المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

سابقة خطيرة.. بلدية للمستوطنين بالخليل تشريع للاستيطان والتهويد

200 ألف فلسطيني يعيش بينهم نحو 800 مستوطن

قرر وزير جيش الإحتلال الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان منح المستوطنين حق إقامة بلدية خاصة بهم “سلطة إدارة شؤونهم البلدية”وسط مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وذلك معناه أن هناك استقلال تام للمستوطنين عن البلدية الفلسطينية ، والقرار الذي اتخذه ليبرمان الأربعاء الماضي هو الأول من نوعه منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، ومؤشر على بداية مرحلة لترسيخ دولة المستوطنين بشكل مؤسساتي وبصبغة قانونية.

الهدف من وراء هذا القرار وفق ما أكده العديد من المتابعين هو إحلال الصبغة اليهودية الاستيطانية على مدينة الخليل وتغيير معالم البلدة القديمة فيها، وتنفيذ المخطط الاستيطاني بقلب مدينة الخليل والذي يعني شرعنه سلب وقرصنة وضم الأراضي الفلسطينية الخاصة لصالح المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في القدس و الضفة الغربية المحتلة.

وبموجب هذا الأمر الإسرائيلي، سيتم تشكيل مجلس يمثل سكان الحي اليهودي في الخليل، ويوفر خدمات بلدية مستقلة ، ويبلغ عدد سكان الخليل، نحو 200 ألف فلسطيني، يعيش بينهم نحو 800 مستوطن.

وقسمت ترتيبات فلسطينية-إسرائيلية في 1997، الخليل إلى قسمين، الأول وضع 80% من المدينة تحت المسؤولية الكاملة للسلطة الفلسطينية، في حين أن القسم الثاني وضع 20% من مساحة المدينة تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية والمدنية الفلسطينية ، وبقيت المدينة بأكملها منذ ذلك الحين تحت مسؤولية بلدية الخليل الفلسطينية.

عوامل الفوضى والتفجير السكاني

وتعقيبا على قرار ليبرمان بمنح المستوطنين بلدية خاصة بهم لإدارة شؤونهم قال الكاتب و المحلل السياسي مازن صافي، ان قيام إسرائيل بمنح المستوطنين الذين يعيشون في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربيّة، سلطة “إدارة شؤونهم البلدية” بأمر من وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، يعتبر تعديا سافرا على القانون الدولي ومناهضا لكل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ورفضا لكل مساعي وخطط السلام التي تحدثت عنها الإدارات الأمريكية السابقة وإدارة ترامب الحالية، بل تدفع بكل عوامل الفوضى والتفجير السكاني الرافض لهذا الاحتلال وهذا الفصل العنصري.

وحول خطورة هذا القرار أوضح صافي في حديث لـ”وكالة قدس نت للأنباء”، أن الخطورة تكمن بتشكيل مجلس يمثل سكان الحي اليهودي الاستيطاني في الخليل، ويوفر خدمات بلدية لهم في مجالات مختلفة، يتمثل في المعنى الاحتلالي وتوسع المستوطنات في الضفة الغربية، وهذا المجلس الاستيطاني عبارة عن نظام قائم على التفرقة العنصرية (الابرتهايد)، وتعتبر مثل هذه المجالس دافعا للمنظمات الصهيونية في العالم لتقديم الدعم المالي واللوجستي للاستيطان، والضغط على المؤسسات الدولية من أجل عدم اتخاذ إجراءات “عملية” ضد كل العمليات الاحتلالية الاستيطانية، مما يعني إنهاء أي إمكانية لحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس، وتطبيق حق العودة لأبناء شعبنا الفلسطيني.

وأشار صافي إلى أن ما تقوم به إسرائيل”هو مواجهة مفتوحة مع القانون الدولي، والأمم المتحدة التي أصدرت القرار 2334 في ديسمبر 2016، وعرف بقانون ضد الاستيطان واعتبار كل ما تم فوق الأرض الفلسطينية غير شرعي وغير ملزم، كما أصدرت في تموز (يوليو) الماضي 2017، قرارا يعتبر مدينة الخليل القديمة إرثاً عالمياً مهدداً، مما آثار غضب ورفض إسرائيل، وهذا الرفض تترجمه اليوم بالتمهيد الزمني لتنفيذ عملية تهويد وتفريغ متسارع للبلدة القديمة، وخلط الأوراق من أجل طرد أكثر من خمسين الف فلسطيني هناك، مما يعني التغيير التاريخي، والديمغرافي، حيث يبلغ عدد سكان مدينة الخليل نحو 200 ألف فلسطيني، يعيش بينهم نحو 800 مستوطن تحت حماية الجيش الإسرائيلي في عدد من المجمعات الاستيطانية المحصنة في قلب المدينة.

شرعنه سلب وقرصنة وضم الأراضي

هذا ورأت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، أن الأمر والقرار الإسرائيلي بمنح المستوطنين الإسرائيليين بلدية في وسط الخليل، استقلالا عن البلدية الفلسطينية في المدينة ، أن ذلك يعكس الاستهتار الإسرائيلي بكافة القرارات الدولية وخاصة القرار الأخير الصادر عن لجنة التراث العالمي لدي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” والقاضي باعتبار مدينة الخليل القديمة إرثا عالميا مهددا.

وأوضحت (حشد ) أن هذا القرار يشكل انتهاك واضح لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ، وخروجا عن مبدأ عدم جواز ضم الأقاليم المحتلة لدولة الاحتلال، حيث ينظر لهذا المبدأ باعتباره المبدأ لأهم من المبادئ المستقرة في القانون الدولي الذي ينظم العلاقة بين دولة الاحتلال و الدولة المحتلة أراضيها، وفضلاً عما يشكله القرار الإسرائيلي من خرق فاضح لنظام روما الأساسي باعتبار القانون يقوم على مصادرة أراضٍ خاصة من قبل الدولة المحتلة ومنحها لمواطنيها.

وقالت إن هذا القرار يندرج في إطار التنفيذ الفعلي لقانون تسوية الأراضي، المقر في فبراير/ شباط 2017، والذي يعني شرعنه سلب وقرصنة وضم الأراضي الفلسطينية الخاصة لصالح المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في القدس و الضفة الغربية المحتلة، عبر إضفاء الشرعية على الوحدات والبؤر الاستيطانية المنتشرة في مناطق مختلفة في المنطقة المصنفة (ج) ، وضمان ضمها لدولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي.

إلغاء لصلاحية بلدية الخليل ونقلها لبلدية المستوطنين

بدورها أكدت محافظة الخليل، أن إعلان إقامة أو تشكيل سلطة محلية أو بلدية يعتبر إلغاء لاتفاقية الخليل التي تؤكد أن المدينة بشقيها H1 وH2 ، تخضع لصلاحية بلدية الخليل.

واعتبرت المحافظة وفق ما رده تقرير” وكالة قدس نت للأنباء”، أن إقامة أو تشكيل سلطة محلية او بلدية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، هو بمثابة إلغاء لصلاحية بلدية الخليل ونقلها لبلدية المستوطنين، بما في ذلك منح التراخيص والبناء والخدمات التحتية، وتغيير معالم المدينة القديمة، واستباحة السكان وإيقاع مزيد من الظلم والمعاناة على المواطنين.

نتيجة بحث الصور عن بلدية الخليل

وحذرت من خطورة ما يجري وتأثيرات ذلك على الأمن والنظام العام، مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك لحماية الاتفاقيات الدولية وقرار اليونسكو ألأممي بحماية التراث الإنساني، ومؤسسات حقوق الإنسان والطلبة في البلدة القديمة.

وشددت المحافظة، على أن خطة إسرائيل الاستيطانية في قلب المدينة متواصلة ومستمرة، وهي تنفذها على عدة مراحل وبمخططات وطرق مختلفة، منها إغلاق المحال التجارية وتطوير الحواجز العسكرية وإقامة وحدات سكنية ووضع كاميرات المراقبة ونصب الجدران وإغلاق مداخل بيوت المواطنين ونوافذها وتهويد الحرم الإبراهيمي، وفرض سياسة التفتيش المذلة في محيط الحرم وأزقة وحواري البلدة القديمة، وغير ذلك من الممارسات اليومية التي تفرض بقوة السلاح على الأرض.

الترسيم الفعلي للمستوطنات غير القانونية

بدوره قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، بأن إسرائيل بدأت بضم المناطق الفلسطينية إلى سيادتها بقرارها تشكيل «مجلس إدارة شؤون المستوطنين» في الخليل جنوب الضفة الغربية.

وحذر عريقات في بيان من خطورة «بدء الترسيم الفعلي للمستوطنات غير القانونية ومنحها الشرعية والاعتراف بها، ومنحها السيادة على أرض دولة فلسطين المحتلة، في مخالفة صارخة للقوانين والأعراف الدولية وقرارات الأمم المتحدة».

وطالب عريقات المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بالتحرك العاجل لإلزام إسرائيل بالتراجع الفوري عن قرار تشكيل مجلس إدارة شؤون المستوطنين في الخليل.

من جهته أكد الدكتور واصل أبو يوسف الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن إقامة جدار الفصل العنصري في الخليل ومنح المستوطنين في مدينة الخليل سلطة إدارة شؤونهم من قبل حكومة الاحتلال ، إضافة إلى الزحف الاستيطاني المتواصل في مدينة القدس والضفة الغربية بحروب التطهير العرقي والفصل العنصري حيث يجري طرد صامت لأبناء شعبنا وسلب أراضيهم وهدم ومصادرة بيوتهم على قدم وساق ، مما يتطلب تعزيز المقاومة الشعبية بكافة أشكالها من اجل مواجهة الاستيطان وإنهاء الاحتلال والحفاظ على الهوية الفلسطينية ، ومن خلال أيضا التحرك على المستوى الدولي من اجل إعطاء الفلسطينيين الحرية والكرامة والعدالة التي نص عليها القانون الدولي.

ولفت أبو يوسف وفق ما ورده تقرير” وكالة قدس نت للأنباء”، إلى ضرورة التفاعل الشعبي والوحدة الميدانية لأبناء الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والإسلامية في المقاومة الشعبية ، ومواجهة قرارات حكومة غلاة التطرف والاستيطان والحصار وسياساتها القائمة على فرض الأمر الواقع الاحتلالي بالعنف والاكراه والعدوان .

واعتبرت حركة حماس، أن استمرار تصاعد الأنشطة الاستيطانية لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية هو “دليل قاطع على فشل كل مشاريع التسوية”.

وقالت الحركة على لسان الناطق باسمها عبد اللطيف القانوع “إن القرارات الإسرائيلية المتواصلة من حكومة الاحتلال بتصعيد وتيرة الاستيطان وشرعنة البؤر الاستيطانية وتشكيل إدارة للمستوطنين في الخليل هي سابقة خطيرة وتجاوز للخطوط الحمر، ويتحمل الاحتلال النتائج المترتبة على ذلك”، ودعت المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية إلى “تحمل مسؤولياتها ومغادرة مربع الصمت والضغط على الاحتلال لوقف جرائمه وانتهاكاته”.

وتعتبر محافظة الخليل من أكبر المحافظات الفلسطينية، وتحتل موقعا جغرافيا استراتيجيا، ولهذا بدأ التوسع الاستيطاني في الخليل منذ أكثر من مائة عام، واستخدمت “اسرائيل” كل الوسائل الدموية والعنصرية من أجل الاستيلاء على الخليل وتشريد أهلها، وقبل عقدين من الزمن ارتكب المستوطنين المتطرفين جريمة ومجزرة بشعة في الحرم الابراهيمي، التي نفذها الأميركي الإسرائيلي باروخ غولدشتاين، وقتل فيها 29 مسلماً في 1994، وتستمر عقلية الحقد الصهيونية في اختلاق الذرائع المختلفة من أجل استمرار وتوسع عمليات الاستيطان والتهويد والارهاب بحق شعبنا الفلسطيني، والاستيلاء على الممتلكات والمنازل الفلسطينية، من اجل تهجير السكان واحلال المستوطنين مكانهم، لتفريغ الأرض من ساكنيها الاصليين وتزييف التاريخ.

وكالة قدس نت للأنباء

Exit mobile version