1ــ تطبيع العلاقات الاسرائيلية التركية بشكل كامل بما في ذلك تبادل السفراء والزيارات الثنائية

والتعاون العسكري والأمني والاستخباري

2ـ تقدم اسرائيل مبلغ مقداره 21 مليون دولار لعوائل الثكلى والجرحى مقابل ذلك تقوم الحكومة التركية بوقف الاجراءات القضائية والمحاكمات للضباط الإسرائيليين امام المحاكم التركية والدولية ( اغلاق ملف مرمرة ) .

3 ـ تسمح اسرائيل لتركيا بنقل المساعدات الانسانية الى غزة وذلك بعد خضوعها للفحص الامني في ميناء اسدود مقابل تعهد تركيا بمنع حماس من العمل ضد اسرائيل من الأراضي التركية.

4ـ تبدأ تركيا واسرائيل بعملية تفاوض تمهد لنقل الغاز من الابار الاسرائيلية عبر انبوب يمتد نحو تركيا ومن ثم تسوق الغاز الإسرائيلي للدول الأوروبية.

5ـ انشاء محطة لتوليد الطاقة في غزة ومنشأة لتحلية المياه ومستشفى وتنفيذ المشاريع مشروط باستمرار التهدئة.

وبعد قراءتي لبنود الاتفاق وجدت أن:ـ

1ـ المبلغ الذي تكفلت اسرائيل بتقديمه لعائلات القتلى سوف يعود اضعافاً مضاعفة من عائدات الغاز الطبيعي لتركيا .

2ـ اما البند المتعلق بإعادة التعاون العسكري الأمني والاستخباري وتطويره، فهو مجرد رسالة من قبل الحكومتين لحركة حماس ودليل ذلك أن التعاون العسكري والاستخباري وصل لمستويات غير مسبوقة خلال فترة القطيعة بين البلدين.

3- أما عن إنشاء محطة لتوليد الطاقة في القطاع فهو بند فاقد لأهميته و وطنيته لأن شركة HOLDING ZORLU التركية تستثمر في قطاع الطاقة في إسرائيل بالشراكة مع شركة ادلتيك الاسرائيلية حيث أقامت العديد من المحطات لتوليد الكهرباء في كافة أرجاء إسرائيل وذلك في فترة القطيعة بين البلدين .

4ـ أما البند المتعلق ببيع الغاز الاسرائيلي لتركيا ومن ثم تقوم تركيا بتسويقه للدول الأوروبية ، هذا البند هو لب اتفاق المصالحة التركية الاسرائيلية وبالتالي الفائدة الاقتصادية تعود بشكل أساسي على اسرائيل.

5ـ البند المتعلق بإنشاء محطة تحلية للمياه ومستشفى ومحطة توليد للكهرباء وتنفيذ تلك المشاريع مرهون باستمرار التهدئة وفي حال خرق التهدئة من أي طرف الاسرائيلي أو الفلسطيني ستقوم اسرائيل بضرب و تدمير المشاريع التركية في غزة كما دمرت مطار غزة سابقاً.

الى كل من راهن على الدور التركي وعقد آمال كبيرة تصل حد السماء، عليهم أن يعودوا ويقرأوا ما كتبه حكماء السياسة حين اخبرونا ان في السياسة ليس هناك عدو دائم أوصديق دائم انما هناك مصالح دائمة ، والدليل على ذلك ان اتفاق المصالحة التركى الاسرائيلي ما هو الا اتفاق سياسي اقتصادي يخدم مصلحة الطرفين ، في حين ازداد الحصار المفروض على غزة حينما قدمت اسرائيل اعتذارها قبل 3سنوات ، اذن ما هو مصير غزة بعد الإتفاق التركي الاسرائيلي؟؟ ولماذا هاجم اوردغان مؤسسة الاغاثة والمساعدات الانسانية التركية بعد مرور يومين فقط على اتفاق المصالحة التركية الاسرائيلية ؟؟، وكأنه يعزز ويبارك تقرير بلمار حين ورد به أن اسرائيل تعاملت مع احداث مرمرة وفق القانون الدولي، و في نهاية المطاف تغيرت وتبدلت مواقف كل من تركيا واسرائيل وبقيت حنين زعبى محافظةً على ثوابتها ومواقفها حيال احداث سفينة مرمرة، في حين سقطت مرمرة من التاريخ وسقطت من المحاكم التركية والدولية وانتصرت حنين

Exit mobile version