المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

اولوية القضية الفلسطينية

بقلم: عمر حلمي الغول

في خضم التطورات العاصفة، التي تشهدها شعوب ودول الأمة العربية إن كان لجهة الصراع الداخلي وارتباطاته الخارجية على السلطة او الحروب البينية بين الدول الشقيقة او بينها وبين دول الأقليم الإسلامية، شهدت القضية الفلسطينية موضوعيا تراجعا نسبيا في اهتمامات الحكومات والدول وفي اوساط قطاعات معينة من الشعوب. وطفت على السطح القضايا الداخلية السياسية والإقتصادية والإجتماعية. لكن دون ان إعادتها للخلف. الأمر الذي فتح شهية الكثيرين من الفلسطينيين والعرب والإسرائيليين ومن دار في فلكهم، كي يعلن كل من موقعه ولحساب أجندته وخلفيته الخاصة عن تراجع القضية الفلسطينية. وتركيب سيناريوهات وحلول سياسية تتوافق مع تلك الإستنتاجات القاصرة والغبية.

غير ان كل ما تقدم، إنما يعكس حقيقة واحدة، عنوانها بقاء القضية الفلسطينية مركز إهتمام الأشقاء العرب لإكثر من إعتبار، منها: اولا إدراك الجميع ان لا إستقرار ولا أمن ولا سلام دون حل القضية الفلسطينية؛ ثانيا أي كانت علاقات التطبيع بين الدول العربية من تحت او فوق الطاولة، لا يمكن ان تستقيم تلك العملية إلآ عبر تسليم إسرائيل بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وحل عادل لمسألة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194؛ ثالثا الإهتمام الدولي المتزايد بحل مسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لاسيما وان القيادة الفلسطينية كثفت جهودها السياسية والديبلوماسية لتحقيق المزيد من الإنجازات السياسية والديبلوماسية؛ رابعا حتى تلك المؤتمرات ذات الأهداف الخبيثة المشبوهة إن كان في إسطنبول او طهران او مؤتمرات ما يسمى بالشباب في عواصم العرب والمسلمين والأوروبيين، تشير جميعها إلى حجم التكالب على القيادة الشرعية، والعمل على خلق بدائل عن منظمة التحرير أو هز العصا في وجهها. وهو ما يعكس اهمية وأولوية القضية الفلسطينية؛ خامسا تركيز المحادثات والبيانات السياسية الصادرة عن لقاءات القمم بين الزعماء العرب واقرانهم العالميين او بين الزعماء العرب انفسهم على قضية فلسطين كأولوية؛ سادسا عدم تخلي الإدارة الأميركية عن الحل السياسي للقضية الفلسطينية، رغم عدم حسم الشكل المناسب من وجهة نظر الرئيس ترامب ومرؤوسيه .. إلخ

إذا من خلال التدقيق الموضوعي في التطورات المرتبطة بفلسطين وقضيتها، يمكن الإستنتاج العلمي ومن دون إسقاطات وهمية او إعتباطية بشكل واضح إلى انها مازالت تحتل المكانة الأولى عربيا. والتراجع النسبي في الأوساط العربية، لا يعني بتاتا سقوطها إلى منحدر التهميش والتجاهل، كما يتمنى البعض. غير ان هذه الأولوية تحتم على الأشقاء العرب الرسميين، ان يكفوا عن التعامل المباشر مع ابناء الشعب الفلسطيني. لان الجميع يعرف العنوان المركزي للشعب العربي الفلسطيني، هو منظمة التحرير وقيادتها الشرعية. والحرص على تعزيز دور تلك القيادة برئاسة الرئيس محمود عباس، بغض النظر عن اي تباينات بينها وبين قيادة المنظمة. لاسيما وان الجميع يعلم ان القيادة الفلسطينية وممثلها الشرعي والوحيد، منظمة التحرير لم تعد طوع بنان هذا النظام او ذاك، كما لم تعد تسمح المعادلات الدولية لبعض اهل النظام العربي بفرض أجنداتها وحساباتها الفئوية الصغيرة على القيادة والشعب الفلسطيني. وبذات القدر وأكثر تتعامل القيادة الفلسطينية بمنتهى الحكمة مع كل الأشقاء، وترفض الإنجرار لمتاهة تأجيج الخلافات معهم، بل تحرص اشد الحرص على تجسير العلاقة معهم، وإبقاء الحرارة الدافئة في خطوط التواصل معهم. وعلى القيادات العربية بمستوياتها السياسية والأمنية الإنسجام مع نفسها ومع ما تقوله داخل الغرف المغلقة مع القيادات الفتحاوية وقيادات السلطة والمنظمة، لا ان تعلن شيئا داخل الغرف ونقيضه خارج الغرف عبر الممارسات الخاطئة. هكذا سياسة لا تخدم العلاقات المشتركة. وبالتالي مطلوب كبح النزعات الخاطئة وردود الفعل غير المحسوبة.

ستبقى القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية وبارادتهم، لإنها كذلك، ولإنها مرتبطة اشد الإرتباط بقضايا المنطقة الإستراتيجية. وسيبقى الشعب والقيادة الفلسطينية برئاسة ابو مازن اشد حرصا على امتن واوثق العلاقات الأخوية مع الأشقاء العرب، شرط عدم تورطهم في الشؤون الداخلية الفلسطينية، وعدم محاولات بعضهم بإعتبار نفسه وصيا على القيادة والشعب الفلسطيني، كما تفعل القيادة الفلسطينية مع الشعوب والأنظمة العربية. فهل يدرك الأشقاء حدود الممكن والمسموح في العلاقات الثنائية المشتركة أم سيبقى بعضهم واضعا الشريطة السوداء على عينيه؟

oalghoul@gmail.com

Exit mobile version