المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

عروبة القدس بين اعتراف اليونيسكو والتهويد..

بقلم: عبد الحليم عنتر

اعتبرت لجنة التراث العالمي التابعة لليونيسكو عبر إصدارها قرارا جديدا يؤكد على تاريخ العربي والإسلامي لمدينة القدس وخلفيتها العربية والإسلامية هو قرار عادل وصائب لما تعرض له تاريخ هذه المدينة المقدسة من تزوير وافتراء وإدعاءات كاذبة تزعمها الصهيونية .

وأشار القرار إلى المناطق المقدسة باسمها الحقيقي العربي “الحرم الشريف” وليس كما يدعوه الإسرائيليون كذبا” وبهتانا” بجبل الهيكل. وقد انتقدت المنظمة الدولية إجراءات السلطات الصهيونية بعدم السماح لخبرائها بالكشف على الأماكن المقدسة داخل مدينة القدس بإعداد تقارير عن حالتها التراثية الحالية نظرا” لحالات التشويه والحفر التي تقوم بها تحت هذه المباني التراثية بذرائع واهية وإدعاءات كاذبة..

تأسست منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة والتي تعرف باختصار باليونيسكو عام 1945 وهي وكالة متخصصة تتبع منظمة الأمم المتحدة وتهدف إلى المساهمة في إحلال السلام والأمن عن طريق دعم مستوى التعاون بين الدول في مجالات الثقافية كافة.

“نظرة تاريخية على مدينة القدس”

للقدس مكانة دينية في نفوس شعوب المنطقة والعالم بخاصة العرب، فهي مهد السيد المسيح عليه السلام ومسرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ومنها عرج إلى السماوات. وهي قدس الأديان الثلاثة وقبلة المسلمين الأولى، ومعبد الشرق والغرب وأجمل مدن الكنعانيين. بوركت وبورك ما حولها. كانت ولا تزال. درة متألقة في تاريخ العرب والمسلمين عبر العصور، وكانت زهرة المدائن ولا تزال.. وقد أطلق على القدس أسماء كثيرة تدل على مكانتها المقدسة في قلب البشرية على مر العصور وهذه الأسماء هي: القدس أو أورشليم، و دار السلام ، و مدينة العدل ، و يبوس ، و إيلياء…

حاول الصهاينة المغتصبين للأرض ولحقوق السكان الأصليين نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق فيما يتعلق بالقدس. كما حاولوا إقناع العالم زورا” بأنهم هم الذين بنوا وأنشئوا مدينة القدس، وبأنهم من أقاموا المؤتمرات والاحتفالات الصاخبة.

استعملوا وسائل الدعاية والإعلام الضخمة في الآونة الأخيرة لمناسبة مرور ثلاثة ألاف عام على إنشائها حسب إدعاءاتهم الباطلة.

وهناك أدلة دامغة تدل على عروبة مدينة القدس من تسميتها مدينة السلام اسمها العربي الذي ينطقه الصهاينة أورشليم بحذف حرف السين واستبداله بحرف الشين وتحريفه عند لفظ اسمها. العرب الكنعانيون هم من أسسوا وبنوا مدينة القدس في الألف الرابع قبل الميلاد اي قبل بعث النبي موسى عليه السلام بثلاث آلاف سنة.

وقد تفرع عن الكنعانيين عدة فروع مثل العاموريين، واليبوسيين، والأرميين، والفينقيين..الخ. هذه الأدلة التاريخية تدحض الإدعاءات الصهيونية الكاذبة.

أما في العصر الاسلامي فقد وصل الخليفة عمر بن الخطاب إلى بيت المقدس قادما” من المدينة المنورة فقابل بطريرك القدس “صفرونيوس” فوق جبل الزيتون وكتب الخليفة الوثيقة المشهورة “بالعهدة العمرية” وفيها: “…فأعطاهم الآمان على أنفسهم وأموالهم وصلبانهم وكنائسهم، فلا تهدم كنائسهم ولا تسكن ولا يكرهون على دينهم ولا يضار أحد منهم”.

وأهم ما ورد في العهدة العمرية لأهل إيلياء أي لأهل مدينة القدس هو: “أن لا يسكن أحد معهم من اليهود” مما يعني أن اليهود غرباء عنها.

وأيضا هناك حقائق اخرى بعد قيام الدولة الأموية عندما بدأ الخليفة عبد الملك بن مروان في توسعه وبناء المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، فجمع لذلك أمهر المهندسيين والبنائيين من الدولة الاسلامية وكان لمصر دور كبير في ترمييم و بناء المسجد حيث خصص الخليفة عبد الملك خراج مصر سبع سنوات متتالية لبناء المسجد. وعندما توفي الخليفة عبد الملك بن مروان خلفه ابنه الوليد بن عبد الملك فاستكمل بعض الإضافات للمسجد الأقصى وجاء بناؤه في غاية الفخامة والابداع.

وقد بلغ طوله 80 متر، وعرضه55 متر، ويقوم على 53 عامودا”من الرخام، و 49 سارية مربعة مبنية من الحجر القدسي الجميل،وكان له 50 بابا”، وسبعة محارب. هذه الحقائق التاريخية تدحض ما ادعاه الصهاينة زورا وبهتانا في كل محاولاتهم لتزوير التاريخ وقلب الحقائق بذرائع واهية.

وهناك عدة أساليب يعتمدها العدو الصهيوني لتهويد القدس ومنها:

_ إصدار قوانين التنظيم والتخطيط التي ينتج عنها مجموعة من الخطوات الإدارية والقانونية المعقدة والتعجيزية في مجالات الترخيص والبناء.

_ تهجير الفلسطينيين وسحب هوياتهم.

_ اعتماد سياسة هدم المنازل..

_ إقامة مئات المغتصبات ومصادرة ألاف الدونمات من القرى التي أقيمت عليها المغتصبات.

_ الانتهاكات الصهيونية بحق المسجد الأقصى عبر منع المصليين من أداء العبادات وإقامة شبكة من الحفريات تحته بذرائع واهية..

تهويد القدس هي محاولات مستمرة من قبل الصهاينة من أجل نزع الهوية العربية الإسلامية التاريخية لمدينة القدس وفرض طابع مستحدث جديد وهو الطابع اليهودي عبر أساليب قلب الحقائق التاريخية والكذب المتعمد والغزو الفكري والثقافي والتراثي. وتبقى هناك تسألات تدور في الوجدان عن كيفية الاستفادة من قرار اليونيسكو وكيف يتم ترجمته على أرض الواقع؟!

Exit mobile version