المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

إعدام كذبة الديمقراطية

بقلم: عمر حلمي الغول

إقرار قانون الإعدام بالقراءة الأولى في الكنيست الأسبوع الماضي، بغض النظر عن نسبة التصويت، او الجدل والنقاش، الذي سيأخذه لاحقا بين الكتل داخل الائتلاف، او مع المعارضة كشف خواء دولة إسرائيل الاستعمارية، وفقدانها لأبسط معايير الدولة المدنية، وعدم صلتها بدول الاتحاد الأوروبي، التي ترفض هذا القانون من حيث المبدأ، وقبل ذلك تناقض ذلك مع مواثيق وقرارات وقوانين الشرعية الدولية، ومعاهدة لاهاي، واتقاقيات جنيف الأربع.
إسرائيل الاستعمارية تسير بخطى حثيثة نحو تعميق سياساتها الفاشية، غير آبهة بأية معايير أو قيم دولية. وتؤكد يوما تلو الآخر على انها دولة فوق القانون، ولا تمت بصلة للديمقراطية عموما والأوروبية خصوصا. وليس مستغربا على دولة قامت استنادا لرواية زائفة، وارتباطا بمشروع كولونيالي فريد يرتكز على فلسفة الإجلاء والإحلال على أنقاض الشعب الفلسطيني، أن تكون دولة مدنية، مهما حاولت التغطية على عوراتها الاستعمارية. ورغم انها في العام 1954 ألغت قانون الإعدام، مع انها طبقته على النازي إيخمان نهاية أيار/مايو 1962 بشكل استثنائي، إلا انها مارسته ونفذته في الواقع آلاف المرات ضد ابناء الشعب الفلسطيني تحت ذرائع وحجج واهية، وقتلت المئات من الشباب والفتيات والأطفال بدم بارد في الميادين والساحات، كما حصل مع الشهيد عبد الفتاح الشريف في الخليل في نهاية آذار 2016، وحرقت عائلات بأكملها، كما حصل مع عائلة دوابشة نهاية تموز 2015.
ومع ذلك أصر ممثلو حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة ليبرمان، وزير الحرب على اعتماد القانون رسميا تحت ذريعة “الردع”. رغم ان الكنيست الإسرائيلي صوت بأغلبية 94 نائبا ضد قانون الإعدام في عام 2013، ورغم ان قادة الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية نصحوا قيادتهم السياسية بعدم ضرورة إقراره، ليس حرصا على الفلسطينيين، ولكن خشية على اليهود الصهاينة في اوروبا وغيرها من الدول، ولحماية مكانة إسرائيل الدولية. أضف إلى انهم يطبقون قانون الإعدام ضد ابناء الشعب الفلسطيني دون الحاجة له.
غير ان دولة الاستعمار الإسرائيلية المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، وبعد اعلان الرئيس دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل قبل شهر أخذت تسابق الزمن في سن المزيد من القوانين والتشريعات العنصرية والفاشية لتتصالح مع طبيعتها، ومكوناتها الاستعمارية، ولتزيل آخر المساحيق عن وجهها المعادي للإنسانية عموما وإنسانية المواطن الفلسطيني خصوصا. ولم تعر انتباها أو التفاتا لنقد سفارة الاتحاد الأوروبي لا من قريب او بعيد، لأن عملية الاستكلاب الليبرمانية في تحقيق إنجاز ولو على حساب مكانة دولته الفاشية أصلا، كانت هاجسه الأساسي. وهو يعلم وأقرانه من حزبه وكتل الإئتلاف اليميني المتطرف الحاكم أن الشعب الفلسطيني المدافع عن حقوقه في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة، لا يأبه به ولا بقوانين دولته الاستعمارية، وهو ماض في النضال قدما حتى تحقيق كامل اهدافه السياسية مهما كان الثمن. وبالتالي من سيدفع ثمن القانون الإجرامي الفاشي هم الإسرائيليون، وليس الفلسطينيون وحدهم.
وأمام هذا التغول الفاشي على العالم المتمدن وخاصة الاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية اتخاذ ما يلزم لردع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية من خلال فك الشراكة معها، وفرض العقوبات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والأمنية عليها. دون ذلك ستواصل إسرائيل المارقة والخارجة على القانون المضي قدما في ممارساتها وانتهاكاتها الإجرامية للقانون الدولي، وتستبيح حياة ومصالح الشعب الفلسطيني دون وازع أخلاقي او قانوني او سياسي، لأنها دولة تفتقد لكل تلك المعايير بحكم نشأتها وتطورها كدولة استعمارية قائمة على فلسفة وسياسة التطهير العرقي لاستكمال مشروعها الاستعماري على كل ارض فلسطين التاريخية في مرحلته الثانية.

Exit mobile version