المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

تأثيرات قرار مجلس الأمن “2334”

بقلم: أحمد صالح

أقر مجلس الأمن الدولي مشروع قرار رقم” 2334 ” إدانة الاستيطان الإسرائيلي في أراضي الدولة الفلسطينية.
وصوّت المجلس بأغلبية ساحقة للمشروع بـ 14 صوتاً مؤيداً وامتناع صوت واحد
ويطلب القرار أن “توقف إسرائيل فورًا وبشكل تام كل الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية”.
كما يعتبر ان “المستوطنات الإسرائيلية ليس لها أي أساس قانوني، وتعوق بشكل خطير فرصة حل الدولتين، الذي يقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل”.

وجاء التصويت بمبادرة من أربع دول هي” نيوزيلندا وماليزيا والسنغال وفنزويلا ” وتناول مشروع قرار كانت اقترحته دولة مصر، قبل ان تتراجع وتطلب تأجيل التصويت عليه وقال وزير خارجيتها أن مصر تعرضت لمزايدات وصلت لحد الإنذار من أعضاء بمجلس الأمن وهو ما استدعى لتأجيل التصويت على المشروع المقدم من قبلها، لحين استكمال المشاورات بهذا الصدد.. رغم أن هذه الخطوة تعتبر تخبط سياسي، لكن لا ننسى ولا نظلم جهود مصر التي بذلت في صياغة مشروع القرار، وجهودها في استصدار القرار فعليا ، أن مواقف مصر من الحقوق الفلسطينية كانت ولا تزال حجر الأساس الرئيسي الداعم لعدالة القضية الفلسطينية على مر التاريخ .

ولكي نضع النقاط على الحروف علينا أن ننظر إلى القرار جاء نتيجة جهد دبلوماسي فلسطيني وعربي مشترك، وبدعم أمريكي، حيث تشعر الإدارة الأمريكية والرئيس أوباما الذي شارف حكمه على الانتهاء، في فشل كامل لا دارته في تحريك العملية السياسية وإقامة الدولة الفلسطينية، فأراد باراك أوباما ينهي ولايته كرئيس في البيت الأبيض بخطوة سياسية دبلوماسية، بتحقيق إنجاز ب خلق بنية تحتية سياسية لتحرك عملية السلام في الشرق الأوسط.

المتتبع لتصريحات الإدارة الأمريكية، من مختلف المستويات تعتبر تصريحات حادة تجاه المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس، وتشعر بغضب من ممارسات إسرائيل، ونجد أن مندوب أمريكا في مجلس الأمن في القرار الأول التي اعترضت عليه أمريكا في ذاك الوقت سوزان رايس شنت خطابًا هجوميًا ضد سياسات إسرائيل في الأراضي المحتلة
حيث في 2011 صوّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مشروع قرار قدمته دول عربية ضد الاستيطان. 14 دولة من بين 15 عضو في المجلس صوتت لصالح القرار، الولايات المتحدة برئاسة باراك أوباما كانت الدولة الوحيدة التي عارضت، ممّا أدى لوقف القرار، بعد استخدام حق الفيتو .

حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت حق الفيتو ضد قرارات فلسطينية أكثر من 33 مرة، فالدلالة واضحة من عدم استخدام الفيتو ومن سعي أمريكي لاستصدار قرار الإدانة لاستيطان، ليست تصفية حسابات شخصية، وإنما تدرك أن عهد ترامب سيكون سيء على القضية الفلسطينيه والسلام في الشرق الأوسط، الذي يعتبر المستوطنات جزء من إسرائيل .

لولا عدالة القضية الفلسطينية والإيمان الراسخ لدى شعبنا بالحرية والانتصار، والجهود الدبلوماسية الفلسطينية من وزارة الخارجية، والهيئة السياسية لمنظمة التحرير، وجهود مفوضية العلاقات الدولية لحركة فتح، التي فتحت أبواب دول عديدة، والتي جاءت ثمراتها اليوم بعد أن رأينا كيف هبت دول صديقة لشعبنا ومحبة للسلام في تبني مشروع القرار.

أبعاد القرار، وبنوده، وكيف يمكن الاستفادة منه

أغلب البنود التي قدمت في القرار ليست جديدة بل إعادة لقرارات ومشاريع سابقة صدرت عن الأمم المتحدة وهو جاء كتوصية وليس ملزم ، لكن هناك بندان محددان في قرار 2334 ، تثير قلق إسرائيل
بند (5) الذي يطالب جميع دول العالم بالتفرقة بين مناطق إسرائيل وبين المناطق المحتلة.
وبند (12) الذي يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بأن يقدم للمجلس كل ثلاثة شهور تقريرًا حول الاستيطان والأمور المتعلقة بالقرار.
فالذين يحاولون التقليل من هذا القرار التاريخي والقانوني، الذي جاء نتيجة لصمود شعبنا، ويدعم الحقوق الفلسطينية، جاء ليفتح لنا أبواب جديدة من المقاومة الدبلوماسية والقانونية والشعبية، بغطاء قانوني صادر عن مجلس الأمن الدولي؛

1-القرار يجدد الشرعية الدولية لمواجه المشروع الاستيطاني الاستعماري الكونيالي بغطاء دولي.

2-القرار يفتح الباب أمام تشريع المقاطعة الدولية وتفعيل حركة المقاطعة الدولية حركة بي دي إس
على نطاق أوسع التي تضرب في خاصرة إسرائيل وتكبد إسرائيل سنويا خسائر بالمليارات سنويا.

3-القرار يشجع دول غربية بتبني موقف وسياسات أكثر صرامة وواضحة تجاه الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف استيراد أي منتجات من المستوطنات إلى جانب سحب أي استثمارات أجنبية فيها.

4-القرار يفتح الباب أمام الجنايات الدولية التحقيق في الاستيطان كجريمة حرب، كما يفتح الباب لرفع دعاوى قضائية” خاصة، وعامة ” في الهيئات والمحاكم الدولية لدفع تعويضات للفلسطينيين، حيث أن بعد هذا القرار قد يربح محامين فلسطينيين قضية رقم: 1:16- 00445 بمبلغ 34.5 مليار $ لدى المحكمة الفيدرالية فى واشنطن .

5-القرار يشجع حكومات دولية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل رسمي، خصوصا في ظل التأكيد على الفصل بين المناطق المحتلة عام 67 وإسرائيل كما ذكر في بند 5 .

6-بند 12 الدي يفتح الباب لمجلس الأمن، لمتابعة شاملة لعرض تقارير دورية كل 3 شهور حول الاستيطان، مما سيخلق حالة رعب لدى الحكومة الإسرائيلية لأنها ستواجه بعتاب دولي على أقل تقدير وصولا لفرض عقوبات على المدى البعيد في حال عدم الالتزام بوقف الأنشطة الاستيطانية الغير شرعية في الأراضي المحتلة، في ظل تبني القرار بإجماع دولي مما سيزيد من عزلة إسرائيل دوليا، أي أن كل نشاط استيطاني سيواجه بنقاشات وإدانة دولية شديدة.

7-القرار الصادر من مجلس الأمن، والقرار الصادر قبل أيام من الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي صوتت بأغلبية ساحقة لمشروع قرار بعنوان “حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير” وكانت نتيجة التصويت 177 دولة لصالح القرار، يؤكدان على حقوقنا المشروعة، وإقامة دولتنا العتيدة، ويؤكد ان الاحتلال هو عقبة أمام السلام وغير شرعي .

8-القرار يعطي ورقة قوة للمفاوض الفلسطيني في أي مفاوضات قادمة، متسلح بقرارات الشرعية الدولية.

هذا القرار إنجاز فلسطيني تاريخي، يتطلب منا توحيد الموقف الفلسطيني، ووضع برنامج سياسي موحد وخطة استراتيجية لتفعيل هذا القرار الهام من خلال استثمار القرار الدولي وتفعيله فلسطينيا على الأرض ، لمواجه التغول الاستيطاني، يشارك فيها الكل الفلسطيني،، وإنهاء الاحتلال البغيض، ومواصلة العمل بشكل جاد نحو توحيد الجبهة الداخلية بإنهاء الانقسام.

الكاتب : أحمد صالح
غزة – فلسطين

Exit mobile version