المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

ما يهم أو لا يهم الناس

بقلم: حسن البطل

صباح أمس، صادفت، أمام مقهاي، زميلي القديم والقدير، جعفر صدقة، المحرر الاقتصادي الرئيسي والسابق في جريدتنا، والآن في وكالة “وفا”.
بعد فروغه من مقابلة تلفزيونية، سألته عن الموضوع. قال: حول ثلاث شركات ألبان فلسطينية منعت إسرائيل تسويقها في القدس.. للمرة الثانية.
في المرة الأولى جرى تجميد الحظر، وردّت السلطة بالمثل على منتوجات إسرائيلية، لكنه لم يكن سارياً تماماً سريان الحظر الإسرائيلي. المنع الجديد تعلّل بالمواصفات الإسرائيلية، رغم أن لشركات الألبان الفلسطينية شهادة مواصفات دولية.
في اليوم ذاته، نشرت “الأيام” خبراً في الصفحة الأولى عن خطتين إسرائيليتين للالتفاف على حملة BDC الدولية لمقاطعة منتوجات المستوطنات، علماً أنها لا تتعدى الـ1% من صادرات إسرائيل.
بعد استمزاجي رأيه في قضية توقيف رياض الحسن، بحكم أنه أحد محرّري وكالة “وفا”، اعتذر عن إبداء رأي في مرسوم معدل وقّعه رئيس السلطة حول قانون الضمان الاجتماعي، لأنه لم يقرأه، خلاف ملاحظاته على مرسوم سابق.
منذ صدور المرسوم المعدل في 29 أيلول الماضي، وأنا أفتّش وأسأل عن إصدار المرسوم الجديد، الذي استغرق إعداده سنوات نقاش للمرسوم القديم.
ما قرأته عن الجديد، أنه أهم المراسيم الاقتصادية ـ الاجتماعية، وهو يتمم قانون تحديد الحدّ الأدنى للأجور بـ 1400 شيكل، ويساعد على تطبيقه، أيضاً، وكان موضع نقاش متشعّب ومستفيض من لدن جميع من يهمهم الأمر.
لفتتني إشارة أن بنود القانون الجديد لن يتم سريانها، تواً، في قطاع غزة، لأسباب سياسية واقتصادية لعلكم تعرفونها.
قيل إن قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني من بين الأفضل عربياً، ولا يتقدمه سوى ثلاث دول عربية أحسن حالاً اقتصادياً من الحال الفلسطينية.
هذا ليس “عباس كير” كما يقال عن “أوباما كير” حول التأمين الصحي في أميركا، الذي عرقله جزئياً نواب في الكونغرس معظمهم جمهوريون.
يقولون عن أميركا أنها أرض الأحلام والفرص، لكن التأمين الصحي فيها هو من بين الأسوأ في دول العالم، كما أن نسبة المساجين في أميركا هي الأعلى عالمياً قياساً لعدد السكان؛ والأعلى في عدد ضحايا حرّية بيع الأسلحة النارية لرعاياها.
“رسكلة” أو “تدوير”
لاحظت، مؤخراً، أن بلدية رام الله وزعت على مطاعم ومقاه حاوية سوداء ذات عجلتين لإعادة تدوير مروحة واسعة من المخلفات (حوالي 12 مادة) لكنها لا تشمل، مثلاً، بقايا الطعام، أو الخضراوات والفواكه التالفة.. وعلب البلاستيك.
لا أعرف ما هي تقنية فرز 12 مادة لإعادة تدويرها، لكنها خطوة ثالثة لجمع النفايات الصلبة، بعد جمع النفايات المنزلية في حاويات موضوعة في الشوارع، معظمها بأكياس البلاستيك، وكذا محاولة جمع صناديق الكرتون.
في البداية، كانت شركة خاصة وضعت صناديق كبيرة لجمع مخلفات الكرتون، لكنها فشلت في تحقيق هدفها بتدوير 30% من المخلفات. لاحقاً، قامت البلدية بوضع صناديق للجمع، تشمل وضع أقفال عليها (لماذا؟) وطاقة صغيرة لطي الصناديق، وتكريسها للكرتون فقط.. وهي محاولة نصف ناجحة.
لم أقرأ شيئاً عن “دراسة جدوى” للطريقة الثالثة في جمع النفايات الصلبة وإعادة تدويرها، ومدى جدواها الاقتصادية في مدينة مثلثة من 200 ألف مواطن، قياساً بمدن يسكنها ملايين الناس.
بين المفردات الـ12 في الحاويات الجديدة، هناك البطاريات والأجهزة المعدنية، لكن لا شيء عن أكياس البلاستيك وعبوات السوائل البلاستيكية، وهي ملوث كبير للبيئة في البر والبحر معاً.
توجد في البحار والمحيطات مساحات تعادل مساحات دول متوسطة ملأى بمخلفات البلاستيك، المؤذية، خصوصاً للكائنات البحرية الكبيرة التي تظنها نوعاً من الرخويات والقناديل البحرية.
أشجار الطرق
منذ العام 2011، حيث أنهت بلدية رام الله تحديث البنية التحتية لوسط المدينة بشبكة أنابيب مياه ومجار واتصالات هاتفية وخطوط الكهرباء، وكذا بنية فوقية بإضاءة الشوارع ورصف الأرصفة؛ بدأت البلدية حملة لتشجير شوارعها.
اختارت، أولاً، نوعاً مسيطراً من الأشجار الملتفة، كتبت عنه ونسيت اسمه، لكنه لم يصمد كثيراً بعد “قرصة” برد شتوية استثنائية، ثم زرعت نوعاً آخر يتحمل “القرصة” ولا أعرف له اسماً.. إنه ينمو عمودياً كالسرو.
في بداية حملة تشجير شوارع المدينة، كانت عشرات الأشتال الشجرية تذهب ضحية التكسير من الأيدي العابثة، ثم خفت هذه الظاهرة “الداعشية” قليلاً، مع موجة ثم موجات عناد البلدية في إعادة الزرع، وخاصة للأشجار الجديدة.
القديم والجديد
أينما يمّمت وجهك في المدينة سترى ورشة حفر أساسات لبناء مجمعات سكنية أو تجارية، وترافقها، مؤخراً بشكل خاص، ورشة ترميم لمبان قديمة لتحديثها، وإعادة استخدامها في أغراض أخرى جديدة.
مثلاً، في شارع مدرسة الفرندز للصغار، يقومون بترميم وتحديث مبنى جميل، كان في الأصل “شركة رام الله للكمبيوتر” قبل عشرين سنة، وصار تحت مسمّى “باتينوتا” لكاريتاس القدس، ووظيفته الجديدة هو مأوى للمسنين.
في شارع الكلية الأهلية هدموا مبنيين قديمين أقلّ جمالاً لإنشاء مجمع تجاري متعدد الطبقات والاستخدامات.
إذا قلّبت وتصفّحت ظاهرة الصحف الدعائية المجانية، سترى أن غالبيتها عن حركة عمرانية نشطة لبناء عمارات سكنية أو وظيفية تجارية أو “سوبر ماركت”.
في الإحصائيات الفلسطينية أن معظم الناس يملكون بيوتاً خاصة (شقق سكنية أولاً أو دارات/ فيلات) تحت شعار: “تملّك ولا تستأجر”.
أيضاً، أكثر من 98 ـ 99% مربوطة بشبكة الكهرباء والمياه الجارية، لكن النسبة أقلّ من ذلك بكثير في ربط المساكن والعمارات بشبكة المجاري.
تكاد لا تجد بيتاً في فلسطين بلا مراحيض، بينما نصف سكان الهند لا يتمتعون بذلك، لأسباب اقتصادية وعقائد دينية واجتماعية مختلفة.

Exit mobile version