المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

مشاريع “كبرى” لحل أزمة المياه في غزة

بعد أن فرغ من رفع آذان العصر في أحد جوامع مخيم جباليا شمال قطاع غزة، حذر المؤذن أهل الحي وجيران المسجد من استخدام المياه في الشبكة الواردة من الخرطوم الأزرق لأنها ملوثة بسبب اختلاطها بمياه عادمة.

المواطن محمد عبد الله (48 عاما)، قال إنه لا يستخدم المياه التي تصل لبيته من شبكة المياه، للشرب لأنها تحتوي أملاحا عالية أو غير نظيفة.

وأضاف عبد الله، الذي يعمل طاهيا في مطعم، أنه يستعيض عن ذلك بشراء “مياه مُفلترة” من شاحنات التوزيع من القطاع الخاص حفاظا على صحة أطفاله الستة.

وتتفاقم أزمة المياه في غزة لعدة أسباب أهمها ازدياد عدد سكان القطاع، المتزامن مع استنزاف تغذية الخزان الجوفي.

ويلزم قطاع غزة سنويا 110 مليون متر مكعب مصدرها الخزان الجوفي الذي من المفترض ألا يزيد الاستخراج منه عن 55-60 مليون متر مكعب، كما قال نائب رئيس سلطة المياه ربحي الشيخ لـ”وفا”.

ويشح الخزان الجوفي لعدة أسباب، أهمها الاحتلال الإسرائيلي الذي أنشأ “مصائد” مياه حول قطاع غزة وانخفاض مستوى الأمطار، أو عرقلة المشاريع التنموية وتدمير البنية التحتية للمياه خلال الاجتياحات والحروب على غزة.

وتتمثل مصائد المياه بطريقتين إنشاء سدود تمنع تدفق سيول الأمطار إلى غزة أو حفر آبار حول القطاع وشفط المياه العذبة.

وقال الشيخ إن أحد أهم المشاريع هو محطة معالجة مجاري شمال غزة التي افتتحها رئيس الوزراء رامي الحمد الله في الثالث عشر من الشهر الجاري، والتي ستعالج 35600 مكعب يوميا لتخدم 350000 نسمة وهم عدد سكان محافظة شمال غزة.

وتعمل الحكومة حاليا على إنشاء محطتي معالجة الأولى وهي المركزية وسط قطاع غزة (شرق مخيم البريج)، لتعالج 60000 متر مكعب لتخدم مدينة غزة ووسط قطاع غزة، والثانية في مدينة خانيونس جنوب غزة لتخدم لتعالج 26000متر مكعب يوميا في مرحلتها الأولى.

وحول محطة شمال غزة، أوضح الشيخ أن المشروع مقسم إلى مراحل، فالأولى بدأت عام 2005 تمثلت في نقل بِرَك تجميع مياه الصرف الصحي شمال غزة من بلدة بيت لاهيا إلى أحواض ترشيح في المنطقة الحدودية شرق جباليا وذلك عبر أنبوب بطول 8 كم، حيث كانت المجاري تُجمّع في أحواض أنشأها الاحتلال لكنها خطرة حيث تحميها أكتاف ترابية بارتفاع 11 متر، ما يشكل خطرا على المواطنين من الفيضان إضافة لتسربها للخزان الجوفي.

وتوفي 5 مواطنين وأصيب 20 آخرين في قرية أم النصر الملاصقة للأحواض عندما انهارت السواتر الترابية لأحد أحواض تجميع مياه الصرف الصحي في بيت لاهيا في شهر آذار/مارس عام 2007، وفقا لتقرير للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

وأشار المركز في تقريره إلى أن جيش الاحتلال هدد بقصف أنبوب نقل المياه العادمة من بيت لاهيا إلى شرق جباليا.

“الخزان الجوفي في مناطق كثيرة في غزة أقل من مستوى سطح البحر بحوالي 12 مترا، أي أن مياه البحر تتسلل له وتزيد نسبة الملوحة”، قال الشيخ.

بعد المعالجة تُرشح المياه إلى خزان جوفي ليتم استرجاعها عبر “آبار استرجاعية” واستخدامها في الزراعة. وهنا أكد الشيخ أن المياه المعالجة لن تختلط بالخزان الجوفي لكن لو وقع ذلك فلا خطر على صحة المواطن.

وأشار الشيخ أن نسبة الكلوريدات (النيترات والكلور وغيرها) المعتمدة وفقا لمنظمة الصحة العالمية هي 250 ملغم/ لتر، لكن في غزة تصل في مناطق إلى 2000 ملغم/ لتر.

ويلجأ سكان قطاع غزة إلى شراء مياه تُوصف أنها معالجة بمحطات ترشيح (فلترة) من شركات خاصة توزع المياه عبر شاحنات وجرارات.

يوسف زملط (29 عاما)، يملك وإخوته محطة ترشيح وبيع مياه في مخيم جباليا شمال غزة، قال إن الطلب يزداد عاما بعد عام.

الأخوة “زملط” حولوا الطابق الأرضي من بيتهم، ذو الطوابق الثلاثة، لـ”محطة” وحفروا بئر مياه لتزويد ماكنة الترشيح، ذات الخمس مصافٍ بالماء.

وقال زملط إنه وإخوته بدأوا العمل في 2014 بشاحنة توزيع ثم توسع عملهم بسبب زيادة الطلب فأسسوا محطتهم ليبيعوا للشاحنات.

وحول تأثير المياه الملوثة على صحة المواطن قال رئيس قسم الجهاز الهضمي والمناظير في المستشفى الاندونيسي شمال غزة علاء أبو وردة، إن التلوث يتمثل بشقين، البيولوجي المتمثل في بعض الفيروسات والبكتيريا والطفيليات، والكيميائي وسببه مخلفات المصانع والمبيدات التي ربما على المدى الطويل تؤدي إلى السرطان.

وأشار أبو وردة أن هذه الفيروسات والبكتيريا تنتقل بشكل أساسي عن طريق شرب المياه الملوثة والعدوى تؤدي لأمراض فتاكة وربما تؤدي للموت.

وضمن جهودها لتخفيف خطر تلوث المياه على المواطنين افتتحت سلطة المياه، بالتعاون مع اليونيسيف ومصلحة مياه بلديات الساحل، محطة تحلية غرب مدينة دير البلح وسط القطاع بتمويل أوروبي بلغ 10 مليون يورو العام الماضي.

Exit mobile version