المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الفيدرالية الوجه الآخر للإمارة

بقلم: عمر حلمي الغول

بق موسى ابو مرزوق البحصة أخيراً، وأعلن انه مع خيار “الفيدرالية” بين جناحي الوطن. ونفي عضو المكتب السياسي لحركة حماس لما اعلنه، لا يعكس الحقيقة. وتبرير أحدهم من القيادات الإعلامية الحمساوية لما ذكره ابو مرزوق بانه “شكل من اشكال السخرية” من موضوع الفيدرالية، ليس سوى التأكيد لما ذكره القائد الحمساوي. والبسطاء والسذج، هم الذين إنبروا في إعادة نشر دلالات المفهوم.

كما يعلم ابناء الشعب العربي الفلسطيني، ان هذا الشعب له ميزة عن الكثير من شعوب الأمة العربية والعالم، هي عدم وجود تباينات وإختلافات كبيرة في مركباته الدينية، ولا وجود لإية إثنيات في صفوفه، هويته فلسطينية عربية واحدة. لهذا يعتبر الشعب الفلسطيني من اكثر الشعوب وحدة في نسيجه الإجتماعي والوطني، ولم يظهر في مسيرته الطويلة اي أثر بين اتباع الديانات السماوية، ولغة التسامح والإنسجام كبيرة وعميقة بين أبناء الشعب الفلسطيني. ولولا لوثة الإنقلاب الأسود في محافظات الجنوب اواسط عام 2007، لما تعمقت لغة الإنقسام والشعور بالغبن في اوساط بين النخب والقطاعات الإجتماعية فيما بين محافظات الوطن. مع ان هذه الظاهرة موجودة في كل دول وشعوب الأرض، والفلسطينيون ليسوا إستثناءا.

اما طرح ابو مرزوق لخيار “الفيدرالية”، فهو يعكس اولا الإصرار على رفض المصالحة الوطنية؛ ثانيا التمسك بالإمارة الحمساوية او دويلة غزة على حساب المشروع الوطني؛ ثالثا اللعب على وتر التسويف والمماطلة لكسب الزمن، لعل التغيرات المشتاة لصالح جماعة الإخوان المسلمين تحصل في إحدى البلدان وخاصة مصر، وبالتالي إستعادة زمام المبادرة في المشهد السياسي؛ رابعا إثارة موضوعات إشكالية، لإدخال الشعب وقواه السياسية في متاهة التفاصيل، والإبتعاد عن العنوان الرئيسي، ألآ وهو المصالحة والوحدة الوطنية؛ خامسا اضف لذلك إلقاء بالونات الإختبار لمفاهيم لا تنسجم ولا تتوافق إلآ مع خيار الإنقسام والإنقلاب الحمساوي لرؤية ردود الفعل الوطنية عليها، وبالتالي قياس مدى الإقتراب منها او الإبتعاد عنها.

سقطة عضو المكتب السياسي، وأحد أبرز المنافسين على رئاسة المكتب السياسي للحركة الإنقلابية هذا العام ليست عفوية او جاءت عن غباء، إنما تم إلقائها وفقا لقراءة داخل فريق العمل القيادي لحركة حماس في قطر وبالتفاهم مع حلفائهم في الدولة المضيفة وتركيا وقبل ذلك مع قيادة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، لاسيما وانه يشكل المرجعية الفكرية العقائدية والسياسية لحركة حماس. والتراجع عنها لا يعني ان ابو مرزوق لم يطرحها، بل العكس صحيح، والشواهد دامغة عليها. لكنه لم يعتقد وقيادته ان تكون ردة الفعل على خياره بمثل ما شهدته الساحة الفلسطينية.

وكما ذكرت آنفا، الحديث عن خيار الفيدرالية، ليس سوى الوجه الآخر عن التمسك والتشبث بخيار دويلة غزة القزمية. لان الفيدرالية تعني الإتحاد بين دولتين او اكثر في واقع جيوبولتيكي، له حكومة مركزية ودستور واحد ومؤسسات أمنية فيدرالية، لكن لكل دولة حكومتها واجهزتها وانظمتها الخاصة بها، وهو ما يعني التمهيد لمواصلة إختطاف محافظات الجنوب تحت يافطة “الفيدرالية”. وهي شكل من اشكال الإلهاء للجماهير الشعبية الفلسطينية المنادية بطي صفحة الإنقلاب الحمساوي الأسود، وتدريجيا تثبيت دويلة الإمارة الحمساوية في غزة. وبالتالي يفترض بالقوى الوطنية بمختلف مكوناتها مطاردة وملاحقة ابو مرزوق ومن لف لفه في هكذا طروحات، لانها تتناقض مع وحدة النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي الفلسطيني، وتهدد المشروع الوطني وقضية الشعب والعرب المركزية، وتحمل إرتدادات عميقة الخطورة على مستقبل الأهداف الوطنية. وتمهد الطريق لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية لمواصلة الإستيطان الإستعماري وفصل المحافظات الشمالية عن بعضها البعض، والدعوة لإقامة دويلات او إمارات كرتونية يضمها “إتحاد فيدرالي”، كما يريد ابو مرزوق، وبالتالي ما طرحه عن الفيدرالية ليس بعيدا عن المشروع الأخطر في تمزيق وحدة الأرض والشعب والقضية. لذا وجب التصدي وفضح وتعرية حركة حماس وابو مرزوق وكل من يتبنى خيار تمزيق وحدة الشعب والارض الفلسطينية.

Oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

Exit mobile version