المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الخالدون في سجلات البطولة والشرف

الطيار المصري الشهيد/ محمد عبد الحميد الفيتوري

بقلم: الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبدالله أبو نحل

الشهداء هم الأكرم منا جميعًا، أينما كانوا ومن أي بقاع الأرض جاؤوا، وقد قضوا نحبهم في سبيل الله ومن ثم الوطن وسطروا بدمهم الزكي الطاهر أروع وأعظم صفحات البطولة والفداء في التاريخ، ونقشوا اسمهم في ذاكرة الأيام لتبقي خالدة في عقول الشرفاء، إنهم الأحياء عند ربهم يرزقون؛ وموعدنا اليوم مع الشهيد القائد البطل الفدائي الطيار ابن مصر الكنانة والعروبة والفداء، مصر أم الدنيا، وصانعة الأبطال، هو من أعظم الطيارين العرب المصريين الذي لم يعرفه إلا القليل من الناس، والذي لم يأخذ حقه في الاعلام المسموع أو المرئي، الشهيد رحمه الله من مواليد أرض الكنانة مصر عام 1918 م، وفي يوم 17 يناير 1940م وعمرهُ 22 عاما انضم للسرب الخامس في القوات الجوية المصرية الذي كان يستخدم طائرات طراز Gladiators، وتولي قيادة السرب الثاني في القوات الجوية المصرية بداية من 22 مايو 1948 ، اشترك في الحرب العالمية الثانية في مطلع صيف عام 1943 م، ويعتقد أن الانجليز وضعوه علي قائمة المشتبه في كونهم مخربين، كونه حمل في قلبه وفكره ووجدانه حب فلسطين وبغض المحتلين الصهاينة، وفي بيان بطولاته وتضحياته، كان الشهيد محمد رحمه الله الشهير باسم عبد الحميد أبو زيد، طياراً وقائد السرب الثاني في سلاح الجو المصري وأحد أبطال حرب 1948م، والذي استشهد في التاسع عشر من أكتوبر عام ؛1948؛ وفي أثناء حرب الصهاينة وحلفائهم علي فلسطين كان يقف قطار في محطة العريش محمل بجرحى الحرب في طريقهم إلى المستشفيات المصرية للعلاج، وأثناء وقوف القطار في المحطة وبينما يستعد الجميع للتحرك بعيدا عن المحطة وكل جريح في مخيلته الوصول إلى مكانه أو المستشفى الذي سيعالج فيها جروحه وبين حالم بالشفاء وآخر يتخيل لحظة أن يلتقي أهله بعد فترة غياب وفي هذه اللحظات الحالمة المفعمة بأمل ولو قليل في العلاج والشفاء من جراح الحرب؛ وفي هذه اللحظة ظهر في سماء العريش سرب طائرات صهيونية في اتجاه محطة القطار المصري الذي يحمل الجرحى من القوات المصرية، ومن المواطنين الفلسطينيين، وعندها اقتربت الطائرات فوق مكان وقوف القطار طائرات الغدر الصهيوني وقامت بإفراغ كل حمولتها من القنابل دفعة واحدة فوق القطار المكدس بالجرحى من الحرب، فتحول القطار في لحظات إلى كتلة من اللهب المشتعل الحارق للأجساد من الجنود المصابين الذين لا حول ولا قوة لهم، منتهكة بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية الإنسانية، والتي تدعو لحماية ومعالجة الجرحى وقت الحرب، لقد شاهد هذه الجريمة البشعة النكراء بأُم عينه من منطقة قريبة لمكان قصف القطار المحمل بالجرحى؛ مما جعل الدم يغلي في عروقه علي غدر الصهاينة المجرمين, فقرر الانتقام لدماء الشهداء الجرحى الذين قتلتهم طائرات العدو؛ فقام الطيار البطل رحمه الله بإفراغ حمولة طائرته من القنابل بشكل منظم على نادي صهيوني كبير في شمال فلسطين المحتلة (الكيان الصهيوني)، وكان النادي مكتظا بالصهاينة وذلك في يوم السبت وهو يوم الاجازة الاسبوعية لهم، ثم عاد إلى قاعدته غير مصاب بخدش واحد هو وطائرته, وقد أباد العشرات من الصهاينة ما بين قتيل وجريح, وكان لما فعل من بطولة أكبر الأثر في عدم دخول الطائرات الصهيونية إلى تلك المنطقة مرة أخرى؛ هذا البطل صاحب الاثنين وسبعين طلعة عمليات وهو أول طيار عربي ومصري يسقط طائرة إسرائيلية، وكان ذلك بتاريخ الرابع من يونيه 1948، وبعدها توالت الاسقاطات المصرية للطائرات الإسرائيلية … ويأبي إلا أن يمضي بعدها شهيدًا حيث تم اعتباره في عداد المفقودين في الحرب في 19 أكتوبر 1948 بعد عدم عودة طائرته من إحدى مهامها، فيما تقول بعض الروايات الصهيونية اسقاط طائرته وغرقها في عرض البحر؛ وكان رحمه الله من زمن الجنود الأحرار الذين لا يقبلون الذل ولا المهانة، فأينما كان الطيار البطل الشهيد محمد رحمه الله فهم الأحياءُ عند ربهم يرزقون فرحين بفضل الله وكرمه لهم، نم قرير العين أيها الطيار البطل محمد فلا نامت أعين الجبناء.

الكاتب الصحفي المفكر العربي والإسلامي

الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبدالله أبو نحل

Exit mobile version