المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

لماذا انقلب إمام الدعاة على جماعة الإخوان المسلمين؟

دخلها بمنشور، وخرج منها بقصيدة

ظلت علاقة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي – الذي تعرض mbc دراما حاليا سيرته الذاتية عبر شاشتها – بجماعة “الإخوان المسلمون” مثار تعليقات كل الباحثين في حياة الشيخ الراحل، وتزايدت تعليقات الباحثين حول هذه العلاقة هذه الأيام بعد أن احتل “الإخوان” صدارة المشهد السياسي، في دول “الربيع العربي”… فكيف رأى الإمام الجماعة في بدايات نشأتها على يد حسن البنا، ولماذا تركها سريعًا، وشجع ولده سامي على الابتعاد عنها، وهل انقطعت صلته بها تماما خلال حياته الدعوية؟

بداية العلاقة:

بدأت علاقة الشيخ محمد متولي الشعراوي بالإخوان المسلمين في بداية الثلاثينات من القرن العشرين، حيث كان يلتقي يوميا بحسن البنا مؤسس الحركة بمقر الجماعة في شارع (كعب الأحبار)، خلف مدرسة السنية بحي السيدة زينب.. يقول الشعراوي “أحببتُ حسن البنا وانبهرت بعلمه الغزير وجاذبيته، وكان يتردد على حسن البنا في هذه الدار المشايخ أحمد شريت وأحمد حسن الباقوري أعضاء مكتب الإرشاد فيما بعد، فتعرفت عليهم وأعجبت بدعوتهم وتعلمت منهم الكثير”.

المنشور الأول:

مما لا يعرفه الكثيرون أن أول بيان لجماعة الإخوان المسلمين كتبه الشعراوي بخط يده في حضور الشيخ أحمد شريت، وأرسلاه للشيخ الباقوري لأخذ رأيه فيه؛ فوافق على كل ما جاء فيه، وعلق على ذلك قائلا: “هو حد يقدر يقول بعدك حاجة يا شعراوي، فكلنا لا ينسى مواقفك العظيمة السابقة وما تقوله في الأزهر”.

وكان المنشور الذي كتبه الشعراوي يقول: “إن الإسلام منهج الله، وأن الله عز وجل هو الذي خلق الإنسان، وأن الله أولى بأن يمنهج للإنسان غايته التي خُلق من أجلها، وحركة حياته وكيف يسوسها، وإننا نريد أن ننشئ شبابا مسلما حقا، وأن نعطى له مناعة ضد وافدات الحضارة المزيفة التي تريد أن تعزل الأرض عن السماء… “.

وختم الشعراوي منشوره بدعوة الناس إلى الانضمام للإخوان قائلا: “فالجأ إلى هذه الجماعة؛ لتأخذ هذه المناعة”!.لفت المنشور انتباه حسن البنا وأثار إعجابه وطبع الإخوان هذا المنشور ووزعوه على الناس في كل المجتمعات وعلى الطلاب في الجامعات بأعداد كبيرة ..

قصيدة شعر:

لكن الشعراوي الذي تحمس لهذه الجماعة بدأت خلافاته معها مبكرا، وبالتحديد عام 1938م، وكان السبب هو أنه ألقى قصيدة شعرية امتدح فيها سعد زغلول ومصطفى النحاس في الاحتفال الذي أقيم لإحياء ذكرى سعد زغلول!!

ففي حوار الشيخ الشعراوي مع الكاتب الصحفي سعيد أبو العينين في كتابه “الشعراوي الذي لا نعرف” الطبعة الرابعة لسنة 1995 سأله: لماذا افترق الشيخ الشعراوي عن الجماعة والإخوان؟ وما السبب؟

قال الشيخ الشعراوي: “في عام 1937 خرج الوفد من الحكم، وأنا كنت وفديًّا كما سبق وقلت، وفي عام 1938 أردنا الاحتفال بذكرى سعد باشا، لكنهم منعونا؛ فذهبت إلى النادي السعدي واحتفلنا هناك بهذه الذكرى.

كنت أعتبر الاحتفال بذكرى سعد باشا هو احتفال بذكرى وطنية، ووقفتُ في الاحتفال، وألقيتُ قصيدة امتدحت فيها سعد باشا، وكذلك النحاس باشا. وعلم الشيخ حسن البنا بخبر القصيدة التي ألقيتها في الاحتفال فغضب!! غضب لامتداحي النحاس باشا!!!

وحدث بعد ذلك أن جلسنا في ليلة نتحدث، وكنا مجموعة من الإخوان، وكان الشيخ حسن البنا حاضرًا، وعند الفجر تطرق بنا الحديث إلى الزعماء السياسيين وأيهم يجب أن نسانده ونقف معه، ولاحظت أن الحاضرين يتحاملون على النحاس باشا، ويرون ضرورة مهادنة صدقي باشا؛ فاعترضت على ذلك وقلت: “إذا كان لمن ينتسبون إلى الدين أن يهادنوا أحد الزعماء السياسيين ولا يتحاملون عليه أو يهاجموه؛ فليس هناك سوى النحاس باشا؛ لأنه رجل طيب.. تقي.. وورع.. ويعرف ربنا.. وإنني لا أرى داعيًا لأن نعاديه؛ وهذه هي الحكمة”.

ولكني فوجئت بأحد الحاضرين – لا أريد أن أذكره – يقول: إن النحاس باشا هو عدونا الحقيقي… هو أعدى أعدائنا؛ لأنه زعيم الأغلبية، وهذه الأغلبية هي التي تضايقنا في شعبيتنا، أما غيره من الزعماء وبقية الأحزاب فنستطيع أن “نبصق” عليها جميعًا فتنطفئ وتنتهي فورًا!!.

وأضاف الشيخ: “كان هذا الكلام جديدًا ومفاجئًا لي، ولم أكن أتوقعه، وعرفت ليلتها “النوايا”، وأن المسألة ليست مسألة دعوة وجماعة دينية، وإنما لعبة سياسية، وأغلبية وأقلية، وطموح إلى الحكم. وفي تلك الليلة اتخذت قراري، وهو الابتعاد، وقلت: سلام عليكم، ماليش دعوة بالكلام ده”. (الشعراوي الذي لا نعرف ص 68، 69).

أما بخصوص ابن الشيخ الشعراوي فيقول: “ابني سامي كان في الإخوان؛ وبعد أن شاهدت التحول الذي طرأ على هذه الجماعة قلت له: يا بني أنت أخذت خير الإخوان؛ فابتعد وحجّم نفسك، لأن المسألة انتقلت إلى مراكز قوى وإلى طموح في الحكم. وفعلاً سمع كلامي وابتعد” (نفس المصدر ص 70).

الشعراوي يكشف حقيقة الإخوان وأطماعهم ولماذا تركهم

Exit mobile version