المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

قطر والتغريد خارج السرب

بقلم: د.خليل نزّال

قطر هي إحدى الحلقات المركزية لما يجري في المنطقة من أكثر من عقدين من الزمن، وقد تمَّ إعدادها جيِّداً لهذا الدور، وبشكل ممنهج وتدريجي: بدءاً من الاستيلاء على السلطة من قِبَل مجموعة الشيخ جاسم، مروراً بإطلاق قناة الجزيرة، وانتهاءً أو وصولاً الى إقامة قاعدة السيلية كضمانة حقيقية للدور القطري وعدم التّعرض له عسكرياً من قِبَل جيران قطر.

أولى الخطوات لتجسيد الدور القطري كانت باستضافة رموز التيار الإخونجي وتوفير الحماية وحرية الحركة لهم وسهولة الاتصال والتواصل مع الحامي الأمريكي، وتمثَّل ذلك باتخاذ اتحاد علماء المسلمين من قطر قاعدة للحركة ورسم الخطط ومهاجمة الأنظمة يميناً وشمالاً، ولا يخفى على أحدٍ أنَّ اتحاد علماء المسلمين هو الأب الشرعي لكل التنظيمات الظلامية من القاعدة إلى داعش وهي المدافع الأول عن انقلاب حماس وخروجها على الشرعية الفلسطينية..

الخطوة التالية كانت تتمثَّل بتوفير “ماكينة” إعلامية مهنية ممثَّلة بقناة الجزيرة، وهي التي أدخلت القرضاوي لكل بيت عربي تماماً مثلما أدخلت إلى تلك البيوت الناطقين الرسميين باسم حكومة وجيش إسرائيل، كل ذلك جرى بعناية قبل أن يتم اتخاذ القرار النهائي بجني ثمار التخريب الممنهج للعقل العربي والبدء بما سُمّي بالربيع العربي..

هنا لا بد من ملاحظة أنَّ الدور القطري حاول الجمع بين الإخوان المسلمين وبعض “العلمانيين” العروبيين وذلك لضمان الوصول إلى أوسع قدر من الجمهور العربي المظلوم والمقهور..

في الشق الفلسطيني من الدور القطري لم تكن حماس سوى فصيل من فصائل الإخوان، وهي التجربة الوحيدة التي استطاعت الاستمرار في “الحكم” كل هذا الوقت، فقد فشلوا في الجزائر ثُمَّ في مصر، لكن حماس التي تتستّر خلف قدسية قضية فلسطين وخلف مليونين من أبناء شعبنا المقهورين والمغلوبين على أمرهم في غزة، حماس اتقنت فن البقاء، مستعينة بكل أدوات التنظيم الدولي ومصادر تمويله، ومستغلّة حجم الدمار الذي تتلذذ القيادة الإسرائيلية كل عامين أو ثلاثة بإغراق غزة فيه..

وضع حماس في المعادلة الإقليمية لم يعد كما كان سابقاً، فالجار المصري لا يسمح لأحد بالعبث بأمنه القومي، خاصة بعد أن وضعت حماس نفسها في صدام مع المؤسسة العسكرية المصرية حينما اختارت الانحياز لتنظيم الإخوان على حساب مصلحة فلسطين والعلاقة المصرية الفلسطينية.

وحماس لم يعد لها إمكانية المناورة بين دول الإقليم التي تعلن ولاءها الواحدة تلو الأخرى للسعودية في صراع المحاور الذي أضاعت حماس موقعها فيه: فهي ليست مع السعودية ولا مع سوريا ولا مع إيران، حتى تركيا بدأت تنوء بنفسها عن حمل حماس الثقيل، كما أنَّ حماس ليست أولاً وأخيراً مع خيار شعبها وقيادته.

لم يبقَ لحماس عملياً سوى قطر بطموح قادتها الراغبين بالاستمرار بلعب دور أصبح أكبر منهم، فهو دورٌ يتعارض حتى مع راعيهم الأمريكي..

ستكون حماس مجبَرة على الاختيار بين خيارات محدودة:

1. العودة للشرعية الفلسطينية مع حفظ ماء الوجه، وهو خيار سهل التنفيذ وقليل التكلفة، وتكاد نتائجه الإيجابية أن تكون مضمونة

2. المغامرة بالاستمرار في علاقة مع قطر لا مستقبل لها في المدى الاستراتيجي، فليس من الحكمة البقاء في عش الدبابير

3. اللجوء إلى إيران، وهذا ما لا يسمح به تنظيم الإخوان المسلمين، فقد وصل الاحتدام الطائفي درجةً تجعل إمكانية الارتماء في الحضن الإيراني أمراً مرفوضاً من قبل الإخوان

4. الهروب إلى التصعيد مع العدو الإسرائيلي وهو خيار يعفي حماس من ضرورة الإجابة الملحّة على أسئلة الإقليم وأسئلة الوطن، كما أنَّه يعفي إسرائيل من ضرورة تقديم إجابات على بعض الأسئلة الخجولة لإدارة ترامب.

أمين سر حركة “فتح” – إقليم بولندا د.خليل نزّال

2017/6/03

Exit mobile version