المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

معركة الحرم الإبراهيمي

بقلم: مفتاح شعيب

لا يعدم الجانب الاسرائيلي الحيلة لاختلاق الذرائع واصطناع المعارك لمواصلة الانتهاكات المنهجية على الشعب الفلسطيني ومقدساته. وبعد أن تلقى صفعة تاريخية في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» بتصويت مجلسها التنفيذي في تشرين الأول الماضي على قرار يشدد على أن القدس القديمة مدينة محتلة، ويطالب بوقف التهويد والاستيطان، سيحاول بداية الشهر المقبل التصدي لقرار جديد يصنف الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل ضمن التراث الإنساني.

التقارير والمواقف الصادرة من الجانب الاسرائيلي تشير إلى حملة بدأت منذ فترة لإحباط أي تحرك أممي جديد يضاف إلى خطة المجموعة الدولية في «يونسكو» للحفاظ على التراث الثقافي العربي الإسلامي وطابعه المميز في القدس المحتلة وأساس المسجد الأقصى وبقية المعالم التليدة في كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولإحباط أي مسعى لصالح الشعب الفلسطيني ومن ورائه الأمة العربية، تبذل وزارة الخارجية الاسرائيلية مساعي حثيثة لدى عدد من سفراء الدول الأعضاء في المنظمة الأممية؛ لثنيهم عن التصويت لصالح مشروع القرار الذي يتبناه الجانب الفلسطيني. وإمعاناً في التزوير وقلب الحقائق زعم المندوب الاسرائيلي «كرمل شاما هكوهين» أن الحرم الإبراهيمي هو «أحد أسس التراث اليهودي»، وهذه قمة الجرأة على التاريخ والوقائع. ولهذا كله سيكون اجتماع لجنة التراث العالمي في مدينة كراكوف البولندية ساخناً وصعباً. وفي حال تم التصويت باعتماد الحرم الإبراهيمي ضمن التراث الإنساني، فسيكسب الفلسطينيون ورقة ثمينة ترجح كفة ميزان حقوقهم أمام المجتمع الدولي، بينما سيجد الاحتلال نفسه في دائرة الاتهام بتهديد موقع تراث عالمي لا يجوز تشويهه، بما يقطع الطريق على خطط التهويد والاستيطان، ويجعل الاسرائيليين تحت طائلة المساءلة ولو بعد قرن.

الأقرب للواقع، أن الاحتلال ومتطرفيه لن يلتزموا بالقرار المفترض، وسيعاملونه بازدراء وتجاهل مثلما فعلوا مع جميع القرارات الأممية، وآخرها قرار مجلس الأمن 2334 الداعي إلى وقف الاستيطان، وقرار «يونسكو» الداعم للسيادة الفلسطينية على القدس ومعالمها الدينية المسيحية والإسلامية، وهو ما يثبت أن هذا الاحتلال مازال يتصرف عكس ما ينص القانون الدولي، مدعوماً من بعض القوى الدولية، منها الولايات المتحدة وبريطانيا، وهي حركة تناقض التوجه الدولي العام الذي بدأ يستفيق على حقيقة المشروع الصهيوني، ويناصر الشعب الفلسطيني حتى ينال ما اغتصب منه طوال سبعة عقود أو تزيد.

توالي القرارات الدولية ضد سياسات الاحتلال ومشاريعه، تؤكد مرة أخرى، إن قضية الشعب الفلسطيني بدأت تستقطب الاهتمام والتعاطف، وسيتأكد هذا التوجه في اجتماع لجنة التراث العالمي في الثاني من تموز، وهي لجنة مكونة من 21 دولة، أغلبيتها متعاطفة مع الفلسطينيين وتقاوم المشروع الاسرائيلي في المحافل الدولية. ولهذا السبب تبدو حظوظ الفلسطينيين في كسب المعركة قوية، ولهذا السبب أيضاً يفهم الفزع الاسرائيلي والاستنفار الدبلوماسي الذي يتوخاه لتجنب تلقيه صفعة جديدة. فأي قرار جديد من «يونسكو» يدعم القرار السابق بشأن القدس سيقدم حجة إضافية على تنكر الاحتلال للواقع التاريخي، وهو ما سيساهم تدريجياً في إعادة الحق إلى أصحابه، وترك المحتل منبوذاً.

عن “الخليج”

Exit mobile version