المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

في ذكرى الهزيمة

بقلم: معتز عجاج

مرة أخرى تعود ذكرى نكسة حزيران 1967 . لكنها تعود  هذه المرة ونحن نستشعر أكثر بأن نكبة أخرى أشد و أخطر تكاد تحل بأمتنا و تحللها . نكبة  تقسيم دول عربية و تفتيت اجتماعي و تقسيم طائفي بعد أن أنهكتها حروب داخلية و صراعات بأشكال مختلفة قد يكون ما وصلنا اليه اليوم هو أحد نتائج نكسة حزيران . ولكن كي نكون أكثر واقعية و أكثر فهما وتماسا مع مسار الأحداث واتجاهها لا بد من التأكيد بأن ما وصلنا اليه يؤسس لنكسة و نكبة جديدة في أخطارها تفوق حزيران 1967 . و هنا لا بد من الإشارة الى مسألة هامة كان لها دور أساسي في استمرار نكباتنا هذه المسألة هي أننا كعرب و برغم مرور خمسين  عاما على هذه النكبة لم نبحث في أسباب وقوعها و لم نحدد هوية المسؤولين عنها و لم نحاسبهم . فلا الأنظمة دققت في أسباب الهزيمة و نتائجها و مدلولاته و حاولت استخلاص الدروس المستفادة منها و لا القوى الأخرى من سياسية و ثقافية فعلت ذلك . ان احجام المعنيين عن البحث في أسباب الهزيمة و التستر عن المسؤولين عنها سببه الخوف من انكشاف الحقيقة , حقيقة البنى السياسية و العسكرية و الاقتصادية و هزالها وزيفها و هذه البنى للأسف ما زالت مستمرة الى اليوم . لو تجرأ هؤلاء على الكشف عن أسباب تلك الهزيمة و تحملوا المسؤولية التاريخية أمام شعوبهم , لو تم ذلك لما استمرت الهزيمة قائمة الى اليوم . و كان من الممكن أن تكون الخطوة الأولى لتجاوز الهزيمة . لكن ذلك لم يتم واستمر الشعوب في واد و الأنظمة في واد آخر يبذلون المزيد من الجهد للاستمرار في خداع الشعوب و الحيلولة دون صحوته بفعل صدمة الهزيمة . و كان أبرز ما أخرجوه من جعبتهم لتحقيق هذا المأرب تلك المقولة الخادعة و البالغة الدلالة في الوقت ذاته و القائلة بأن هدف عدوان حزيران هو اسقاط الأنظمة التقدمية و طالما أن هذه الأنظمة لم يسقطها العدوان “الاسرائيلي ” فقد فشلت “اسرائيل” في تحقيق الهدف الذي من أجله قامت بعدوانها . هكذا سرعان ما أطلقوا حكمهم المخادع بان “اسرائيل” فشلت في تحقيق ما سعت اليه . أما نجاحها الفائق في هزيمة جيوش تلك الأنظمة و احتلالها مساحة من الأرض تعادل ثلاثة أضعاف المساحة التي قامت عليها فهذا بحسب تفسيرهم أمر ليس بذي بال ولا يحمل أي خطورة على الأمة طالما لا يحمل اية أخطار على الأنظمة . و كأن تلك الجيوش التي سحقت و الأراضي التي احتلت لا علاقة للأنظمة العتيدة بها . أن  تهزم الجيوش و أن تحتل أرض  وان يشرد شعب أمر لا يثير الذعر ولا يدعو للتشاؤم . هذا ما أرادت الأنظمة و تريد دوما اقناعنا به . اما أن تسقط الأنظمة فتلك هي المصيبة . لو احتل كل البلاد و احترق كل الشعب و بقي النظام قائما فلا مخافة لدى الأنظمة . فالأنظمة هي الوطن وهي الشعب و الخلود لها و ليس للأوطان . هذه المقولة التي بدأت خجولة في حرب 1948 و على نطاق ضيق ذاعت و انتشرت بعد هزيمة 1967 و مازالت مستمرة حتى الآن و ان بأشكال جديدة تعبر عن الجوهر ذاته . هذه المقولة التي أدت الى الهزائم و النكبات ومن ثم أدت الى عملية التدمير الذاتي حيث تحولت كل الأطراف أدوات في تدمير ذاتها وطنيا و اجتماعيا سواء أدركت ذلك أو ربما البعض لم يدركه . فهل حان الوقت أما تأخر كثيرا لنضع اليد على الجرح كي نوقف النزف أولا .
معتز عجاج

Exit mobile version