المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

الفلسطينيون ينتزعون النصر من أنياب المحكمة

الحارث الحصني

ظل صراع الوجود بالنسبة للفلسطينيين في أراضيهم بالأغوار الشمالية، واحدة من أهم المناطق الاستراتيجية الممتدة على طول الشريط الغربي لنهر الأردن، محور استمرارهم فيها منذ عقود.

وظلت أيضا حياة هؤلاء المواطنين بين المد والجزر في وقوفهم أمام أنياب الجرافات الإسرائيلية، التي حاولت مرارا، وتكرارا طردهم من بيوتهم.

وخلال الشهر الجاري، وضعت ما يسمى بالمحكمة العليا الإسرائيلية، منشآت عشرات العائلات في ثلاثة تجمعات بالأغوار الشمالية، عرضة للهدم في أي وقت، بعد أن رفضت منحهم رخصا لمضاربهم المنتشرة في الأغوار الشمالية.

إلا أن جهودا بذلتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومحافظة طوباس، لانتزاع قرارات احترازية تمنع وقوع كارثة بحق عشرات العائلات في الأغوار الشمالية، وتفريقهم بين ثنايا مستقبل مجهول.

“أخيرا تنفس هؤلاء الصعداء بقرار احترازي لمنع الهدم في تجمعين من أصل ثلاثة”. يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس، معتز بشارات، “أنقذنا ما يقارب 160 مواطنا من هدم منشآتهم في منطقتي مكحول، وحمصة الفوقا”.

وفي تصريح مقتضب لـ”وفا”، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، إن “منطقة الفارسية قيد المتابعة حاليا”.

لكن وبالرغم من ذلك، تبقى منطقة الفارسية وهي أيضا واحدة من التجمعات الفلسطينية في الأغوار الشمالية، تحت سقف الهدم في أية لحظة، بسبب أنه لم يصدر أي قرار احترازي يمنع تدمير كافة الممتلكات فيها.

“نحن ندفع فاتورة تواجدنا في المنطقة” قال أحمد بني عودة، وهو أحد سكان منطقة مكحول.

أضف إلى ذلك، فإن معظم التجمعات الفلسطينية في الأغوار، تحيط بها مستوطنات جائعة لابتلاع المزيد من أراضي المواطنين غصبا.

يقول علي أبو كباش، وهو مواطن من منطقة حمصة الفوقا، “هذه حرب منذ سنين، كلنا يرى أن المستوطن يتوسع كيف يشاء، ونحن يضيق علينا الخناق”.

بالقرب من التجمعات الثلاثة يمكن ملاحظة المستوطنات التي تتربع على قمم الجبال والهضاب المحيط بمساكن المواطنين في المنطقة، بل بدأ منذ عام تقريبا، ظهرت بؤر استيطانية جديدة، تضع طعما آخر مرا من سياسات عنصرية في أفواه الفلسطينيين، كسرقة الأراضي منهم.

“هذا القرار مبدئيا للخامس والعشرين من شهر كانون الاول القادم، وسيمكننا من تأجيل الهدم لفترة طويلة”. قال عساف.

يقول وليد أبو كباش، “رغم القرار الذي صدر هذا الأسبوع، إلا أن الخوف ما زال قائما في أنفسهم، خشية الهدم، ما زلنا مستعدين لاستقبال الجرافات الإسرائيلية (…)، تعرضنا للهدم قبل ثلاثة أعوام”.

وسهل حمصة الفوقا الممتد، يتخذه الاحتلال أوقات التدريبات، مربضا لدباباته وآلياته، التي تحوله إلى ساحات تشبه ساحات الحرب، بشكل سنوي.

يقول أبو كباش، “كل مرة يجري الاحتلال فيها التدريبات يرموننا في العراء ونعود (…)، هذه المرة لو هدموا لنا، أين سنذهب؟ فالاحتلال لا يفرق بين أوراق طابو أو ترخيص”.

وكان الاحتلال هدم لمعظم العائلات في الأغوار الشمالية، بحجة عدم الترخيص وفي وقت طالب فيه الفلسطينيون بأوراق ترخيص رفض الاحتلال لهم ذلك، ليجعلهم في دوامة لا تنتهي.

إذًا تبقى الصورة في الأغوار هي، فلسطينيون يجابهون عنصرية الاحتلال، وينتزعون النصر من أنياب المحكمة، تأكيدا على شرعية تواجدهم في أراضيهم.

Exit mobile version