المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

حديث القدس: ما العمل ؟!

الجامعة العربية ممثلة بوزراء خارجية الدول العربية وقمم قادتها، وآخرها قمة الظهران وكذا منظمة التعاون الإسلامي والأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي سواء في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو في مجلس الأمن إضافة إلى المنظمات الحقوقية الدولية وفي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان والكثير من المنظمات المدنية في مختلف دول العالم، تقف إلى جانب فلسطين وحقوق شعبها وتدين الممارسات الإسرائيلية عموما وخاصة مجزرة غزة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية ضد المدنيين العزل، وطالبت بمحاسبة إسرائيل كما أجمعت على رفض قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي وأكدت تمسكها بحل الدولتين وأن القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة وهي العاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة، ورغم هذا الإجماع الدولي إلا أن الاحتلال الإسرائيلي ضرب بعرض الحائط القانون الدولي وهذا الإجماع العالمي، وواصل ممارساته ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه متحديا العالم أجمع، تماما كما واصل ترامب موقفه المعادي للشعب الفلسطيني رغم كل التحذيرات المسبقة من نقل السفارة ورغم كل القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة التي انتهكها بفظاظة، وهو ما يدفع إلى التساؤل : ما العمل؟
لا شك أن هذه الصورة القاتمة حيث تفرض قوة عظمى في العالم مواقفها اللاأخلاقية وغير القانونية سويا مع دولة احتلال غير مشروع على العالم أجمع بقوة السلاح وبالفيتو الذي تستخدمه واشنطن تباعا لحماية هذا الاحتلال، هذه الصورة تفرض على شعبنا وقيادته أولا وعلى كل أحرار العالم ثانيا البحث عن السبل الكفيلة بالتغلب على هذا الوضع والانتقال بفلسطين خطوات أخرى نحو الحرية والاستقلال.
ومما لا شك فيه أن شعبنا الفلسطيني وقيادته، وكذلك الشعوب العربية والإسلامية ومعها كل أحرار العالم، يمتلكون من الإرادة والأوراق الكثيرة، التي إذا ما استغلت جيدا في هذا الصراع من الممكن أن تقود نحو شق الطريق لتغيير الكثير من المعادلات وضمان تحقيق أهداف شعبنا الوطنية المشروعة.
وإذا كانت إسرائيل ومعها حليفتها الكبرى وبعض المتربصين بشعبنا يأخذون علينا استمرار هذا الانقسام المأساوي ويستخدمونه كذريعة للتهرب من استحقاقات إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، بل إنهم يغذون هذا الانقسام ويعملون على إطالة أمده لتحقيق أهدافهم الخبيثة، فإن الخطوة الأولى التي يجب على قيادات فصائل شعبنا وقواه الوطنية وعلى منظمة التحرير الفلسطينية ممثل شعبنا الشرعي والوحيد، وسلطتنا الوطنية القيام بها، هي العمل على إنهاء هذا الانقسام والتوافق على برنامج كفاحي قابل للتطبيق، ومنسجم مع الشرعية الدولية، لسحب البساط أولا من تحت أقدام من يتذرعون بهذا الانقسام، ومن أجل حشد كل الجهود والطاقات الفلسطينية والعربية، والدولية في مواجهة هذه الغطرسة الأميركية – الإسرائيلية.
لذلك نقول إن مفتاح أي إنجاز على الساحة الدولية بهذا الاتجاه هو بأيدينا، ولا بد للعالم أجمع، وخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل أن يسمع صوتا فلسطينيا واحدا يعبر بوضوح عن حقوق وأهداف شعبنا المشروعة.
وإذا كان شعبنا قد لجأ إلى المقاومة الشعبية السلمية وقوبل بهذا القدر من القمع الوحشي الإسرائيلي وهذا النفاق والعداء الأميركي، فإن على الاحتلال الإسرائيلي وحليفته أميركا أن يتذكرا أن الشرعية الدولية بكل قوانينها ومواقفها المتعارف عليها أتاحت للشعوب الخاضعة للاحتلال كالاحتلال الإسرائيلي أشكالا مختلفة للنضال من أجل انتزاع حريتها. وتخطىء إسرائيل وأميركا خطأ جسيما إذا ما اعتقدتا أن اللجوء إلى المقاومة الشعبية السلمية يعبر عن ضعف الساحة الفلسطينية أو عجزها عن الدفاع عن وجود شعبنا وحقوقه.
ولهذا نقول إن شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية ومعهم كل الشعوب المؤمنة بالحرية والعدالة، يملكون من أساليب المقاومة والضغط ما يمكن أن يزعج الاحتلال وحليفته الكبرى فعلا. ومن بين أوراق الضغط الكثيرة المقاطعة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والعصيان المدني إضافة إلى المقاومة السلمية التي شاهدنا أحد أشكالها مؤخرا وغير ذلك.
إن ما يجب أن يقال هنا إن من غير المعقول أو المقبول أن يتواصل الوضع الراهن بكل ما ترتكبه إسرائيل بدعم أميركي، وبكل ما ينجم عن ذلك من معاناة شعبنا المستمرة منذ عقود، ولذلك يجب أن ندرك جميعا أننا نحن الذين نستطيع رسم اتجاه البوصلة ونحن الذين نستطيع أن نوصل صوتنا للعالم أجمع بشكل مختلف وآليات مختلفة، ونحن الذين نستطيع أن نثبت للاحتلال وحليفته وللعالم أجمع أن الأمن والسلام والاستقرار في هذه المنطقة لا يمكن أن تتحقق طالما هناك من يصر على تجاهل الرقم الفلسطيني الصعب في معادلة الشرق الأوسط.

Exit mobile version