المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

لما لا تسجن حماس نتانياهو؟

بقلم: جمال نزال
عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمتحدث باسمها

باستطاعة شخصين اثنين في 2019 أن يفتحا باب السجن لنتانياهو ويغلقانه وهو فيه كظيم. ليبرمان و السنوار. ليبرمان يتهم نتانياهو بالتراخي مع حماس و البزنسات السياسية “التفاهمات” معها على البقاء. التفاهم على بقائه في الحكم وبقائها في الحكم وتبادل المساعدة على تحقيق الهدف الواحد. جاران متحابان متعاونان. ثمة نموذج أكبر للعداء اللفظي والصداقة العملية بين إسرائيل وطرف آخر معروف أنه يتسيد قرار حماس منذ عقود. يوجد حرب نووية كلامية بين إيران وإسرائيل منذ سقوط الشاة. يقوم الطرفان خلالها يوميا بإبادة بعضهما البعض. إيران تقول: “سنمحو إسرائيل” ونتانياهو يقول “سنضرب إيران”. وفي الواقع لا يوجد إبادة ولا ضرب. يوجد تآمر صامت وحروب كلامية يجني الطرفان ثمرتها مزيدا من التأييد الشعبي على بطولات خاوية لا تأت بشيء حقيقي سوى تثبيت الأمر الواقع.
وعشية كل انتخبات يلجأ نتانياهو لحماس فيسخن الأجواء وتتبرع له بتصريحين غبيين اثنين أو ثلاثة تتعلق معظمها بالإبادة والحسم وسبعين ألف صاروخ على تل أبيت وفتح باب جهنم وما إلى ذلك من بلاغيات الهراء السخيف الذي يضمن بقاء حليفها في الحكم.
أخطر الحروب التي كات تجرد حماس من الحكم تمت في عهد كان فيه الليكود خارج السلطة! هل فوجئتم؟ في 2014 كان الحكم لتسيفي ليفني وأولمرت من كديما وباراك وزير الدفاع كان رئيس حزب العمل اليساري!
وحده الليكود يثير اطمئنان حماس. هل نسي البعض أن شارون مكن حماس من الوصول للسلطة وهو يفرض حصار التسلح على السلطة الوطنية فاتحا الأفاق لحماس كي تهرب ما حلى لها من متفجرات وأسلحة متنوعة الأشكال؟ شارون رئيس الليكود حتى وإن أسس كديما لاحقا ومات.
سيقول البعض إن رابين اليساري هو من أسس حماس. هذا صحيح ولكنه هو من وقع أوسلو التي رأت فيها حماس تهديدا وجوديا فنفذت عشرات العمليات الانتحارية التي جاءت بنتانياهو للحكم وتسببت بقتل رابين فارتاح بال حماس. نتانياهو لن ينس أن موجة التفجيرات في 1996 هي من جاء به للحكم ولن ينس فضل حماس في هذا.
قليل من الرياضيات: إذا صوت الوسط العربي الفلسطيني في انتخابات الكنيست بنسبة 70% فما فوق لا يمكن لليمين الإسرائيلي أن يحكم. حماس تفهم بالمال وفي الرياضيت والإحصاء ولا تفقه شيئا في السياسة إلا القليل. وبرغم من ذلك فإن موهبتها في حسابها لأموال التبرعات ولدت فيها ملكة الرياضيات وهي سر إبداعها في الإعلام الاجتماعي وتجييش الذباب الذي يسطيع نشر ألف تعليق على بوست واحد خلال دقائق من الف حساب وهمي. من هنا قدرتها في تحليل الأرقام والبرمجة.
دور حماس في انتخابات الكنيست.
خذ لك سرا مخيفا: في انتخابات الكنيست الماضية طلب تنظيم الإخوان مسلمين العالمي من مؤيديه فيما يسمى إسرائيل عدم المشاركة في انتخابات الكنيست! ذلك أدى لانخفاض نسبة التصويت في الوسط العربي وبالتالي لتقليل نصيب الوسط الفلسطينية من مقاعد الكنيست وبموجب ذلك ضمن اليمين أغلبيته المطلوبة لولا؟؟؟؟ لولا ليبرمان الذي لا يحب حماس كما يحبها نتانياهو!
إن لم يكن هذا صحيحا فلماذ يفطن الحوامس للبطولات الاعلامية فقط قبل الانتخابات في اسرائيل فيبدأون أحاديثهم المضحكة: في الحرب القادمة سنحتل مستوطنات الغلاف. وندمر تل أبيب!
تعرفون التالي: مستوطنات الغلاف تصوت لليكود بشكل مذهل لانها الأكثر تعرضا للتخويف من نتانياهو نفسه. تل أبيب نقطة ضعفه ولهذا تكرر حماس تهديدها بقصف تل أبيب لتساعده فيها. نقطة قوته في المستوطنات ولهذا لا تتعرض للذكر في بلاغيات حماس من قريب أو بعيد.
والآن: إذا نجح نتانياهو بتشكيل حكومة سيلتزم التحالف بتوفير شبكة أمان قانونية تعفيه من المحاكمة. وإذا فشل في تشكيل حكومة فسوف يذهب للسجن ومعه غيار داخلي وشبشب وفرشاة أسنان وكتاب بعنوان: كيف خذلتني حماس؟
هذا الكتب قيد الطباعة الآن ولكنه قد لا ينشر ما لم يوقع عليه السنوار.
ليبرمان من جهته يستطيع أن يلقي بوالدته من قطار سريع أو أن يطبخ رأس كلبه أو تبادل غيار داخلي مستعمل مع غانتس ولكنه لم يعد قادرا على الجلوس مع نتانياهو على طاولة واحدة. وعندما يغلق صندوق الاقتراع يركب ليبرمان أول طائرة إلى أوروبا ويقضي إجازة بينما يعرق نتاياهو في المفاصلة ببازار التحالفات.
السؤال: مع من ستقف حماس؟
من التجربة نقول: لن تفرط بالليكود فهو ضامن بقائها الوحيد في إسرائيل.
هذا التحليل مستند على أن التصعيد الميداني المتفق عليه مفيد لنتانياهو الذي كان جالسا في غرفة مكيفة تطل على البحر وأمامه وشعبه غداء فاخر. فبدل أن يذهب لاستراحة الطهيرة فطن لفكرة تساعده في الانتخابات. ضرب ايران والعراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين في أسبوع واحد! لماذا؟؟ هل هجموا عليه فجأة ووصلوا تل أبيب؟ إذا الجواب لا فلماذا سكت عنهم طوال الفترة الماضية وهم تهديد مزعوم وغير حقيقي؟ لا سبب لهذا الهجوم الا رغبته في استخدام التصعيد ليظهر لجمهور الليلكود أنكم أمام تهديد وجودي. العرب سفاحون يريدون قتل كل اليهود. إيران تهديد خطير. سوريا لديها صواريخ. وحزب الله وحماس يريدان ذبحنا!
عقلية الانغلاق الليكودية متعفنة وتستقبل هذا الطرح المنافي لمعطيات الواقع في أبسط صورها ولكن عند الأحزاب الأيديولوجية يسود الوهم على الحقيقة. وما الحقيقة؟؟
أولا: إيران لم تطلق رصاصة واحد باتجاه إسرائيل من ثلاثة آلاف عام.
ثانيا: سوريا لا تشكل بأي شكل تهديد لإسرائيل.
ثالثا: العراق لم يلق صاروخا على إسرائيل منذ 1991.
رابعا: حزب الله لم يعتد على إسرائيل ولا شيء منذ 2006.
خامسا: حماس مع التفاهاهمات لا أملك إلا نفسي وأخي.
ملاحظتان اثنتان لا ثالث لهما:
أولا: السابق ذكرهم الكرام هم فريق الممانعة السابق الذي رفض بشدة ما يسمى علمية السلام وعمل بقوة على تقويضها.
ثانيا: نتانياهو هو من فتح الباب لقتل صانعي عملية السلام. رابين. ومن ثم قام شارون بقتل ياسر عرفات.
هل اتضحت خارطة لافرقاء. نحن أمام فريقين. حماس والليكود في نفس الفريق.

Exit mobile version