المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

مقابلة كوميرسانت الروسية مع مستشار الرئيس الفلسطيني للشون الخارجية د. نبيل شعث

أجرت صحيفة كوميرسانت الروسية حواراً مع مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية د. نبيل شعث، نص الحوار:

سيلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطاباً اليوم، في جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في الشرق الأوسط،، حيث يصطدم الرئيس الفلسطيني هنا للمرة الأولى مع الدبلوماسيين الأمريكيين، بعد اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. ووفقاً للرئيس محمود عباس فإن الولايات المتحدة لم تعد وسيطاً في التسوية الفلسطينية الإسرائيلية.

سؤال: عن ماذا سيتحدث الرئيس الفلسطيني في نيويورك؟

الجواب: سيوضح بالتفصيل، لماذا تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير مقبولة بالنسبة لفلسطين، وسيؤكد التزامنا فيما يتعلق بالتسوية السلمية، وسيكرر موقفنا الذي يرفض العنف والاصطدامات، وسيعبر هذه المرة عن الاستعداد للمفاوضات، التي ينبغي أن تؤدي في نهاية المطاف إلى سلام ودولتين وعاصمتين في مدينة واحدة- القدس الشرقية لفلسطين والغربية لإسرائيل.

سؤال: لقد زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أسبوع موسكو، وألتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن ماذا تحدث الزعيمان؟ وهل سيستخدم السيد عباس شيئاً من نتائج هذه الزيارة في خطابة؟

جواب: حديث الرئيسين كان عادياً وصريحاً وبناءاً. وما تم مناقشته في موسكو، أعطانا الثقة في موقفنا قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي. وقد وضع الرئيس أبو مازن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حالتنا مع دونالد ترامب وخطواته التي أدت لإنهاء دور الولايات المتحدة كوسيط وحيد في عملية التسوية. ونطالب بإنشاء آلية دولية جديدة، تكون فيها الولايات المتحدة كأحد العديد من المشاركين.

لقد ناقشنا أفكارنا ليس فقط في موسكو. وأجرينا أنا والسيد الرئيس محادثات مع مختلف قادة العالم- في اليابان والصين وكوريا الجنوبية وأفريقيا الوسطى، وألتقينا وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وقد زارنا مؤخراً في فلسطين رئيس الوزراء الهندي.

الأمر ليس في سياسة ترامب فقط. ولم نعد نعيش في عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة. لقد أصبحت روسيا دولة قوية في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، والصين عملاق اقتصادي. لا يمكن الحديث عن الشرق الأوسط دون أوروبا، واليابان والهند والبرازيل وأفريقيا الوسطى يلعبون دوراً مهماً. العالم تغير، وينبغي تغير صيغة المفاوضات.

سؤال: هل تم التوصل إلى اتفاقيات ملموسة بعد نتائج المحادثات بين عباس وبوتين؟

الجواب: لقد أكدت روسيا رغبتها في مواصلة دعم حقوق الفلسطينيين على أساس مبدأ الدولتين، وعبرت عن استعدادها للانضمام إلى صيغة جديدة متعددة الأطراف، التي نقترح تشكيلها، ولقد ناقش الرئيسين صيغ مختلفة وأشكالات مختلفة. نحن نضغط من أجل عقد مؤتمر دولي جديد بشأن التسوية في موسكو على غرار ما حدث في أنابوليس عام 2007 أو في عام 1991 في مدريد.

سؤال: هل روسيا موافقة؟

الجواب: نعم، كما أنها مستعدة لمناقشة صغية أخرى للمحادثات، كآلية “5+1” التي استخدمت في المحادثات مع إيران بشأن الاتفاق النووي.

سؤال: برأيكم، من ستكون الدولة +1؟

بالنسبة لإيران هذا “+1″، وبالنسبة لنا قد يكون “+3” أو “+4″، إلى جانب الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وقد تشارك إحدى الدول العربية أو اليابان والهند والبرازيل وأفريقيا الوسطى في الصيغة الجديدة. وسنترك قرار الصيغة الجديدة للدول العظمى، وليتفقوا حول ذلك فيما بينهم. لقد اقترح أبو مازن خلال محادثاته مع الرئيس الروسي بوتين صيغة مختلطة، أولاً، الدعوة إلى عقد مؤتمر كبير، يتم من خلاله تشكيل لجنة عمل، وعلى أساس قراراته يمكن مرة آخرى الدعوى إلى عقد مؤتمر. ونعتقد بأنه يجب على الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي أن تلعبان دوراً في تشكيل الصيغة الجديدة للتسوية، ويجب دعم المؤتمر من قبل الأمم المتحدة.

سؤال: في بداية المحادثات مع الوفد الفلسطيني، نقل الرئيس بوتين إلى السيد عباس أطيب التمنيات من السيد دونالد ترامب، الذي تحدث معه بوتين هاتفياً قبل دقائق من لقاء الرئيس الفلسطيني. هل هناك أمور أخرى في الرسالة؟

جواب: لا شيء سوى ما نقله الرئيس بوتين. وعلى ما يبدوا أنه أراد أن يسمع منا نحن، لماذا نرفض وساطة ترامب في عملية السلام، والرئيس عباس أجاب بالتفصيل، وقال الرئيس إنه التقى السيد ترامب أربعة مرات خلال العام الماضي، وكنا مستعدين لاتخاذ خطوة للقاء الولايات المتحدة، لكن ترامب قدم القدس كهدية لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وتوقف عن الحديث عن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ولم ينتقد بناء المستوطنات الإسرائيلية. تبين أنه غير قادر أن يكون وسيط نزيه.

سؤال: هل تفاجىء الوفد الفلسطيني حينما بدأ بوتين المحادثات بتمنيات ترامب؟ كيف استقبلتم ذلك؟

الجواب: أنا واثق بأن الرئيس بوتين تحدث عن حديثته مع ترامب فقط للتوضيح. وكما قال لنا بوتين: “نحن نتفق معكم، أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تكون الوسيط الوحيد، لكن هذا لا يعني أننا نريد بديلاً عنها أو استبعادها”، ونحن نتفق معه. قبل شهرين التقيت في موسكو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وسألني: “هل تريدون استبعاد الولايات المتحدة من عملية المفاوضات؟ وأجبته: “لا، نحن لا نريد أن تستبعدكم الولايات المتحدة”. لقد استبعدوا الجميع، وقرروا إحلال السلام في الشرق الأوسط بأنفسهم، ولكن في كل الوقت كانت منحازة لإسرائيل.

سؤال: هل تستيطع روسيا أن تكون وسيطاً وجسراً لتقارب المواقف بين الولايات المتحدة وفلسطين؟

الجواب: نريد أن تكون روسياً جسراً مع العالم بأكملة، وليس فقط مع الولايات المتحدة. روسيا كانت دائماً شريكاً، ودائماً كانت تريد حل قضية الشرق الأوسط. ونرى ونعترف بدورها في سوريا والخسائر التي فقدتها لانقاذ سوريا من الحرب المدينة والانقسام. ونقيم هذه المسؤولية التي تحملها. إننا لا نريد بناء جسر مع الولايات المتحدة، بل نريد صيغة جديدة للمحادثات، تشارك فيه الولايات المتحدة كأحد المشاركين وليس كلاعب رئيسي.

سؤال: قبل تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس، كانت هنالك تسريبات في وسائل الإعلام، تفيد أن الولايات المتحدة تقترح خطة توفيقية على السلطة الفلسطينية؟

الجواب: مبدأ الدولتين- بالنسبة لنا حل توفيقي. أردنا دولة ديمقراطية واحدة، يعيش فيها اليهود والعرب والمسيحيون معاً، وإسرائيل لا تريد. وفي نهاية المطاف، قبلنا فكرة إنشاء الدولتين. اعتمدنا اتفاقية أوسلو التي وقعت في عام 1993، على الرغم أن الحديث كان يجري عن فترة إنتقالية فقط، ولم نناقش مسألة عودة اللاجئين ووضع القدس ومصير المستوطنات. كان يتعين علينا البث في ذلك كله في إطار الاتفاقيات النهائية، لقد نقلنا من حل وسط إلى حل وسط حتى لم يكن هناك مكان للتراجع، ولذلك قرر أبو مازن إنهاء المفاوضات مع ترامب، ولا يمكن أن يكون هناك حل وسط أكثر من أوسلو.

سؤال: قال الرئيس الفسطيني إن اتفاقية أوسلو قد انتهت؟

الجواب: الإسرائيليون لم ينفذوها، ويتصرفون كما يحلو لهم، وما زلنا دولة تحت الاحتلال.

سؤال: هل هناك عودة حقيقية إلى فكرة التعايش في إطار دولة واحدة؟

الجواب: بالنسبة لنا، هذا ممكن بشرط أن لا تكون دولة الفصل العنصري. ففي عام 1969 كتبت مقالاً حول إمكانية تعايش العرب واليهود في دولة واحدة. وأوضحت للفلسطينيين، ما هي المعاناة التي عاشها اليهود خلال المحرقة، وقلت إن شعبينا الذين خاضا المعاناة والخوف يستطيعون العيش في دولة ديمقراطية واحدة. وقارنت فلسطين بطفل من أسطورة الملك سليمان التي تشترك فيها إمراتان. وقلت إنه إذا كنا أم حقيقية لوطننا فإنه يجب أن نقبل فكرة التعايش في دولة واحدة، ولكن بعد ذلك قدمنا حلاً توفيقياً ووافقنا على إنشاء دولتين.

سؤال: هل أنتم مستعدون لقبول فكرة الدولة الواحدة، وهل سيتفق غالبية الفلسطييين معكم؟

الجواب: الشعب الفلسطيني مستعد لقبول الخيارين، دولة فلسطينية مستقلة تعيش في سلام مع إسرائيل أو دولة ديمقراطية واحدة يتمتع فيها جميع المواطنين بالمساواة أمام القانون، وحرية العيش والعمل في أي مكان، على سبيل المثال- للفلسطينين في حيفا والقدس ولليهود في غزة وطولكرم.

سؤال: إذا لم يكن هناك تقدم في عملية السلام في المستقبل القريب، هل من الممكن أن تندلع انتفاضة جديدة؟

الجواب: الانتفاضة يمكن أن تكون مختلفة، انتفاضة حجارة، كما حدث في عام 1987، وانتفاضة مسلحة، كما حدث في عام 2000، أو انتفاضة المباديء، كما حدث في الصيف بالقدس، عندما عارضنا القيود المفروضة على مدخل الحرم القدسي. دافعنا عن معتقداتنا دون عنف، خرج الناس وصلوا في شوارع القدس. نحن لا نريد انتفاضة، يقتل فيها الفلسطينيون والإسرائيليون بعضهم البعض. وهذا يكلف كلا الجانبين غاليا. نحن نؤيد الانتفاضة السلمية – الإضرابات والمظاهرات والمقالات – حتى يسمع العالم كل ما يريده الشعب الفلسطيني.

سؤال: ما زلنا نتلقى أخبارا عن الهجمات الإرهابية؟

الجواب: السبب في الإسرائيليين. إنهم يواصلون مصادرة أرضنا، ولا يوقوفون المستوطنين والجنود الذين يتصرفون بعدوانية ضد أطفالنا. من المستحيل السيطرة على جميع أولئك الذين يريدون أن يموتوا لمبادئهم الخاصة، من أجل الوطن. لكننا نريد وقف العنف، لكي نوضح لشعبنا أن هناك أملا في وقف الاحتلال. ليس عليك أن تموت من أجل الوطن، يجب أن تعيش من أجل وطنك. الأمل يسهم في عملية السلام، واليأس يؤدي إلى العنف.

أجرى الحوار الصحفية ماريانا بيلينكا

المصدر: صحيفة كوميرسانت الروسية

ترجمة مركز الإعلام

Exit mobile version