المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

اسرائيل تبحث عن اختراق جديد في العالم العربي

بقلم: سمير عباهرة

القيادة السياسية والأمنية في اسرائيل منشغلة هذه الايام بترتيبات جديدة تتعلق في البحث عن صيغة لتسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وإلقاء اللوم على الفلسطينيين واتهامهم بعرقلة جهود السلام ومسئولية التوقف الحاصل في العملية السياسية. فبعد ان تحدث نتنياهو بضرورة عودة اسرائيل الى المسارات العربية من اجل جلب السلام مع الفلسطينيين،جاء الان دور رئيس الأركان الإسرائيلى السابق “بينى جانتس” ليحذو حذو نتنياهو في تعزيز مواقفه وحاجة القيادة الاسرائيلية الحالية في البحث عن وسيلة للوصول إلى تفاهم مع الدول العربية لبحث الأزمة مع الفلسطينيين، وهو ما يعني عمليا سعي اسرائيل لخلق بذورا من التناقض الاستراتيجي بين الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية ومحاولة احدث شرخ في جدار العلاقات العربية الفلسطينية.

ان توجه اسرائيل نحو الخيار العربي هو بمثابة انسحاب وانقلاب على الاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين وإغلاق الطريق امام أي دور عربي مركزي في حل المسألة الفلسطينية. فهل تنجح القيادة السياسية والأمنية في اسرائيل باختراق العمق العربي وهل تسمح الامة العربية بإبقاء الشعب الفلسطيني وحيدا في الميدان ويتحول المحيط العربي الرسمي والشعبي الى متفرجين بما يسمح لاسرائيل بزيادة تفردها بالشعب الفلسطيني وممارسة كل انواع القهر والتهديد والابتزاز والتسليم بحالة الاختلال في موازين القوى القائم والذي لا زال يميل لصالح اسرائيل ويعني هذا في محصلته النهائية اخراج القضية الفلسطينية من عمقها العربي في دائرة العلاقات العربية الاسرائيلية وقد يكون هذا مقدمة لعملية تهميش واسعة للقضية التي شهدت في المدة الاخيرة امتدادا دوليا ازعج اسرائيل فزادت من استفحالها في سياستها الاستيطانية ومصادرة الاراضي واستمرارها في تهويد القدس،ام انه سيكون هناك موقفا عربيا بعكس رغبات اسرائيل ومخططاتها.
ان أي تفكير بالتعاطي العربي مع هذه المخططات الاسرائيلية والتي تهدف الى اعادة صياغة خريطة جديدة للعلاقات في منطقة الشرق الاوسط سيزيد من تعميق الخلافات العربية العربية والعربية الفلسطينية بحكم الارتباط الاستراتيجي المتبادل بين الامن الوطني والأمن القومي العربي والقضية الفلسطينية ويزيد من تعميق التباينات والتناقضات البينية بينهما وتقديم تسهيلات لإسرائيل للتفرد بأطراف عربية.

هذه التطورات في محاولات اسرائيل اختراق منظومة العلاقات العربية وعلاقتهم بالقضية المركزية الاولى في اهتمامات النظام العربي تتطلب موقفا عربيا جادا لقطع الطريق امام المخططات الاسرائيلية. فمن المفترض التحرر من فكرة المسارات العربية التي تطرحها اسرائيل للتسوية لان ذلك سيؤدي الى استفراد اسرائيل بالفلسطينيين ومن المفترض ايضا ان يدفع العرب باتجاه استعادة القضية الفلسطينية مكانتها عربيا بتقديم الدعم السياسي والمادي من اجل تحريك الضغوط الدولية الواقعة عليهم، وان يعمل العرب على استعادة الثقة بينهم وعدم الاعتقاد بأن كل طرف يمكن ان يحل قضيته مع اسرائيل بشكل منفرد بل يجب التعامل مع الصراع العربي – الاسرائيلي ككتلة واحدة متكاملة والوقوف امام التعنت الاسرائيلي تجاه الحقوق العربية اذ ان هذا التعنت تقع مواجهته على عاتق الاطراف العربية مجتمعة، بل يجب اعادة تقييم العلاقات العربية مع اسرائيل في ضوء موقفها من القضية الفلسطينية ورهن أي علاقة مع اسرائيل بالحقوق الفلسطينية التي يجري التفاوض عليها، فهذه الحقوق باتت مسئولية عربية جماعية.

وعلى العرب اتباع منهجية تمكنهم من استعادة زمام المبادرة في العملية التفاوضية التي تعاني من اختلال المسار، فاستفحال الخلافات العربية العربية تؤدي بالمجمل الى الفشل في مراكمة عناصر القوة الضرورية لتعديل ميزان القوى المختل لصالح اسرائيل. وعلى الجانب العربي ان يدرك اذا كان معنيا باستعادة الحقوق الفلسطينية ان يرسل رسالة لإسرائيل بان النزول بالحقوق الوطنية الفلسطينية هو خط احمر وان عدم التوصل الى اتفاق يقبله الفلسطينيون والعرب يؤدي الى تبعات ربما لا تتحملها المنطقة بما في ذلك الاشارة الى ان مبادرة السلام العربية لن تبقى مطروحة الى الأبد فإسرائيل تريد سلاما مفصلا بمقاسها يحقق لها اقصى مطالبها ويحقق لها الامن والاحتفاظ بالمستوطنات وبالقدس عاصمة ابدية.

Exit mobile version