المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

حماس بعد 29 عاما – 4

بقلم: عمر حلمي الغول

خامسا إنكشفت حقيقتها أمام الدول والقوى السياسية العربية، مما عراها بشكل شبه كامل. بعد ان تمكنت لحين من تضليل قطاعات واسعة من الدول والشعوب والفوى بإعتبارها “قوة مقاومة”. وتجلى ذلك مع صعود الأخوان المسلمين لسدة الحكم في مصر وتونس، وإمتداد ثورات الربيع العربي في كل من سوريا وليبيا واليمن وغيرها من الدول فإنحازت بشكل فج إلى خيارها الإخواني. ليس هذا فحسب، بل انها تورطت في الشؤون الداخلية للدول العربية جميعها لصالح فروع جماعة الإخوان.

هذا الإنحياز الأعمى لفروع جماعة الإخوان المسلمين أفقدها حلفاء الأمس في سوريا وإيران وحزب الله، الذين شكلوا لها الغطاء والدعم بعد إنقلابها على الشرعية الوطنية. وحتى دول خليجية عربية رفعت الغطاء عنها وعن الجماعة بشكل عام. مع ان بعض اقطاب الإخوان طالبوها بإيجاد مسافة بينها وبين موقف مكتب الإرشاد الإخواني، كما فعل الشيخ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة وعبدالإله بن كيران في المغرب. لكن السيف كان سبق العذل. لإنها تخندقت في مراكز الدول الإخوانية والداعمة للإخوان (قطر وتركيا). وبعدما فشلت تجربة أقرانها في مصر وتونس، حاولت التراجع، فإرسلت العديد من الرسائل لإصدقاء الأمس، وطالبت السماح لها بتجسير العلاقة معها مجددا، لكن محاولاتها باءت بالفشل المدقع. رغم ظهور تباين بين بعض اقطابها، غير أن هذا التلوين للمواقف في اوساطها لم يسهم في مد الجسور ثانية حتى الآن.

كما كان العديد من القوى السياسية وكتاب الرأي في الساحات العربية والمهاجر منحازين لصالح حركة حماس، إلآ انهم غيروا مواقفهم منها بعد أن حسمت موقفها لصالح مرجعيتها الإخوانية. وبالتالي أبعدت قطاعات واسعة عنها من الجماهير الشعبية العربية، التي إعتقدت لفترة من الزمن أنها حركة مقاومة، لإنهم إكتشفوا عوراتها وعيوبها.

سادسا دوليا ايضا لم تتمكن حركة حماس من تعويم نفسها في النطاق الدولي، وبقيت إتصالاتها محدودة مع اجهزة امنية لإعتبارات تخص القائمين عليها، ومع بعض ممثلي الدول الديبلوماسيين وخاصة السويسريين لغاية في نفس يعقوب، أي للدخول على خط المصالحة والوقوف على نبض التطورات السياسية في الساحة الفلسطينية ولتفادي أية أعمال ضد بلدانها.

يلحظ المرء، ان النتيجة مما تقدم، أن حركة حماس لم تحقق اي من اهدافها الفئوية ولا أجندة الإخوان المسلمين إلآ بحدود انها كانت رأس حربة لمشروع الجماعة في المنطقة العربية، لكنها فشلت فشلا ذريعا في تنفيذ المخطط المرسوم لها. واساءت وشوهت المشهد الوطني، وتركت بصمات سوداء نادبة في الجسد الفلسطيني. وبالتالي من إدعى ان حركة حماس تميزت في المشهد السياسي الفلسطيني من القوى الدينية والسياسية الفلسطينية، يمكن الرد عليه بالنتائج المذكورة سابقا. وإن تميزت بشيء، فإنها تميزت بالعبث بالساحة الفلسطينية، وضربت ركائز الوحدة الوطنية، وشوهت العملية الكفاحية. وهذا لا ينتقص ولا للحظة من الأبطال، الذين إستشهدوا تحت راية حماس.لإنهم قاتلوا ودافعوا عن المشروع الوطني، كما فهموه هم، وليس وفق المشروع الإخواني الهادف لتمزيق النسيج الوطني والإجتماعي والثقافي الفلسطيني.

مع ذلك مازال أمام حركة حماس فرصة للعودة لجادة الصواب من خلال توطين نفسها في المشروع الوطني كقوة رافعة للنضال الفلسطيني التحرري، وبالعودة عن خيار الإنقلاب والإمارة السوداء، وبالإلتزام بالقواسم المشتركة للكل الوطني، دون ان يعني ذلك تخليها عن شعاراتها المطروحة، وبالتقيد التام بالنظام الأساسي (الدستور الفلسطيني) وبالتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الإقتراع، وبايجاد مسافة بينها وبين المشروع الإخواني، الذي لا يتوافق مع المشروع التحرري الوطني الفلسطيني..

لا أحد يريد شطب او نفي حركة حماس من المشهد السياسي ولا بالتغافل عن ثقلها وضرورة وجودها داخل مؤسسات منظمة التحرير، لكن وفق شروط العمل الوطني، والقبول فعلا لا قولا بالشراكة السياسية. ولعل كلمة خالد مشعل، التي القاها النائب على الحاج احمد في مؤتمر فتح السابع، فضلا عن ما تم الإتفاق عليه بين الكل الفلسطيني تشكل المدخل المقبول في حال إلتزمت بها الحركة. فهل تراجع حركة حماس تجربتها وتعيد النظر بخياراتها السياسية؟ الكرة في ملعب قيادتها وكوادرها واعضاءها

Exit mobile version