المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الدبلوماسية الفلسطينية في الأمم المتحدة…إنجازات وفرص

بقلم: د. دلال عريقات

أسبوع دبلوماسي بامتياز يسجل للجهود الدبلوماسية الفلسطينية الرسمية، جاء قرار إحدى لجان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” الَّذِي يهدف للحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني وطابعه المميز في القدس الشرقية كضربة قوية لإسرائيل. رد فعل نتنياهو كان مدوياً ووصل به الجنون ليقارن القرار بأن تقول أن لا علاقة لمصر بالأهرامات! يرى الإسرائيليون أن القرار نفى أي علاقة أو رابط تاريخي أو ديني لليهود بالمدينة ويعتبرون ذلك مخالفاً للتاريخ! مع العلم أن القرار يؤكد أهمية المدينة وأسوارها للديانات السماوية الثلاث.

وخلال انعقاد اللجنة القانونية الأسبوع المنصرم في نيويورك، نادى السفير الإسرائيلي دانون بالأمم المتحدة مندوب البعثة الفلسطينية باستعمال عبارة (ممثل دولة فلسطين في الأمم المتحدة)، تعتبر هذه سابقة للدبلوماسية الفلسطينية. وقبل يومين تم مناقشة الاستيطان الإسرائيلي في أروقة الأمم المتحدة كمعيق للسلام و لإنجاز حل الدولتين ضمن مبادرة من مجموعة من الدول التي تتخذ مواقف داعمة لحقوق الفلسطينيين.

توازياً مع هذه الإنجازات، تتعالى الأصوات المشككة بفعالية وأهمية الجهود الدبلوماسية وتظهر تساؤلات إن كانت الدبلوماسية فعلاً الأداة التي يجب أن نعول عليها كفلسطينيين أم لا؟ منذ خمسة أعوام تبنت القيادة الفلسطينية استراتيجية للتعامل مع القضية والوصول لتحقيق حلم الدولة من خلال المنظمات الدولية واعترافات الدول بالتزاماتها لإنهاء الاحتلال. وهنا لا بد من التقدم بالشكر لكل دولة أو كيان دولي يبذل مجهودا لدعم حقنا الشرعي ووجودنا كدولة، فالدبلوماسية هي من أهم أدوات السياسة الخارجية ولكنها تحتاج للتخطيط والصبر لأنها تراكمية.

أود لفت الانتباه لفرصة جديدة لنا كفلسطينيين، فمن أصل ١٣ مرشحا للمنافسة على منصب الأمين العام للأمم المتحدة، حل رئيس وزراء البرتغال الأسبق أنطونيو غوتيريش مكان الكوري بان كي مون بعد أن حسمت الجمعية العامة ذلك بانتخاب سري بعد توصية وشبه إجماع من مجلس الأمن. تبدأ ولاية غوتيريش في كانون الثاني ٢٠١٧ وتستمر خمس سنوات لتنتهي في الحادي والثلاثين من كانون الأول ٢٠٢١. غوتيريش هو الأمين العام التاسع للأمم المتحدة منذ ٧٠ عاماً على إنشائها، منصب الأمين العام هو أعلى المناصب الدبلوماسية الدولية ولكن برغم ذلك يبقى هذا المنصب إدارياً أكثر من غيره. إلا أن تولي غوتيريش لهذا المنصب مهم لنا كفلسطينيين ليس لكون المنصب نفسه مهماً فقط ولكن لأن شخصية غوتيريش تسمح له بالتحرك في مجال عمله للحدود القصوى بعكس غيره ممن يلتزمون بما هو متوقع منهم دون إحداث تغيير. شغل غوتيريش بين 1992- 2002 منصب رئيس وزراء للبرتغال ثم ترأس بين ٢٠٠٥-٢٠١٥ مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أي فترة أزمات اللاجئين العالمية وأهمها أزمة لاجئي سوريا والعراق وافغانستان. معروف عن غوتيريش أنه رجل سياسي ودبلوماسي طموح جداً وهدف لتولي أعلى المناصب في المؤسسات الدولية. الذي يميزه هو إرادته وميوله لمواجهة التحديات الدولية واتجاهه لخلق حلول وظروف واستراتيجيات خروج لهذه الأزمات.

تعيينه يشكل فرصة لنا كفلسطينيين لتحقيق المزيد من الإنجازات الدبلوماسية مباشرة من خلال منظمة الأمم المتحدة خاصة وأن تركيبة مجلس الأمن الجديدة تشمل دولاً مثل السويد ومصر والسنغال واليابان وغيرها من المعروف عنها مساندة المواقف الفلسطينية بشكل عام في المحافل الدولية. من صلاحيات الأمين العام التي يجب أن نستغلها كفلسطينيين هي لفت انتباه مجلس الأمن لقضايانا الإنسانية باعتبارها تخل بالأمن والسلام الدوليين خاصة وأن السكرتير العام بان كي مون في خطابه الأخير في أيلول ٢٠١٦ ذكر أن مشروع إنشاء الدولة الفلسطينية الديمقراطية كاملة السيادة والقابلة للحياة هو حق شرعي فات عليه الوقت.

الدبلوماسية هي اداة رئيسية لتحقيق مصالح الدول ومخاطبة الرأي العام في الدول الأخرى، أدعو هنا انطلاقا من حرصي وإيماني بهذه الأداة إلى:

– أن نستغل فرصة وجود غوتيريش بسرعة فهو خبير بشؤون اللاجئين، هناك فرصة لإعادة ملف اللاجئين الفلسطينيين إلى طاولة المحادثات الدبلوماسية في نيويورك.

– أن نتقدّم بمشروع قرار لمجلس الأمن حول النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس وارهاب المستوطنين.

– أن نتقدم بقرار للإفراج عن المعتقلين الإداريين في سجون الإحتلال.

– أن لا نكتفي بالانضمام فقط ل ٤١ ميثاقا ومعاهدة دولية بعد ان حصلنا في ٢٠١٢ على مكانة قانونية بموجب قرار ٦٧/١٩ يمنحنا حق الانضمام ل ٥٢٣ جهة دوليّة.

– أن نشكل فريقا خاصا لمتابعة الحصول على اعترافات الدول التي لم تعترف بِنَا حتى الآن وخاصة في أوروبا.

-داخلياً، علينا تفعيل دائرة الدبلوماسية العامة التي توظف الإعلام والتكنولوجيا والأفراد للتأثير في الرأي العام.

هناك إنجازات فلسطينية على الساحة الدبلوماسية الدولية لا نستطيع تجاهل أهميتها، بل على العكس لا بد من تكثيف الجهود الدبلوماسيّة الرسمية والعامة.

Exit mobile version