المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

قدس «يهودية»؟ متاهة من الجدران!

بقلم: حسن البطل

يتندّر السوريون عن “الجدبة الحمصية”، ومنها أن حمصياً حمل سطلاً، ووضع ساقيه على نهر العاصي بين حمص وحماة، وصار يغرف ماء بدلوه من مجرى النهر باتجاه حماة ويعيده باتجاه حمص!
القدس عقدة أي سلام؛ وعقدة إسرائيل هي أن تغرف سطلاً من “القدس الإسرائيلية” الكبرى، وتصبّها في “القدس اليهودية”، ومن العمليات الحسابية الأربع، اختارت إسرائيل: الجمع، والقسمة، والطرح طيلة نصف قرن من الاحتلال لتهويد لمدينة.
تذكرون كيف رفعوا ضد رابين، بعد أوسلو، تهمة “مقسّم القدس”؛ ثم ضد باراك بعد كامب ديفيد 2000؛ ثم ضد أولمرت عام 2006 ومشروعه “النهائي”!
إلى أين انتهينا؟ إلى مشروع العُمّالي السابق، حاييم رامون، لقدس ذات غالبية يهودية ساحقة، مع طرح أحياء وقرى ألحقتها إسرائيل بالقدس بعد الاحتلال.
من بين مجانين الليكود (وبعضهم حلم بمتروبوليت قدس تمد ذراعيها من البحر إلى النهر)، سيضاف مشروع البرلمانية الليكودية، عنات باركو.
كل سنة عبرية، تعدّ إسرائيل غنمها وحصيلة السنة العبرية 5778 هي أن في إسرائيل 1,8 مليون عربي، من ضمنهم فلسطينيو إسرائيل البالغون 1,35 مليون، وكذا سكان الجولان السوريون.. وسكان القدس الفلسطينيون (ساكن ـ مقيم!).
خلال نصف قرن من الاحتلال، والاستيطان والتهويد، ازداد اليهود في القدس بنسبة 180% لكن ازداد عدد الفلسطينيين فيها بنسبة 368%، أي بنسبة الضعف!
جمع وطرح، يعني توسيع القدس اليهودية مساحة وطرح عديد الفلسطينيين البالغين 330 ألفاً.
القدس الحقيقية هي المُسوَّرة وأسواقها الشهيرة، والبالغة مساحتها كيلو متر واحد، وبعض الأحياء خارجها وفيها 30 ألف مقدسي في “الحوض المقدس”.
مشروع باركو من قسمين وفي نتيجتهما يصير في القدس الشرقية 95% من السكان اليهود، بضعة مواطنين كاملي المواطنية، ويتم لفظ معظم ما ضمّته إسرائيل للقدس عقب الاحتلال، بين جدران أو معازل تذكّر بالغيتوات اليهودية في أوروبا، وينقلون مع مناطقهم إلى السلطة الفلسطينية وعلى مرحلتين: “باء” ثم “ألف”؟
يبقى في القدس 30 ألف فلسطيني، وهؤلاء سيتم فصلهم عن التماس الديمغرافي اليهودي في القدس، بواسطة شبكة من الأنفاق، والجسور المعلّقة، والشوارع الالتفافية. جاء في كتبهم: “شعب يسكن لوحده”!
المجنونة باركو عرضت الخطة على نتنياهو، الذي قال: “لعم” ربما خوفاً من بتسلئيل سموطريتش ونفتالي بينيت، فإذا خبراء الديمغرافيا بلوروا الخطة، فسيعرضها على إدارة ترامب.
حزب العمل، برئاسة زعيمه السابق، اسحاق هيرتسوغ يؤيد الخطوط العامة لتقسيم القدس تحت شعار “إنقاذ” القدس اليهودية!
من زمان طرح البعض في إسرائيل خطة “قدس أبو ديس”، وبعدها طرح الرئيس كلينتون مقولته لتقسيم القدس: “ما هو يهودي الآن يصير إسرائيلياً؛ وما هو عربي الآن يصير فلسطينياً” والحرم القدسي؟ من فوق للفلسطينيين والمسلمين، ومن تحت لليهود؟
بسبب الديمغرافيا العنصرية وعلاقتها بالأمن، انسحب شارون من قطاع غزة بمبادرة “أحادية الجانب”، ولذات السبب تنضم ليكودية هذه المرة، إلى “تقسيم” القدس بمبادرة “أحادية الجانب”، ولكن مع انتحال شعار رامون لـ”إنقاذ” القدس اليهودية.
هل ستفرض إسرائيل على الـ30 ألف فلسطيني في القدس اليهودية الجنسية الإسرائيلية، أم ستبقيهم في خانة “ساكن مقيم”؟. بينيت وأضرابه يقترحون ضمّ معظم المنطقة(ج) في الضفة وإعطاء سكانها الـ200 ألف جنسية إسرائيلية؟
إسرائيل، التي تخشى دولة فلسطينية مستقلة، تخاف أكثر دولةً ثنائية القومية بين النهر والبحر، أي دولة جميع رعاياها، حيث يكاد الميزان الديمغرافي يقف على لسان الميزان قريباً جداً.
كيف قد “يحتل” الفلسطينيون القدس؟ عن طريق التصويت لانتخابات البلدية، دون التصويت للكنيست.
القاطرة والعربة
من أوّل تشرين الأوّل سطر جديد في طي صفحة انقسام طال عقداً من السنوات.. هكذا يبدو الحال. عند يهود إسرائيل، هذا شهر “يوم كيبور” أو حرب “يوم الغفران”.
هل تطلب حماس ـ السنوارية غفراناً واعتذاراً، عن يوم الانقلاب ـ الانقسام؟ هذا سؤال. ما هو جواب الحال؟
كان مشروع “حماس”، قبل وأثناء وبعد الانقلاب، هو إلحاق قاطرة المشروع الوطني بعربة المشروع الإسلامي.
هل نقول إن حماس ـ السنوارية حركة تصحيحية غايتها ربط عربة مشروعها الإسلامي بقاطرة المشروع الوطني؟!
ما وجه المشابهة والاختلاف بين حركة “النهضة” الإسلامية التونسية وحركة “حماس”؟ وهل السنوار الشاب هو راشد الغنوشي العجوز؟

Exit mobile version