المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

ما بعد انتخابات إسرائيل

بقلم: عبدالله عبد السلام

أيا كان، الفائز بانتخابات اليوم فى إسرائيل، سواء كان ليكود نيتانياهو، أو تحالف أبيض أزرق بزعامة جانتس، فإن المؤكد أن اندفاعة تل أبيب نحو غلق الملفين الفلسطينى والسورى نهائيا، ستكتسب قوة دفع لم تمتلكها منذ ربع قرن على الأقل.
حقائق جديدة توافرات تجعل هذه الاندفاعة ربما تكون بمثابة التأسيس الثانى لإسرائيل، وفى مقدمتها تغيير أيديولوجى كامل على خريطة السياسة الإسرائيلية يتمثل فى سيطرة اليمين بأطيافه. وبعد أن كانت إسرائيل محكومة بحزبين أو تيارين يتنافسان بينهما، يمين ويسار، أصبحت حاليا دولة التيار أو الحزب الواحد. وحسب استطلاع حديث، فإن 50% من الإسرائيليين يعتبرون أنفسهم من اليمين، بينما 10% فقط قالوا إنهم يسار.
هذا اليمين الدينى والسياسي، هو من يحدد الآن وعلى الأرجح خلال السنوات القليلة المقبلة الأجندة الداخلية والخارجية، ولذلك، فإن أى فائز آخر غير نيتانياهو سيكون مجبرا على مراعاة هذا المزاج اليميني.
ويكفى رد فعل الطبقة السياسية الإسرائيلية على قرار ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان لمعرفة مدى الحالة المتطرفة التى وصلت إليها إسرائيل سياسيا. لقد تسابق السياسيون على الاشادة بالخطوة دون أن يجرؤ أحد منهم على القول بأن مايحدث أقرب للجنون.. فإسرائيل تعرف أن الجولان سورية، وهى تفاوضت مع سوريا لإعادتها وتركز الخلاف على ضمانات منع استخدام الهضبة ضدها. وبالتأكيد، فإن أى سياسى سيتفوه بذلك سينتهى مستقبله السياسي.
الأخطر فى الأجندة الجديدة، هو ما تعتزم إسرائيل فعله بالملف الفلسطيني، فلم يعد وقف المفاوضات واستبعاد حل الدولتين وبناء المستوطنات يشفى غليل اليمين، فالمطلوب الآن إضفاء الشرعية على ما تم احتلاله وضمه لإسرائيل ومطالبة العالم بمباركة ذلك، والمحصلة ستكون دفن القضية الفلسطينية. إنها استراتيجية: ما أٌخذ بالقوة، سنحتفظ به بالقوة، حسب تعبير صائب عريقات.
كان من الممكن وقف الاندفاعة أو لجمها لو لم تتغير قواعد اللعبة عالميا أيضا، فإدارة ترامب شطبت المباديء التى أقرها العالم لتسوية النزاع الإسرائيلى الفلسطيني، وجعلت التوجهات الإسرائيلية، سياستها المعتمدة.
الانتخابات الإسرائيلية إذن لن تخلق وضعا جديدا لكنها ستكون كاشفة للموجود فعلا.

عن الأهرام المصرية

Exit mobile version