المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

” الشهيد غسان كنفاني في ذكراه : بالدم نكتب لفلسطين “‎

بقلم : فراس الطيراوي عضو الأمانة العامة للشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام / شيكاغو.

لا يمكن لأي باحث أو ناقد أو كاتب أن يتحدث عن الشهيد القائد غسان كنفاني كأديب وقّاص وصحافي دون أن يتحدث عنه مناضلاً سياسياً، وبرأيي لا فصل بين غسان الأديب وغسان المناضل، لا سيما أن حياته القصيرة لم تعرف الفصل بين الفعل والممارسة.
فلهذا لم يكن غسان كنفاني مجرد أديب أو صحافي فلسطيني خدم قضية بلاده حتى آخر لحظات عمره، بل مثَّل منظومة متكاملة للمقاومة الفلسطينية، فحاول تشكيل جيلاً جديداً من المقاومين، شحذوا أقلامهم لإسقاط الضربات بالإحتلال الإسرائيلي، والتي عادلت أحياناً، بل وتجاوزت صوت الرصاص. لذلك، لم يكن من المستغرب أن يسعى الإحتلال الصهيوني الغاشم لإجهاض هذا المشروع في بواكيره، حينما إغتال كنفاني في الثامن من يوليو/تموز عام 1972.بالدم نكتب لفلسطين”.. قالَها غسان وفَعَلها، وهو الكاتِب والأديب والروائي الغزير الإنتاج وكاتب المقالة وأول من كتبَ عن أدب المقاومة في فلسطين، وكاتب الخبر الصَحفي ومُحرّر مجلة الهَدف والناطق الرسمي بإسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والرسام ومريض السُكري إبن السادسة والثلاثين الذي قَضَ مضاجعَ الإحتلال بكتاباتهِ وتصريحاتهِ الصحفية والسياسية أمامَ الرأي العام العالمي، يقال أن مكتبهُ المُتواضِع كانَ يعجُ يوميًا بعشرات المُراسلين من حول العالَم، وكانَ كنفاني الشاب مُقنعًا حادًا واضِحًا لافتًا للأنظارِ، لا يَكل من العَمل في النهار والكتابة الأدبية في الليل حَدَّ المَوت كتَبَ، وعندما قالَ “بالدمِ نكتُب لِفلسطين” صَدقَ ما قال ونالَتهُ يدُ العَدو والمَوت مع لَميس إبنة أختهِ، رحلَ وهو يسعى للوَطن وَلَم يَنَم لِيحلُمَ بهِ فقَط…
“الغزلان تحب أن تموت عند أهلها.. لكن الصقور لا يهمها أين تموت”…
ختاما : سيبقى الشهيد غسان كنفاني من طينة الكبار الذين لا يرحلون ابداً وتبقى أعمالهم ومآثرهم خالدة ومضيئة في زمن العتمة الحالكة التي نعيشها هذه الايام عبر أفكار هدّامة لا يمكن دحضها الا اذا نهلنا من فكر غسان وأمثاله الذين احدثوا في الفكر العربي ثورة متجددة ودائمة على الظلم والتخلف والجهل.
الشهيد غسان كنفاني في سطور : وُلد في عكا، شمال فلسطين، في التاسع من إبريل/نيسان عام 1936، وعاش في يافا حتى مايو/آيار 1948 حين أجبر على اللجوء مع عائلته في بادئ الأمر إلى لبنان ثم الى سوريا. عاش وعمل في دمشق ثم في الكويت وبعد ذلك في بيروت منذ 1960، وفي يوليو/تموز 1972، استشهد في بيروت مع ابنة أخته لميس في انفجار سيارة مفخخة على أيدي عملاء إسرائيليين.
أصدر غسان كنفاني حتى تاريخ إستشهاده ثمانية عشر كتاباً. وكتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني. في أعقاب اغتياله تمت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في طبعات عديدة. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات. وتُرجمت معظم أعمال غسان الأدبية الى سبع عشرة لغة ونُشرت في أكثر من 20 بلداً، وتم إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة. اثنتان من رواياته تحولتا إلى فيلمين سينمائيين. وما زالت أعماله الأدبية التي كتبها بين عامي 1956 و1972 تحظى حتى اليوم بأهمية متزايدة.
ومن أشهر أعماله الأدبية: «رجال في الشمس»، «عائد إلى حيفا»، «أم سعد»، «أرض البرتقال الحزين»، «موت سرير رقم 12».

Exit mobile version