المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

ردا على رسالة نتنياهو

بقلم: سمير عباهره

الرسالة التي بعث بها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتتضمن خمسة خطوات لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي في حقيقة الامر محاولة لدفع الضغوط عن اسرائيل وإدارة جديدة للصراع وتحميل الجانب الفلسطيني مسئولية اطالة امد الصراع وعدم التوصل الى اتفاق لتحقيق السلام.
لم تكن الاسباب التي ذكرها نتنياهو في رسالته وشكلت من وجهة نظره عقبة رئيسية امام تحقيق السلام موجودة منذ الشروع بالتفاوض من اجل تحقيق السلام فقد سبق رفض الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة في التعامل مع تسوية الصراع هذه الاسباب التي يرى فيها نتنياهو معضلة حقيقية امام الوصول الى تسوية للصراع، لكنها وان كان البعض منها جاء من بنات افكار نتنياهو وقلبه للحقائق الا انها نتيجة حتمية لسلسلة من الاحداث والوقائع المتمثلة بسياسة الاستيطان الاسرائيلية وسياسة القتل والإعدام بحق ابناء الشعب الفلسطيني وفي الانتهاكات والاعتداءات الاسرائيلية المتكررة.
برسالته هذه يكون نتنياهو قد سمح لنفسه بالتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني فهو يريد ان ينصب ويعزل مسئولين في السلطة الفلسطينية ويعتقد ان وجود سلطان ابو العينين يشكل عقبة امام تحقيق السلام. فاذا كان الامر كذلك فأين يقف العالم اجمع من حكومة يمينية متطرفة يرأسها نتنياهو وتضم في عضويتها غلاة اليمين الاسرائيلي المتطرف وعلى رأسهم نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي والذي يرفض حل الدولتين ويهدد دائما بالانسلاخ عن الحكومة فيما لو تمت الاشارة الى بعض الحلول. وزاد من تطرف نتنياهو وحكومته ضمه للمتطرف افيغدور ليبرمان ووضعه على رأس وزارة الحرب الاسرائيلية وهو الذي رفض ولا زال يرفض التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين والاعتراف بحقوقهم.
وفي سابقة اثارت ردود فعل غاضبة هو ما اقدم عليه نتنياهو من تعيين “ايال كريم” حاخاما جديدا للجيش الاسرائيلي وهو المعروف بفتاواه العنصرية المتطرفة والذي اصدر فتاوى تبيح قتل وإعدام المصابين الفلسطينيين، وكذلك سماحه للجنود الاسرائيليين باغتصاب النساء غير اليهوديات خلال الحرب.
اما بخصوص ادعاءات نتنياهو بأن منظمة التحرير الفلسطينية تدفع راتبا شهريا لكل من يقتل يهوديا فهذا ادعاء باطل لا اساس له من الصحة وان منظمة التحرير الفلسطينية هي من مدت يدها للسلام الذي رفضته اسرائيل والتي امدت غلاة المستوطنين بالأسلحة ليمعنوا قتلا بالفلسطينيين وامام حراسة الجيش الاسرائيلي ولا زالت الجريمة التي ارتكبها المستوطنين بحق عائلة دوابشة ومحمد ابو خضير ماثلة وراسخة في اذهان المجتمع الدولي.
وبدت صورة اسرائيل “الديمقراطية” باهتة امام حقائق ومعطيات كثيرة اتسمت بوجود نظرة عنصرية حاقدة حتى في الشارع الإسرائيلي وزاد من الامر غرابة ما اقدم عليه نتنياهو من اقتطاع اجزاء من الاموال الفلسطينية بحجة استخدامها في تمويل “الارهاب”،لكن “اليئور ازاريا” الجندي الاسرائيلي الذي اعدم بدم بارد الشهيد عبد الفتاح الشريف في مدينة الخليل حظي بدعم اجتماعي غير مسبوق وتطوع العديد للقيام بحملة تبرعات لتمويل اتعاب الدفاع عنه وهي حملة وقفت عندها الحكومة صامتة ولم تتحرك ساكنا لوقف تلك المهزلة التي تشجع على قتل الفلسطينيين وهو تناقض يحاول نتنياهو وحكومته إشاعته من ان إسرائيل هي واحة الديمقراطية وحقوق الانسان وهكذا بدأت المكافئات داخل المجتمع الإسرائيلي وكأنه شعار “اقتل فلسطينيا واحصل على الثمن” وهي حملات تشجع الجنود الإسرائيليين على الاستهتار بحياة الفلسطينيين واستهدافهم.
ربما اراد نتنياهو من خلال رسالته هذه الابتعاد عن الضغوط الذي يتعرض لها والتي فرضتها مجموعة من المعطيات بدءا بالمبادرة الفرنسية ومرور بالمبادرة العربية وانتهاء بالحراك المصري لتحريك عملية السلام، والسعي وراء اخلاء مسئوليته عن الجمود الحاصل في عملية السلام ووضعها في الملعب الفلسطيني وتحميل الجانب الفلسطيني مسئولية فشل عملية التسوية لكن الحقائق لا تحتاج الى تكذيب فما بثته القناة العاشرة الاسرائيلية من تقارير والتي تدعو للتحريض والقتل ضد الشعب الفلسطيني يؤكد بصورة واضحة استمرار العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني. وبدلا من توجيه الرسائل للجانب الفلسطيني على نتنياهو وقف التحريض الصادر من وزراء حكومته ووقف العنصرية والتمييز ولجم افواه دعاة التطرف، فالفلسطينيون لا زالوا طلاب سلام والشواهد على ذلك حاضرة.
نتنياهو دائما ما يتحدث عن السلام وحل الدولتين بهدف استرضاء المجتمع الدولي لكنه لا يرغب في الدخول الى مفاوضات حقيقية وجادة مع الفلسطينيين ومن الصعب تجاهل التجارب المتراكمة في مسلسل المفاوضات الطويل الذي لم يؤدي الى اي نتيجة وعليه من الصعب تثبيت الادعاء بأن نتنياهو يرغب في اجراء مفاوضات تؤدي الى قيام دولة فلسطينية. فاذا كانت هذه الاسباب التي اوردها نتنياهو في رسالته واعتبرها عقبة امام تحقيق السلام، فهل يتحقق السلام بزوال هذه الاسباب.
تحقيق السلام لا يحتاج الا لخطوة واحدة فقط وهي انسحاب اسرائيل الكامل من الاراضي الفلسطينية المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

Exit mobile version