المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

إذا تمكَّن نتنياهو من زِرِّ التفجير؟!

بقلم: موفّق مطر

لم يُفاجئنا نتنياهو بجديد في مؤتمره الصحفي أمس، ولكن إذا ظل العالم الضامن لعملية السلام صامتا، ولم يتحرك لفكفكة مخطط ترامب نتنياهو قبل استكمال ربط عجلة تل أبيب بالهيكل الأصلي في واشنطن، وإذا لم تدرك أوروبا سريعا أنها لن تسلم من شرار ولهب أي نيران سيشعلها نتنياهو في الشرق الوسط، حينها سنفاجأ من ضحالة التعقل والحكمة الأوروبية وقصر نظر منظريها الاستراتيجيين، فالولايات المتحدة تحتمي بالأطلسي، لكن أوروبا على حدود الشرق الأوسط، الذي لن يظل هادئا ولن ينتظر الفعل حتى يرد الفعل!.
سنفاجأ إن أمعن المجتمع الإسرائيلي في التطرّف ومكّن نتنياهو في الانتخابات بعد ثمانية أيام من زر التفجير، وسنفاجأ أكثر إن ظن هؤلاء اليمينيون المتطرفون الإرهابيون أنهم سيكونون بمأمن، أو إن اعتقدوا أن باستطاعة ترامب حمايتهم إلى مالا نهاية، وستبلغ المفاجأة ذروتها إن لم يعتقدوا ولو لمرة أن ترامب يستخدمهم وسيكونون ضحايا سياسته الاستعمارية، ورغبات نتنياهو السلطوية ونزعاته ومصالحه الشخصية، تماما كما استخدم المستعمرون الكبار أجدادهم وكانوا ضحايا الحركة الصهيونية بعدنا نحن الشعب الفلسطيني.
مخطئ أي واحد في هذا العالم إذا اعتقد أنَّ الشعب الفلسطيني قد أعدم وسائله الكفاحية المشروعة والمقررة في القوانين الدولية، ومخطئ من يعتقد أن توجه القيادة الفلسطينية في مسار الحل السياسي والمفاوضات ليس محمولا على إرادة شعب عظيم مشهود له بالكفاح والنضال، إرادة أولها جذور حضارية إنسانية وطنية عربية ضاربة في أعماق أرض فلسطين وآخرها في السماء السابعة، فنحن مازلنا على القسم، ومازال عهدنا على الوفاء للوطن قائما، ومازالت دماء حركة تحررنا الوطنية شابة، لم ولن يشوبها وهن أبدًا.
لأنّه الظل الممتد لدونالد ترامب، ولأنه رئيس حكومة دولة احتلال استيطاني عنصرية متمردة على القانون الدولي، كما إدارة الولايات المتحدة الأميركية في عهد الاستعماري بلفور الثاني (ترامب)، ولأنه يعمل على إعلان مسؤولية اليمين المتطرف الارهابي في إسرائيل عن اغتيال عملية السلام صراحة ودون مواربة، إذ يرى في ذلك عملا بطوليا، يضيفه إلى سجل الأرقام القياسية التي حققها في أطول فترة حكم لرئيس وزراء منذ إنشاء هذه الدولة الناقصة، يسعى نتنياهو لحشد اليمين المتطرف في (دولته اليهودية) ليتسنى له اقتحام أسوار الشرعية الدولي، وأخذ ذات الموقع الذي أخذه هرتزل الذي كان اليد الضاربة لبريطانيا العظمى الاستعمارية آنذاك، فيما نتنياهو يتولى ذات المهمة ولكن ليكون اليد الضاربة للولايات المتحدة الأميركية، التي تعيد العالم إلى عهد الحملات الاستعمارية وان كانت ببعض التعديلات، لكن نتنياهو يحتاج إلى تحقيق مجموعة أهداف هنا على الأرض قبل أن يبدأ فعليًّا بتطبيق الوعد الاستعماري الجديد، وعد ترامب (بلفور الثاني) والانطلاق لتنفيذ الجزء الآخر من خريطة إسرائيل الكبرى!!
بدأ نتنياهو إلغاء ما تبقى من الحقوق السياسية لمليوني عربي فلسطيني مازالوا صامدين داخل حدود العام 1948 على ارض فلسطين التاريخية والطبيعية وحرمان بسلاح قانون القومية، وحاول عبر قانون وضع الكاميرات في المركز الانتخابية بذريعة تزوير العرب للانتخابات إلى خلق فوضى وحالة من العنف تبرر له إصدار قرارات تمنع العرب تحديدا من التصويت في الانتخابات للكنيست وبذلك يحول العرب إلى مجرد سكان مقيمين لا يملكون الحد الأدنى من المواطنة، وقد صرح بذلك عندما قال ردا على صحفية: “إن إسرائيل ليست لكل مواطنيها، وإنّما لليهود فقط”، وبذات المعمعة سيجرف نتنياهو اليسار الذي اعتبر التصويت له خيانة، ما يعني انه لن يسمح بوجود صوت ينادي بالسلام في إسرائيل، أو يعمل بالتوافق مع الشرعية الدولية على حل سياسي على أساس دولتين، فتصبح دولة نتنياهو التي يريدها يهودية يمينية إرهابية متطرفة خالصة بلا منازع وهذا امر لابد منه لتثبيت الانقلاب على العالم.
نتنياهو في الهدف الآخر يسعى لحرمان نحو10 ملايين فلسطيني من إنجاز استقلالهم في دولة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران من العام 1967، وتمكين اللاجئين منهم من تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي أقرّت حقوقهم بالعودة إلى ديارهم وأراضيهم والتعويض أيضًا، لأن هذا الاستقلال سيمنع دولته من أداء وظيفتها التي ما أنشئت إلا من أجلها، وهي تنفيذ مخططات إدارة ترامب القاضية بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط جغرافيا وسكانيا على أسس طائفية ومذهبية وعرقية تتيح لإسرائيل بلوغ المئة عام على الأقل كما يحلم نتنياهو، وكما يعتقد الإنجيليون البروتستانتيون (الصهاينة الإنجيليون) في الولايات المتحدة الأميركية وأغلبهم ينتمون لحزب ترامب الجمهوري، وتهيئة المنطقة للمعركة الفاصلة (هارمجيدون)!!
لن نتنازل عن أهدافنا، وما كنا قد قبلناه كاستجابة لنداء المجتمع الدولي، ولن نقبل أن يسجل علينا التاريخ ولو كلمة واحدة ليست من التي ثبتناها في قواميس الكرامة والعزة والحرية والاستقلال، والحكمة والشجاعة، فليخدع نتنياهو ناخبيه كما يشاء، أو فليكن الجندي الأقوى في وحدة ترامب الخاصة مطيعا أعمى كما يشاء، لكن مشيئتنا نحن الشعب الفلسطيني، ومشيئة قيادتنا الوطنية أكبر وأعظم من قدرات ترامب ونتنياهو، فإمبراطوريات كثيرة مرت على هذه الأرض وجلت عنها، لكن الشعب الفلسطيني ظل باقيًا، لأنه قدر هذه الأرض ومشيئتها العظيمة.

Exit mobile version