المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

دلالات عملية القدس

بقلم: عمر حلمي الغول

عملية الدهس، التي نفذها الشهيد فادي القنبر في حي “أرمون هنتسيف” الإستيطاني الإستعماري جنوب القدس العاصمة الفلسطينية المحتلة، وأدت لمقتل اربعة جنود وجرح 15 جنديا، حالات بعضهم حرجة، حملت العديد من الدلالات والعبر الهامة، التي يفترض على الإسرائيليين إستخلاصها، وأخذها في الحسبان، منها: اولا طالما كان هناك إحتلال وجرائم حرب وإنتهاكات لمصالح المواطنين الخاصة والعامة، طالما ستبقى عمليات المقاومة موجودة. وهذا الدرس او الدلالة قديم جديد. في كل مرة تحدث فيها عملية فدائية، كلما تم تذكير الإسرائيليين بضرورة التوقف مليا أمام الدرس والتعلم منه، وإستخلاص عبره؛ ثانيا تشديد القبضة والإنتهاكات الإسرائيلية من هدم منازل او سرقتها وتزوير وثائقها او فرض مزيد من الضرائب او الإعتقال بكل اشكاله إداري او أمني سياسي ام سحب الهويات وعدم تفعيل قانون لم الشمل أم إقتحام المسجد الأقصى وحفر الأنفاق .. إلخ لن تثني ابناء الشعب العربي الفلسطيني عن مواصلة الكفاح حتى إزالة الإحتلال الإسرائيلي كليا عن اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 67 وخاصة العاصمة القدس؛ ثالثا أكدت العملية مجددا، ان القدس الشرقية، هي عاصمة دولة فلسطين، ولن يسمح الفلسطينيون بتهويدها او ضمها، وسيدافعوا عنها بما ملكت ايمانهم من اشكال المقاومة المختلفة؛ رابعا العملية جاءت ردا مسبقا على فكرة نقل السفارة الأميركية للقدس. وبالتالي على إدارة الرئيس دونالد ترامب، ان تفكر مليا في تداعيات نقل سفارتها إلى العاصمة الفلسطينية الأبدية. وأن تتذكر جيدا، ان الشعب والقيادة الفلسطينية لن يمرروا مثل هذه الخطوة دون التصدي لها باجراءات واساليب كفاحية سياسية وديبلوماسية وقانونية وشعبية وعلى كافة الصعد والمستويات إلى ان توقف أميركا قرارها؛ خامسا ايضا حملت العملية ردا على المحاكمة الهزلية للجندي “أزاريا” القاتل للشهيد عبدالفتاح الشريف؛ سادسا وجاءت ردا على خطة بينت وقانون تشريع البؤر الإستيطانية الإستعمارية في الأراضي لفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران عام 1967؛ سابعا العملية إستهدفت جنودا وهم يحملون سلاحهم، ولم تستهدف مدنيين عزل؛ ثامنا أنها تمت (العملية) في حي إستعماري مقام على اراضي دولة فلسطين المحتلة وخاصة في العاصمة.

إذا عملية الحي الإستيطاني الإستعماري “أرمون هنتسيف” جنوب العاصمة القدس، حتى لو لم يكن الشهيد فادي يقصد كل هدف ورسالة مما وردت أعلاه، فإن القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية معنية بالتوقف مليا امام معانيها ودلالاتها ودروسها. ولا يكفي الإيغال في التطرف والمزيد من الإجراءات الوحشية ضد عائلة الشهيد القنبر او باقي ابناء الشعب العربي الفلسطيني، لإن المزيد من الإنتهاكات والجرائم العنصرية والوحشية الإسرائيلية، لن تجدي نفعا، ولن تخدم السياسات الإستعمارية الإسرائيلية. لإن الفعل الإستعماري العنصري المنتج لإبشع اشكال الإرهاب ضد المواطنين الفلسطينيين العزل، سينتج فعلا مضادا له في القوة والتأثير. وبالتالي الخيار الأمثل لقيادة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، هو العودة لجادة المفاوضات والوقف التام لعمليات الإستيطان الإستعماري في فلسطين المحتلة، والإلتزام باستحقاقات عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.

ولعل القيادة الإسرائيلية بحاجة إلى مشاهدة مقاطع الفيديو، التي كشفت عن هزيمة ورعب الجندي الإسرائيلي أثناء تنفيذ العملية. حيث كان ما يزيد عن الخمسين جندي وباسلحتهم في موقع الحدث ذاته، وجميعهم هربوا بطريقة جبانة ومذلة. ولم يبادر اي منهم باستخدام سلاحه للدفاع عن ذاته او اقرانه من الجنود إلآ بعد فوات الأوان، وبعد ان استخدم مرشد سياحي السلاح. هذا درس يحتاج إلى تمعن وتدقيق في اوساط إسرائيل المارقة والخارجة على القانون. القوة والإستعمار ليست حلا. الحل هو الجلوس على طاولة السلام ووقف لغة الدم والحرب والعنف. وما قدمه الفلسطينيون من تنازلات لصالح خيار الدولتين، تجاوز الحد الأقصى من إمكانيات التنازل. فلا يحلم الإسرائيليون بغير ذلك. فلا تضغطوا على الفلسطينيين أكثر مما هم مضغوطين، لإن عودة الإمور لنقطة الصفر ليست في مصلحة أحد، وخاصة إسرائيل. فلا مفر من عبوركم الطريق الإجباري، طريق السلام للخروج من دورة العنف والحرب، إن اردتم شراء سلامتكم وبقاء دولتكم.

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

Exit mobile version