المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

ترامب ونتنياهو.. عنصرية واحدة

بقلم: فايز رشيد

تصريحات عنصرية ضد المسلمين، هذه ما دأب عليها مرشح الرئاسة الأمريكية عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب. ليس ذلك فحسب، بل وفي حال نجاحه، سيقوم ببناء جدار على الحدود مع المكسيك، في محاولة منع تسلل المهاجرين إلى الولايات المتحدة! في الاعتقاد، فإن قراءة متأنية لما بين سطور تصريحاته تشي بأن من يقصدهم هم أبناء جنسيات معينة، أغلبيتهم من دول العالم الثالث. هذا في الوقت، الذي وكما تقول إحصاءات كثيرة، إن هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين، يشكلون نسبة كبيرة من العمالة في أمريكا، مقابل أجور زهيدة يقبضونها.
بمعنى آخر، يجري استغلالهم كقوة عمل رخيصة في أمريكا. ترامب يريد مهاجرين من أصول أنجلو ساكسونية فقط! ترامب يميز بوضوح بين البشر بناء على العرق والدين والجنس. إنها العنصرية في أبهى صورها. هذا يحدث في أمريكا، في القرن الواحد والعشرين.
بالنسبة لنتنياهو، وهو العنصري الأقبح في التاريخ، وحتى ينفّس عما يجري في شرايينه، وفي تلافيف دماغه من عنصرية بشعة، يسقط ذلك، من خلال اتهام الآخرين بالعنصرية، على طريق المحطة الثانية في الاتهام، وهي «العداء للسامية»! بالرغم من أن كل علماء الأنثروبولوجيا والتاريخ (بمن فيهم يهود)، أثبتوا أن لا علاقة للحاليين من اليهود بمن سبقوهم من ذات الديانة، لا من قريب أو بعيد، وأن لا علاقة مطلقاً لليهود بالسامية. نتنياهو، هذا العنصري المتطرف، يتهم كل المخالفين لسياسات الكيان، بمعاداة السامية والعنصرية فمثلاً، كل من ينادون بوقف الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هم «عنصريون» ويدعون إلى «التطهير العرقي لليهود».
ولأن الفلسطينيين «عنصريون» من وجهة نظر رئيس الوزراء الصهيوني (الذي سبق وأن اتهم المرحوم الحاج أمين الحسيني، بأنه من حرّض هتلر على قتل اليهود!)، فإن الطريقة الوحيدة لتخلي الفلسطينيين عن «عنصريتهم» يكون من خلال قبولهم بكل المستوطنات في أراضيهم، وعليهم الاعتراف «بيهودية «إسرائيل»»، كما القبول بكل احتياجات ومتطلبات الأمن «الإسرائيلي»!.
ما يربط بين نتنياهو وترامب هو تحالف العنصرية والاستعلاء، مع التطرف اليميني والحقد، يعززه تحالف استراتيجي أمريكي صهيوني مؤسَّس له أيديولوجياً، من خلال اتباع سياسة كره الآخرين.
ما زلت أحتفظ بمقالة مهمة للدبلوماسي «الإسرائيلي» السابق أوري سافير (نشرته جريدة «معاريف» بتاريخ 14 تموز/يوليو 2015)، تحت عنوان «فشل الإطار» يتحدث فيه عن عناوين عديدة، وحول عنوان المقالة يكتب: (موقف «الحرب أولاً» لليمين الجمهوري الأمريكي، واليمين الليكودي «الإسرائيلي»، وجد تعبيره في سياق الحرب الأمريكية على العراق بين 2003 2011.
القيادة الأمريكية (برئاسة جورج بوش) و«الإسرائيلية» بقيادة نتنياهو أيضاً، وعدتا بأن الحرب ستكون ضربة قاضية للإرهاب العربي، وستنشئ في بغداد، نظاماً «مؤيداً للغرب». اليوم العراق مقسّم، والقاعدة انتشرت فيه، وأوجدت «داعش» وغيره، والإرهاب الدولي في ازدياد. بالفعل لولا الحرب على العراق، لما وجدت الأصولية الإرهابية المتطرفة في عالمنا العربي، ولو وجدت، سيكون تأثيرها أقل بكثير مما هي عليه الآن.
ويضيف سافير: «إن فشل نظرية بوش ونتنياهو، لم يقنع اليمين الأمريكي و«الإسرائيلي» بالخطأ الاستراتيجي للساسة في البلدين. في أمريكا و«إسرائيل» توجد مواقف محافظة ويمينية، فالعالم، وفقاً لوجهة نظر قادة البلدين، مقسوم إلى الأخيار (نحن) والسيئين (الأغيار ولا سيما العرب)، وفقط استخدام القوة، يمكنه تغيير سلوك العالم العربي». ويستطرد: «لو كان نتنياهو أمريكياً، وعلى ضوء قدراته الكلامية، لكان من أبرز السياسيين الجمهوريين». وحول تشابههما في النظرة العنصرية، يقول سافير: «أيضاً في هذا الموقف، هناك الحاجة إلى استخدام القوة، التي تبرر كل الوسائل، سواء كان ذلك بالقصف الكثيف أو الاحتلال». إن لهما أيديولوجية مشتركة مبنية على نظرية العنصرية تجاه الآخر، وتجاه الأقليات في الولايات المتحدة وفي «إسرائيل». لذلك توجد لغة مشتركة لنتنياهو مع المرشح الأبرز في المنافسة على الرئاسة، دونالد ترامب، سواء فيما يتعلق بالكراهية المطلقة للإسلام، أو في النظرة الحاقدة على الآخرين. هذه هي النتيجة، التي يخلص إليها سافير.
بالفعل، لو كان نتنياهو أمريكياً، لكان من أبرز السياسيين الجمهوريين، ولو كان ترامب يهودياً، وهاجر إلى الكيان، لتفوّق على نتنياهو في النظرة العنصرية إلى العرب وكل المسلمين. نعم، لقد شهد شاهد من أهله.

عن الخليج الإماراتية

Exit mobile version