المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

مسئوليات إحياء السلام على المسار الفلسطينى

بقلم: اللواء. محمد ابراهيم

بانتهاء زيارة الرئيس الفلسطينى أبومازن للولايات المتحدة ولقائه مع الرئيس الأمريكى فى الثالث من مايو الحالى يمكن القول إن المرحلة الأولى والضرورية من الاقتراب الحقيقى للإدارة الجديدة تجاه القضية الفلسطينية قد تمت خاصة أنه كان قد سبقها بأسابيع قليلة لقاءات مهمة لكل من الرئيس عبد الفتاح السيسى والعاهل الأردنى ورئيس الوزراء الإسرائيلى مع الرئيس الأمريكى الأمر الذى يطرح سؤالاً منطقياً حول طبيعة المرحلة القادمة فى التحرك على المسار الفلسطينى بعد أن تعرف الرئيس ترامب بصورة مباشرة وتفصيلية على مواقف أهم الأطراف المعنية بالقضية .

لم يكن الأمر مستغرباً عندما تحدث الرئيس ترامب عن إنجازات فترة المائة يوم الأولى من حكمه دون أن يكون للشرق الأوسط نصيب فيها سوى العملية الأمريكية ضد سوريا بعد حادث (خان شيخون) وحتى أكون منصفاً فإن الرئيس الأمريكى حرص بشكل مبكر على أن يرسل فى مارس الماضى أحد مبعوثيه للمنطقة «جيسون جرينبلات» حيث التقى القيادات الفلسطينية والإسرائيلية لمدد طويلة واستمع إلى رؤاهم المختلفة حول أنسب أساليب التحرك فى المرحلة القادمة .

ولعلنى أجد من الضرورى أن أشير أيضاً إلى أنه رغم التأييد الواضح فى السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل وهو ما شهدناه خلال أول لقاء بين ترامب ونيتانياهو واعتزام الرئيس الأمريكى القيام بزيارة لإسرائيل خلال الشهر الحالى إلا أن واشنطن لم تتحرك حتى الآن فى اتجاه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس , كما أنها أبدت عدم ارتياحها إزاء سياسة نيتانياهو الاستيطانية، وأكدت أن هذا الملف لا يزال مفتوحاً فى نقاشات تجريها الإدارة بمعرفتها مع إسرائيل دون أن يصل الأمر إلى حد الأزمة .

وإذا ما حاولنا تقييم زيارات بعض قادة المنطقة إلى واشنطن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فلابد من أن أتعرض إلى أربع نقاط رئيسية كنتاج لهذه الزيارات :

أولاً: أن هذه الزيارات أكدت للإدارة الجديدة أن القضية الفلسطينية تمثل القضية العربية المحورية التى لابد أن تجد طريقها للحل مهما تصاعدت حدة بعض القضايا الإقليمية الأخرى .

ثانياً: أن هناك إجماعاً عربياً على أن حل الدولتين يعد الحل الأمثل للقضية، وأن مبادرة السلام العربية تمهد الطريق أمام تسوية الصراع العربى ــ الإسرائيلى .

ثالثاً: أن هناك توافقاً عربياً ـ أمريكياً على مواجهة الإرهاب فى المنطقة, وأن حل القضية الفلسطينية يمثل أهم أدوات هذه المواجهة .

رابعاً: العودة بالولايات المتحدة لتكون بمثابة الشريك الكامل فى عملية السلام فى الشرق الأوسط .

قد يكون الأمر إيجابياً عندما نرى أن الرئيس الأمريكى لم يتخذ موقفاً سلبياً إزاء هذا الطرح العربى للحل، بل أكد ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية لهذه القضية مع التزام الولايات المتحدة بذلك دون أن يصل الأمر إلى فرض هذه التسوية على الأطراف.. وفى رأيى أن هذا الأمر يقصد به فى الأساس معارضة واشنطن المطلقة لأى قرارات دولية ضد إسرائيل , ويجب أن أشير فى هذا المجال إلى نقطة مهمة وهى أن الرئيس ترامب لم يسقط مبدأ حل الدولتين ولكنه لم يعد خياره الوحيد للتسوية .

إذن نحن أمام ثلاثة محاور تحرك رئيسية تمت فى المرحلة السابقة أولها تحرك إسرائيلى مع الإدارة الأمريكية حاول من خلاله نيتانياهو تعظيم المخاوف من الإرهاب والتوافق مع واشنطن لرفض أى حل للقضية الفلسطينية يتعارض مع المتطلبات الأمنية الإسرائيلية , وثانيها تحرك عربى جاد سعى إلى توضيح الصورة الواقعية للموقف مع شرح طبيعة المطالب العربية والفلسطينية للرئيس الجديد , وثالثها تحرك أمريكى اقتصر على استطلاع مواقف الأطراف مع تحديد أسس عامة للحل بعيداً عن التطرق إلى طرح تفصيلات أو عرض رؤى متكاملة .

فى ضوء ما سبق، فإننا يمكن أن نصل إلى نتيجة واضحة وهى أن هناك قوة دفع أوجدتها التحركات العربية مع الإدارة الأمريكية وتحديداً لقاءات الزعماء العرب الثلاثة «الرئيس السيسى والعاهل الأردنى والرئيس أبومازن» مع الرئيس ترامب, ويظل السؤال مطروحاً: هل سنكتفى بقوة الدفع باعتبارها نتيجة إيجابية أعادت القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء ونتوقف عند هذا الحد, أم سنقوم بالتعامل مع قوة الدفع باعتبارها بداية لمرحلة أكثر أهمية فى التحركات السياسية ونتائجها المرجوة .

فى رأيى أن هناك مسئوليات محددة تقع على الجانبين العربى والفلسطينى ينبغى البدء فى تنفيذها فوراً، حتى لا تخف جذوة قوة الدفع وهنا أطرح ثلاثة مقترحات تسير كلها بالتوازى، أولها تشكيل فرق عمل تتولى التواصل مع المسئولين المختصين فى الإدارة الأمريكية لاستكمال أى نقاشات مطلوبة أو بلورة خطط التحرك القادمة, وثانيها تحديد آليات للتحرك انطلاقاً من بنود المبادرة العربية للسلام, وثالثها التنسيق مع كل الأطراف بهدف تحديد وقت قريب (فى حدود شهر) لاستئناف المفاوضات الفلسطينية / الإسرائيلية بمرجعيات تسمح ببدء التفاوض .

فى النهاية من المهم أن أشير إلى أنه بالرغم من أن القضية الفلسطينية مازالت تحقق نجاحات مهمة على المستوى الدولى، خاصة فى الأمم المتحدة كان آخرها قرار اليونسكو باعتبار القدس مدينة محتلة , إلا أن هذه النجاحات تظل حبيسة فى إطارها القانونى والمعنوي, أما الأمر الأخطر فهو قيام إسرائيل بفرض سياسة الأمر الواقع فى كل المناطق المحتلة دون أن يتصدى لها أحد سواء بالمفاوضات أو بالمقاومة (حتى السلمية) ومن ثم تصبح عملية اسئناف المفاوضات بمثابة التحدى والسلاح القوى المتاح أمامنا والمقبول من العالم حتى نتصدى لقطار الاستيطان الإسرائيلى المتهور ونخلق قوة دفع ضاغطة سوف نحقق منها مكاسب تفوق بالتأكيد استمرار الوضع القائم الذى لا يخدم سوى إسرائيل.

المصدر : الأهرام المصرية

Exit mobile version