المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

أرض جاسر اعدمتها الدبابات

الحارث الحصني

يقف جاسر دراغمة على مشارف أرضه الواقعة في منطقة الفارسية بالأغوار الشمالية، ويحدق فيها جليا ثم يضرب كفا بكفٍ. ويتساءل، كيف سأزرع أرضي مثل باقي المزارعين، بعد أن حولتها دبابات الاحتلال مؤخرا إلى أرضٍ غير صالحة للزراعة؟!.

الأرض البالغة مساحتها ما يقارب “30” دونما، حولها الاحتلال قبل اسبوعين تقريبا إلى مربض للدبابات الثقيلة التي شاركت بعمليات تدريب واسعة شهدتها منطقة الأغوار الشمالية.

وقد أصبحت الأرض بعد أن مكثت دبابات الاحتلال فيها لمدة عشرة أيام تقريبا، صلبة لا تصلح لزراعتها بالمحاصيل الحقلية.

وعلى بعد أمتار قليلة كانت أرض مزروعة بالبازيلاء، اتخذها جنود الاحتلال مهجعا لهم خلال تواجدهم في المنطقة، إلا أن ضررها كان أقل بقليل.

يمشي دراغمة بضع خطوات في أرضه بعد أن ألقى آلة حديدية كان قد حاول نبش الأرض فيها ويقول، إنه جاء صباح اليوم برفقة جرار ليقوم بحراثتها لكنه فشل في ذلك مما حذا بصاحب الجرار أن يعتذر عن اكمال العمل فيها لصلابتها.

وعلى المدى القريب يمكن مشاهدة أثار جنازير الدبابات على الهضاب المحيطة بمضارب المواطنين في منطقة الفارسية.

أراد دراغمة قبل عشرة أيام تقريبا أن يزرع أرضه بعد أن ترقب شأنه شأن الكثير من الفلاحين وقتها بقدوم منخفض جوي ضرب المنطقة، لكن تواجد الاحتلال في أرضه أعاق زراعتها.

ويهم الفلاحون هذه الأيام في مناطق متفرقة من الأغوار الشمالية، بزراعة المحاصيل الحقلية بعد أن توقعت الأرصاد الجوية بقدوم منخفض جوي ماطر هذا الاسبوع.

وشوهد في الطريق المؤدية إلى الأغوار الشمالية حركة زراعة نشطة يقوم بها المواطنون لزراعة المحاصيل الحقلية في أراضيهم التي لم تصلها دبابات الاحتلال.

في الواقع فإن جاسر لم يكن من هؤلاء. فهو ما زال يبحث عن وسيلة لحراثة أرضه الصلبة قبل قدوم منخفض آخر.

دراغمة الذي يملك أرضا أخرى تقابل أرضه التي دمرها الاحتلال، قال إنه من المتوقع أن يدفع قرابة “10” آلاف شيقل ثمن البذور وأجرة الجرار والمعدات الثقيلة التي يجب ان تستخدم كي تستطيع تحريك التربة المتحجرة وذلك لتهيئتها للزراعة، وهذا ضعف السعر المعتاد.

بعد ساعتين من التجول في أرضه ذهب جاسر لجلب من يقوم بحراثة أرضه لزراعتها قبل دخول المنخفض الماطر، لكنه عاد وحيدا ولا يدري إذا قد يستطيع زراعتها أم لا. لكنه ما زال ينتظر حتى يوم غد.

وقصة دراغمة هي من عشرات القصص التي تشابهت في الأغوار الشمالية في كل المرات التي يجري فيها الاحتلال تدريباته العسكرية على مدار عقود من الزمن. يقول إنه وغيره من مواطني المضارب البدوية قد تعرضوا لمضايقات الاحتلال لهم؛ بهدف اجبارهم على ترك بيوتهم.

وفي سياق متصل جرف الاحتلال قبل أيام مجرى وادي المالح، في منطقة “ام الجمال”؛ بهدف عمل ممرات للدبابات الاسرائيلية.

وكان الاحتلال أجرى مؤخرا من أكبر التدريبات العسكرية في المنطقة منذ عقود، وقد خلفت هذه التدريبات دمارا متفاوتا في أراضي المواطنين بالأغوار الشمالية.

Exit mobile version