المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

صابون يخرج من قشوره الكلاسيكية

زهران معالي

عُرفت قطعة الصابون النابلسي تاريخيا بشكلها الكلاسيكي؛ المكعب الصلب المصنوع من زيت الزيتون، كأقدم مواد التنظيف التي ارتبط اسمها بمدينة نابلس.

حتى اليوم يمكن مشاهدة هذه المكعبات ملفوفة بورق لا يختلف كثيرا، بين ماركة وأخرى تنتجها المصانع التقليدية.

لكن السنوات القليلة الماضية شهدت ظهور العديد من صانعي الصابون الذين كسروا تلك القاعدة وابتكروا طرقا معاصرة، في صناعة وشكل قطع الصابون، بينهم هويدا أبو يعقوب (40 عاما)، والمعروفة بأم فواز.

مدينة نابلس اشتهرت بصناعة الصابون منذ قرون مضت، بدلالة الكثير من الكتابات التي دوّنها الرحالة والمؤرخون القدماء ومنهم شمس الدين محمد بن أبي طالب الأنصاري المقدسي في القرن العاشر الميلادي الذي قال: “إن الصابون كان يصنع في مدينة نابلس ويحمل إلى سائر البلاد”.

وحسب إحصاءات غرفة تجارة وصناعة نابلس، فإن عدد المصابن المسجلة رسميا حتى نهاية العام 2015 أربع مصابن، مشيرة إلى أن قيمة صادرات الصابون النابلسي نحو مليون دولار سنويا.

داخل معمل صغير في منزلها بنابلس الجديدة، تنشغل أبو يعقوب برفقة عائلتها، بصناعة أنواع الصابون البلدي المصنوع من زيت الزيتون منذ خمسة أعوام، بعد أن تركت العمل في مجال التدريس.

أم فواز التي درست الشريعة في جامعة النجاح الوطنية، تحدثت لـ “وفا” عن بداية مشروعها الذي بدأ مع ميلاد ابنتها “ميرا” وهو الاسم الذي أطلقته على معملها، بأنها حوّلت مطبخ منزلها لورشة صغيرة تمارس فيها هوايتها في صناعة الصابون؛ لتحسين الظروف الاقتصادية لعائلتها وتحسين دخل أسرتها.

وتابعت وهي أم لسبعة أطفال، إنها تعلمت هذه المهنة من خلال البحث والاطلاع على العديد من الكتب المتخصصة والدراسات، ومتابعة المواقع التي لها علاقة بالصابون، حتى اهتدت لصناعة عدة أنواع من الصابون، أبرزها صابون حليب الماعز.

وأضافت أن الصابون يصنع من زيت الزيتون الأصلي، ويتم خلطه مع حليب الماعز أو العسل أو حبة البركة أو طينة البحر الميت أو صابون الغار، أو صابون زيت الزيتون الصافي، أو صابون اللافندر.

وجود صابون حليب النوق وأنواع الصابون الأخرى في الأسواق، دفعها للبحث عما تتميز به بين كم المنتجين، فوجدت أن حليب الماعز أفضل للبشرة، فأجرت التجارب حتى استطاعت إنتاج قطع صابون حليب الماعز، والتي تشهد طلبا في الأسواق حاليا وفق أم فواز.

وتحدثت عن مميزات صابون حليب الماعز، وهي تخلط الحليب بزيت الزيتون وبعض الزيوت العطرية، أن لهذا النوع من الصابون مميزات عدة تساهم في نضارة البشرة وترطيبها وتنعيمها، وتقشير الخلايا الميتة فيها، وتفتيحها.

و”تحتاج صناعة ذلك النوع من الصابون لظروف صعبة ومعقدة؛ لتحافظ على خواص الحليب”. قالت أبو يعقوب.

وتوضح أن أنواع الصابون المختلفة تحتاج لفترة شهر حتى تصبح جافة صالحة للاستخدام، فتقلب على رفوف قبل تنظيفها وتغليفها وإرسالها للأسواق.

ولأن اللمسات النسائية عادة ما تتسم بالفن الدقيق، لم تكتف أبو يعقوب بصبّه ضمن قوالب اعتيادية الشكل فقط، بل أصبحت تشكّله من أجل الخروج بأشكال غريبة من شأنها أن تجذب الذوق العام، كالقلوب وغيرها، كما أضافت إليه الشوكولاتة لإضفاء لون مميز عليه.

“ممكن أخلط أي نوع من الصابون الصلب وأقوم بتصنيعها، قبل خمس سنوات كنت استهلك 10 كيلوغرام من زيت الزيتون، لكن اليوم نحتاج 200 كيلوغرام”، قالت أبو يعقوب.

وأنواع الصابون التي تنتجها جميعها طبيعية محلية، فحليب الماعز لا تكاد قرية تخلو منه، وصابون شمع العسل مع حبوب اللقاح تنتجها خلايا يربيها زوجها بجانب منزلهم، وطينة البحر الميت ذات الأهمية السياحية والعلاجية، وحبة البركة وورق الغار واللافندر.

وشاركت أم فواز في العديد من المعارض المحلية التي ينظمها منتدى سيدات الأعمال في الضفة الغربية، وكذلك القنصلية الأمريكية ووزارة السياحة والأثار، مؤكدة “قريبا سيكون لنا مشاركة بمعارض في أوروبا”. وتطمح أن تصل منتجات “ميرا” إلى الأسواق العالمية.

ودعت النساء في البيوت لعدم الاكتفاء بدورهن على الأعمال المنزلية، بل تنمية أية موهبة أو صنعة وتطويرها وتحقيق أهدافها، لتصل إلى ما تريد.

Exit mobile version