المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

هيئة الأسرى: لقاء الأسير طحان ونجله المريض بالسرطان لم يتجاوز النصف ساعة

أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، اليوم الاثنين، بأن ادارة سجون الاحتلال نفذت زيارة الأسير المحكوم بالمؤبد رجب الطحان لنجلة المريض بالسرطان مجد (19 عاما)، والقابع في مستشفى هداسا عين كارم، حيث تمت الزيارة فجر اليوم الاثنين، دون حضور أحد من أفراد العائلة.

وقالت الهيئة، في بيان، إن اللقاء الذي جمع الأسير بنجله، والذي لم يتجاوز النصف ساعة لا يمكن وصفه بالكلمات، اجتمعت فيه مشاعر مختلطة من الحزن والفرح والسعادة، بكى فيه الوالد ونجله طوال الزيارة، رغم فرحهما الشديد باللقاء”. فيما أوضحت عائلة الأسير الطحان، أنه تم اغلاق القسم الذي تواجد فيه مجد لحظة الزيارة، لكن المشاعر التي بدت عليه بعد الزيارة لا يمكن التعبير عنها بالكلام، بكاء وحزن شديد تغطى بالسعادة والفرح ولو لـ 30 دقيقة، رأى فيها والده”.

وكانت الطواقم القانونية في الهيئة قد بذلت جهودً مضنية، تواصلت على مدار الأيام الماضية، وتقدمت بأكثر من طلب والتماس للمحكمة الإسرائيلية المركزية في بئر السبع، وتم انتزاع قرار بالسماح للأسير الطحان بزيارة نجله المريض بسرطان الدم، ويمر بوضع صحي خطير جدا.

يذكر أن الأسير رجب الطحان من محرري صفقة شاليط، أعيد اعتقاله عام 2014، وعندما اعتقل المرة الأولى كان عمر مجد 4 أشهر، وأفرج عنه عام 2011، وكان عمر مجد حينها 13 عاما، وعاش مجد في أحضان والده فقط سنتين وثمانية أشهر من أصل 19 عاما، وهي عمر مجد اليوم.

وقد روت هيئة شؤون الأسرى وقائع الزيارة فقالت:

كيف للإنسانية أن تحيا، وفي سجون الاحتلال قصصاً، ترحل بالعقول والقلوب الى اللاممكن للإنسان أن يحتمل، في القصة أدناه سنموت مئة مرة.. حين لا يتعرف الأب الى فلذة كبده…

ما اسمك؟ ما اسم اخوانك وأعمامك وجدك وجدتك؟ بهذه الأسئلة بدأ اللقاء الذي جمع الأسير المقدسي رجب الطحان بنجله المريض بالسرطان مجد، بعد أن سمحت له سلطات الاحتلال بزيارته.
باسم الطحان شقيق الأسير رجب، يقول “في تمام الساعة الرابعة والأربعين دقيقة من فجر اليوم الاثنين، أحاطت وحدات الاحتلال الخاصة مستشفى “هداسا عين كارم”، ودخلت الى القسم المتواجد فيه المريض مجد، وأحضرت الأسير رجب مكبل اليدين والقدمين”.

وأضاف باسم “تجلت كرامة الله في أن يلتقي الأسير رجب بابنه وتتم الزيارة، فلم أتواجد في القسم خلال تلك اللحظات، حيث كان الاحتلال قد اشترط عدم تواجد أحد في غرفة المريض أثناء الزيارة، فيما لم يحدد موعد الزيارة وكانوا قد أخبرونا أنه خلال 3 أيام ستتم الزيارة دون الاعلان عن موعد محدد، وبينما مضت ثوانٍ قليلة جداً على خروجي من غرفة مجد بعد الاطمئنان عليه حتى أدخلوا شقيقي رجب لزيارة نجله، ولو وجدوني لفشلت الزيارة، والحمد لله أن شيئاً بداخلي ألهمني بضرورة مغادرة غرفة مجد”

الأسير رجب لم يتعرف على مجد
وعن تفاصيل اللقاء الذي جمع الأب الأسير بنجله الذي يعاني من مرض سرطان الدم، قال باسم “كنا قد أوصينا مجد بضرورة أن يُظهر قوته أمام والده في أي لحظة يأتي فيها لزيارته، وشاءت الأقدار أن مجد كان يعاني طيلة الليل من آلام في بطنه وظل مستلقياً على السرير، الا في الدقيقة التي دخل فيها والده لزيارته كان مجد قد نهض من السرير قبل ذلك بدقائق، الا أن ثمّة ألم تجلى اذ لم يتعرف رجب على نجله بسبب التغييرات الشكلية التي تسبب بها المرض لمجد”.
ويردف الطحان “في البداية شقيقي الأسير رجب ظن أن ادارة السجون خدعته، وأحضرته الى أحد المرضى وليس الى نجله مجد، ولتدارك ذلك بدأ الأسير رجب يسأل مجد “ما اسمك وما اسم اخوانك وأعمامك وأجدادك؟” بينما مجد يجيب تأكد رجب أن مَن يقف أمامه هو نجله مجد، فاحتضنه وهو مكبل اليدين والقدمين اذ رفض الاحتلال أن ازالتها لحجج أمنية”.
نصف ساعة جمعت الأسير رجب بنجله مجد، نصف ساعة جمعت الأب الذي ينظر لابنه صاحب الملامح التي اختلفت عما تركه قبل أسره، ويتلو عليه آيات من القرآن، ويطلب منه أن يظل قوياً، بينما كانت معاول الحزن والألم تهزّ قلب رجب، الذي كان يحاول أن يظلّ أمام نجله المريض قوياً، ولكن أي روح يمكنها أن تطيق هذا المشهد، أي قلب أب يمكنه أن يرى نجله مريضاً يعاني الألم ويُحرم من البقاء الى جانبه، ومعايشته التفاصيل والتخفيف عنه، أي قلب يمكنه أن يحتمل اختلاف ملامح الابن عن الأب، أي قلب استطاع به مجد أن يثبت أمام عينيّ والده التي كتمت الدموع، ولكنه بعد عودته الى غرف السجون سيذرفها رجب شلالاً على حالة نجله وحالة الفقد والبُعد الذي يعيشها بسبب الاحتلال.

فراق آخر يتجدد بين رجب ومجد، ما هي الا دقائق وأعادت قوات الاحتلال رجب الى سجنه، وعاد الألم يسيطر على مجد ابن العشرين عاماً، والذي تكمن خصوصية حالته أنه كان بعمر الأشهر المعدودة عندما اعتقل الاحتلال والده عام 1998، بتهمة عشق الوطن ومقاومة الاحتلال، ثم أفرج عن رجب في صفقة وفاء الأحرار- شاليط عام 2011، ليخرج ويجد ابنه أصبح فتاً يافعاً، ثم يعيد الاحتلال اعتقاله عام 2014، ويعيد له الحكم السابق ضده وهو المؤبد مدى الحياة، ليعيش رجب مرارة البُعد عن عائلته مجدداً، ويزداد الأمر صعوبة بعد اصابة نجله مجد “آخر العنقود” بالسرطان في الدم.
لا يسعنا أمام هذه التفاصيل الا البكاء، ولا يسع القارئ الا ان يتخيل الموقف بتفاصيله المؤلمة ويبكي، ولكن يظل السؤال الآن ما حال الأسير رجب بعد أن عاد الى سجنه “نفحة” حاملاً معه تفاصيل اللقاء، وبعد أن شاهد نجله بهذه الحالة الصعبة؟ أترى يستطيع قلبه احتمال كل هذا الوجع؟ أترى كيف سيتصبر وكيف ستمضي عليه الأيام بعد اليوم؟ أسئلة صعبة الاجابة عليها ما دمنا تحت احتلال، وربما سنلقى ما لا يُحتمل بعد اليوم”.

Exit mobile version