المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الانتخابات والغاية تبرر الوسيلة

ما زال فهم البعض قاصرا حول مفهوم “الديمقراطية” فهو لا يؤمن بتلك المؤشرات التي توحي بأنها دخلت في صلب حياتنا اليومية بل يريد استخدامها وفق أغراضه وأهدافه ونزواته فتارة تكون الديمقراطية نظام كفر من وجهة نظره وتارة تكون هي الطريق المضيء والبوصلة التي يستهدي بها للهدف المنشود . ويبقى فهمنا للديمقراطية حبرا على ورق طالما لم نستطع ان نقوم بعملية التحول الديمقراطي وان نمارس وطنيتنا بموجب أخلاقيات الهوية والانتماء.
فقد ظلت حركة حماس تنادي وتطالب وتشكو من عدم استجابة القيادة الفلسطينية لإجراء الانتخابات بكافة أشكالها وظلت ترفض كل أشكال المصالحة وإنهاء الانقسام انطلاقا من مطالبها بضرورة إجراء انتخابات وفي مقدمتها انتخابات المجالس الوطنية وهذا ما يهم حماس بالدرجة الأولى التي ترى فيها وسيلة للوصول الى منظمة التحرير الفلسطينية هدفها المنشود للسيطرة على النظام السياسي الفلسطيني والتحكم بأوراق القضية الفلسطينية.
وعندما أقرت الحكومة الفلسطينية إجراء انتخابات للسلطات المحلية خرجت علينا أبواق حماس وأخرجت ما يعتمل في بطونهم من أحقاد تمثلت في إصدار فتاوى غريبة لم نعهدها في التاريخ الإسلامي القديم والحديث وذلك بتكفير كل من لا يدلي بصوته لحركة حماس واعتبرته حماس كافرا مرتدا.
وهكذا تكون حماس قد فتحت الباب على مصراعيه لصراعات جديدة وتحت مسميات فكر حماس في التكفير والتخوين والإقصاء والتهميش وهذا يشكل قصورا واضحا وفاضحا ففكر حماس التخويني والاقصائي الوارد في ايديولوجياتهم حيث يواجه هؤلاء صعوبة في استيعاب مفهوم الديمقراطية إسلاميا والتعارض المزعوم بين مفهومين أساسيين :مفهوم الحاكمية الشعبية ومفهوم الحاكمية الإلهية التي ينطلقون منها في تحديد مفاهيمهم متى استطاعت أن تخدم أغراضهم وينطلقون مرة أخرى بتبني مفهوم الحاكمية الشعبية لخدمة أغراض أخرى عندما يتطلب الأمر الدعوة إلى الشقاق وإثارة الفتن . وكثيرا ما يرفع المفكرون الأصوليون شعار (الحكم لله) بقصد التعبير عن موقف مناوئ لفكرة الديمقراطية والسيادة الشعبية، حيث لم تغب الديمقراطية والعلمانية عن أذهان الإسلاميين وخاصة أولئك الذين يرغبون بتأصيل “الديمقراطية” في العقيدة الإسلامية حيث يكمن التحدي الحقيقي لهؤلاء المفكرين في تحديد العناصر الأساسية في نظام الحكم الديمقراطي، وباتت التيارات الدينية تجنح لحالة الصراع مع العلمانية حتى باتت تهدد وحدة المجتمعات واستقرار نظمها السياسية، وظلت الثقافة السياسية في تلك المجتمعات تكابد في سبيل توطين مضامين التحولات الفكرية والسياسية التي تتماشى مع عصر النهضة والحداثة والتي اتخذ الإسلام السياسي موقفا سلبيا منها.
الانتخابات هي وسيلة من وسائل تحديد الشرعية ولا يمكن تجزئة محدداتها وأهدافها فمن يطالب بإجراء انتخابات ويرضى بها عليه الانصياع لمفاهيمها ونتائجها فهي لا تقبل القسمة الى اسود وابيض. فاما ان نتعامل مع الانتخابات رزمة واحدة بمفهومها ونقبل بها وبنتائجها واما ان تصدر حماس فتوى بتحريمها كليا ونتائجها ،مع العلم ان حماس خاضت الانتخابات تحت شعار الديمقراطية وفازت في الانتخابات التشريعية عام 2006 ،فهل الإسلام وفتاواه تتغير حسب الزمان والمكان وحسب الميول والاتجاهات وحسب الأغراض والأهداف.
حماس المطالبة بإجراء الانتخابات والباحثة عن شرعيتها المنقوصة من خلال صناديق الاقتراع في محاولة لتثبيت شرعيتها والتي عجز انقلابها في تثبيت تلك الشرعية وجدت ان الحصول عليها يكمن في إصدار الفتاوى التي تكفر كل من يخرج عن خطها السياسي.
لماذا اللجوء إلى صناديق الاقتراع لتحديد الشرعية .. فلتعلنها حماس صريحة وتصدر فتوى جديدة أخرى بتحريم وجود كافة الأطر السياسية التي تشكل في مجموعها النظام السياسي الفلسطيني وتعلنها بتكفير وتخوين هذه الأطر بحيث تبقى حماس وحيدة في الساحة الفلسطينية وتتاح لها الفرصة لمزيد من القمع والتنكيل ومصادرة الحريات وفرض الأحكام العرفية.

بقلم: مركز الإعلام

Exit mobile version